خلال 30 يوما من تدشين القوات الأمريكية عمليات ضد جماعة الحوثيين، ذراع إيران في اليمن المصنفة كمنظمة إرهابية، كانت مواقع وثكنات الجماعة في مديرية "مجزر" بمحافظة مأرب، مسرحا لموجة متلاحقة من الغارات الجوية، وهدفا لأكثر من 35 هجمة شنتها المقاتلات الأمريكية منذ 15 مارس الماضي.
تقع مديرية مجزر إلى شمالي غرب محافظة مأرب، على الحدود الإدارية الرابطة بين ثلاث محافظات، شمالي شرق اليمن.
إذ ترتبط المديرية جغرافيا بثلاث من مديريات محافظة الجوف شمالا، هي: الحزم، الخلق، الغيل. غربا، ترتبط بمديرية نهم، أكبر مديريات محافظة صنعاء جغرافيا وإحدى أهم البوابات الشرقية للعاصمة صنعاء.
ومنها يمر الطريق الرئيسي الذي يربط صنعاء، المحافظة والعاصمة، بمحافظة مأرب والمحافظات الشرقية، كما يمر منها الطريق الرئيسي الذي يربط صنعاء بمحافظة الجوف. تلك الطرق تلتقي في "مفرق الجوف" الحيوي، الذي يقع في نطاق مجزر. عند هذا المفترق تنتهي المساحات الصحراوية بداية نقيل "الفرضة" الاستراتيجي، وهو خط الهبوط والصعود بين مرتفعات صنعاء ومناطق الصحراء.
وتمتد سلسلة جبال نهم على الأطراف الغربية لمجزر، وترتبط بسلسلة جبال هيلان الاستراتيجية بصرواح مأرب. وفيها موقع شركة استخراج الذهب في "صلب".
وفي مجزر يقع "معسكر ماس" وهو أحد أهم معسكرات الجيش اليمني، ومعسكرات أخرى باتجاه الجوف.
تفرض الحوثية سيطرتها على المديرية منذ فبراير 2020، بعد تمكن الجماعة من كسب جولة مواجهات عنيفة مع القوات الحكومية، حققت خلالها الجماعة مكاسب جغرافيا في مأرب والجوف.
عسكريا، تعتبر المنطقة نسق متقدم لجماعة الحوثيين ضمن مسرح جبهاتها مع قوات الجيش اليمني والمقاومة، ومنع أي اقتراب من مواقعها وثكناتها في الجبال.
وتستفيد الحوثية من الطرق الرئيسية بين صنعاء ومأرب والجوف كخطوط إمداد، وهو ما منحها تفوقا لتحريك قواتها ومعداتها القتالية، وتسهيل ارتباط جبهاتها.
ضمن جغرافيا مديرية مجزر تقع منطقة تمركز (الأشراف) التي تمتد في مناطق متقاربة بين مأرب والجوف، وفي نطاق أراضيها الخصبة تقع قلعة "براقش" التاريخية، عاصمة المملكة المعينية. تعتبر الحوثية (الأشراف) إحدى حواضنها.
تلك الجغرافيا امتدت إليها حروب الحوثية منذ عام 2014، قبل سيطرة الجماعة على العاصمة في صنعاء وفرض سطوتها على الدولة اليمنية.
غارات متلاحقة
خلال الأيام الأولى من بدء الهجمات الأمريكية، استهدفت الغارات مواقع وثكنات حوثية في مجزر، وهي المرة الأولى تطال الضربات الأمريكية تلك المنطقة منذ مطلع العام الماضي.
وقد نشرت القيادة المركزية الأمريكية لقطات مصورة لهجمات جوية استهدفت مقرا للحوثيين في مجزر، يقع قرب مفرق الصلب إلى الشرق من الطريق الرئيسي الرابط بين مأرب وصنعاء.
ثم توالت الغارات مستهدفة ثكنات ومواقع الجماعة.
قامت الحوثية بنشر أسلحة وذخائر متطورة في تلك المنطقة، واستطاعت منذ ما بعد بدء سريان الهدنة الأممية تطوير شبكة أنفاق وتحصينات وإنشاء مخابئ لتخزين ونشر صواريخ باليستية وذخائر دفاع جوي وطائرات مسيرة، وتأمين تموضع مرابض ومنصات إطلاق، ثابتة ومُتنقلة، أسفل الجبال والمرتفعات الحاكمة وفي الوديان، كما قامت بنشر أنظمة توجيه وتقنية مراقبة ومحطات اتصالات ورادارات.
ونقلت الجماعة خلال الفترة الأخيرة قطع حربية وأسلحة ثقيلة، دبابات ومدفعية، ومعدات أشغال عسكرية إلى خطوط التماس ومواقع قريبة، ضمن استراتيجية الحوثية لإعادة تعبئة قدراتها العسكرية واستعداداتها لجولات جديدة من الحروب، ومحاولاتها المستمرة اجتياح مأرب، منطقة تمركز الحكومة الشرعية والقوات المناوئة للحوثية، والتمدد شرقا نحو مناطق النفط والغاز.
مصادر "ديفانس لاين" رصدت استخدام الحوثية لمنطقة مجزر ومناطق قريبة لإطلاق صواريخ باليستية وطائرة غير مأهولة بعيدة المدى باتجاه البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، منذ نوفمبر 2023م.
تستفيد الجماعة من المساحات الصحراوية والوديان وبعض المخابئ كمنصات إطلاق، كما تستفيد من المغارات والكهوف الواسعة في منطقة براقش، وهي شبكة مخابئ قديمة كانت ضمن الحاميات للدولة المعينية، قامت الجماعة بتطويرها واستخدمتها منذ عام 2014 لتخزين كميات هائلة من السلاح والذخائر، وتستخدمها لاحقا لتوزيع مخابئ متفرعة للصواريخ والطائرات ومنصات إطلاق لتقليل خسائر تعرضها للهجمات، وتسهيل تحريك منصات إطلاق إلى مواقع قريبة وعودتها إلى مخابئها.
معلومات ومصادر "ديفانس لاين" تفيد بأن سلسة الغارات قد تمكنت من تدمير مخازن ومقار وأعتدة وأنظمة توجيه ومنصات صاروخية وقواعد طائرات مسيرة ومراكز قيادة وسيطرة، وطالت أهدافا نشطة وقوات متحركة، كما طالت قيادات ميدانية حوثية وخبراء وفنيين في مجال الصواريخ والطيران المسير.
واستهدفت الغارات قوة بشرية حوثية في معسكر تدريبي يقع قرب "مفرق الجوف، أسفل نقيل الفرضة".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news