اسامة الكاف
في بلد أنهكته الحروب، وتآكلته الأزمات، حدثت معجزة إدارية نادرة: وزارة التربية والتعليم في عدن عقدت اجتماعاً! مشهد نادر، يستحق أن يُسجل في التاريخ، ليس لأنه جاء بحلول، بل لأن مجرد اجتماعهم كان كمن يسمع نبأ ظهور الديناصورات مجددًا!
ولأن عقولنا البسيطة ما زالت تملك بقايا أمل، توهمنا للحظة أن الاجتماع جاء لمناقشة الإضراب الكارثي الذي جعل طلاب عدن يعيشون أطول إجازة قسرية في تاريخ التعليم، ستة أشهر بلا مدرسة، بلا كتب، بلا علم.
لكن، للأسف، كان الهدف أعظم من مجرد إنقاذ التعليم — الاجتماع عُقد لتوزيع “كعكة الإشراف” على لجان الامتحانات للمدارس !
فعليهم ان يفهموا ان المناصب قبل المبادئ، والمكاسب قبل التلاميذ.
أما معالي وزير التعليم النائم، فهو يبدو وكأنه قرر أن يعتكف داخل غرفة النوم الوزارية حتى إشعار آخر.
لا تصريحات، لا حلول، لا تحرك، فقط صمت أبدي وراحة ضمير يحسد عليها، وكأن التعليم مجرد لعبة “بازل” معطلة لا تستحق حتى نظرة عطف.
ولا تكتمل الكارثة إلا بوجود “نقابة المعلمين”، التي تحولت فجأة من مدافعة عن الحقوق، إلى سيف سياسي مشرّع فوق رقاب طلاب عدن.
النقابة، التي رفعت شعار “الإضراب حق مشروع”، مارست قهرًا من نوع آخر، حين أغلقت مدارس عدن الحكومية بالقوة، لتجبر آلاف الطلاب على النزوح الإجباري نحو مدارس التجهيل ، بينما أبناء قياداتها انتقلوا بسهولة وسلاسة إلى المدارس الخاصة، لأنهم محسوبون على مكونات سياسية تحجز لهم مقاعد جاهزة، وتضمن لهم تعليمًا مريحًا بعيدًا عن صراع الشعارات.
كيف نفسر هذا؟
المعلم صار سياسي قبل أن يكون مربي، والنقابة تحولت من صوت للمعلمين إلى ذراع حزبي يوزع الفرص على المقربين، ويترك أبناء البسطاء بلا مستقبل، لأنهم ببساطة لا يملكون “واسطة سياسية”!
النتيجة؟
بلد يتجه بخطى واثقة نحو الأمية الجماعية، وسط غياب حكومي مريب، وصمت نقابي مخجل، واستغلال سياسي قذر لأبسط حقوق الإنسان: حق التعليم.
أبشروا، فالعلم في عدن صار سلعة، والتلاميذ مجرد ضحايا حرب جديدة — حرب “النقابات” و”الانتقالات” و”الحقائب الوزارية”… بينما معالي الوزير النائم يحلم، ربما، بمدرسة مثالية لم تُبنى بعد، ولن تُبنى أبداً!
#سياسة_تجهيل
#امتحانات
#التعليم
#متداول
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news