(عدن توداي)
في منتصف القرن السابع الهجري برزت في الساحة السياسية الحضرمية دولة آل يماني في منطقة تريم، أسسها السلطان مسعود بن يماني بن لبيد، والذي يعود نسبه إلى آل تميم القبيلة الظنية النهدية القضاعية اليمانية، دخلت هذه الدولة الناشئة في صراعات مع جيرانها وتوسعت يمينًا وشمالًا، حتى بلغت أوج توسعها من شبوة غربا حتى ظفار شرقًا، واستمرت لمدة ثلاثة قرون، توالى على حُكمها اثنا عشر سلطانا حتى سقطت عام ٩٢٦ه على يد الدولة الكثيرية.
تفرق بعدها آل يماني في الأرض، فكانت لهم هجرات متعددة، فمنهم من هاجر إلى شبوة ووصل إلى منطقة (نصاب) وأقام هناك أزمنة طويلة، ثم عنَّ لهذا البيت أن يغادر غربا حتى استقر بهم المقام في منطقة لحج في كنف السلطنة العبدلية، وهناك أسسوا مدينتهم (جول اليماني).
في جول اليماني ولد الشيخ الدكتور فضل بن صنبور اليماني مؤلف هذا الكتاب، عام ١٩٥٧م، وشق طريقه في الحياة بعزم وهمة لا تلينان، فانطلق بعد الثانوية إلى جمهورية مصر العربية لدراسة الطيران وقضى هناك مدة أتقن فيها اللغة الإنجليزية وقطع شوطا كبيراً في دراسته إلا أنها حصلت ظروف سياسية حالت بينه وبين إكمال دراسته للطيران، فأراد الله له خيراً مما أراد لنفسه، فاتجه إلى المملكة العربية السعودية وحصّل بعض العلوم في معهد الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على صاحبها أفصل الصلاة والسلام، جرت معادلتها بالليسانس في الشريعة واللغة العربية، وتنقلت به الأقدار والأسفار وعاد إلى موطنه وتابع دراساته وبحوثه وقراءاته وحصل في عدن على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون، ثم رحل إلى السودان ليعود حاملا الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص، وهذا ما أهّله للعمل مديرا عاما لمحكمة الاستئناف بمحافظة لحج، حتى عُيِّن أخيراً مستشارا لوزير العدل،
ومرت السنون وتغيرت الظروف والرجل في كده واجتهاده ومثابرته، واستمر في أسفاره وتنقلاته حتى لكأنه المعني بقول الشاعر ابن زريق البغدادي في عينيته المشهورة:
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
أما معرفتي بالشيخ فضل فقد كانت على ضفاف وادي النيل، فلقيته مرة أو مرتين بصحبة بعض الإخوة، ثم دعاني إلى زيارته في محل إقامته في مدينة زايد بالقاهرة وكانت تلك الليلة بداية لقصة طويلة في علاقتي بالشيخ، فقد عرفته عن قرب وبان لي أن الرجل طموحٌ بعيدُ الهمة ذو عزيمة تفلُّ الصخور، فقد أطلعت على ما كان يعالجه من أعمال علمية وما لديه من حصيلة معرفية، وفي تلك الليلة أطلعت على باكورة أعماله العلمية وهو كتابه: (لا ريب فيه) والذي كان لي شرف حث الشيخ على طباعته والسعي معه عند دور النشر في القاهرة حتى خرج في أحسن حلة عن دار البشير للنشر والتوزيع، وتوالى إنتاج الشيخ فصدر بعده كتاب: (وما يعلم تأويله إلا الله)، ثم كتاب: (وهذا كتاب أنزلناه) فكتاب: (أحكام الإفلاس) وكتاب: ( الوقاية من الإفلاس)، وكتاب: (قصة الخلق الأول) وكتاب: (قصة الرسالة الأولى)، وكتاب: (المخدرات وأحكامها) و(التحكيم أصول وضوابط) وكتاب (حقوق الإنسان في الإسلام) مجلدان كبيران وخاتمتها كتاب (الطب الشرعي)، وكلها طُبعت ونشرت ودخلت معارض الكتاب الدولية.
ثم تُوجِّت هذه الكتب أخيرًا بهذا السفر الجميل البديع المفيد: (الدعوة إلى الله فريضة شرعية وضرورة إنسانية)، وقد عكفت على قراءته أياما وحلّقتُ في رحابه، فكانت صفحاته سطورًا لخبيرٍ قضى عمره ما بين العلم والدعوة والمحاكم والأسفار، فسكب كل خبراته في هذا الكتاب ليكون دستورا للدعاة وخارطة طريق للعاملين في سبيل الله تعالى والقائمين على ثغور الدعوة إلى الإسلام، ففيه حقائق وآداب وأحكام وتصورات ونماذج، مدعما بالأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة والتابعين ومن تبعهم من الدعاة والمصلحين.
ولكم تمنيت وأنا أقرأ الكتاب أن يُطبع هذا الكتاب بكميات كبيرة ويوزع على الدعاة إلى الله تعالى ليضيء لهم الطريق ويمهد لهم السبيل حتى لا تتعثر الخطى وتزل الأقدام.
وفي الأخير أقول إنه لا يزال في ذخيرة الشيخ الكثير والكثير مما يستحق أن يسطره قلمُهُ ويخرج إلى الناس، وليته يكتب ذكرياته ففيها الكثير من العبر والدروس التي تنير الطريق للسائرين وتشحن النفوس بالقوة والهمة والإصرار.
والله الهادي إلى سواء السبيل
أبو زين ناصر الوليدي
عدن/ ١٨/ ١٠/ ١٤٤٦ه.
مقالات ذات صلة
مجلس المقاومة الشعبية بتعز يرحب بزيارة الرئيس العليمي ويطالبه بدعم استكمال التحرير
مكتب الصحة والسكان يؤكد على التفاعل الإيجابي لمنع إطلاق الاعيرة النارية .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news