تكشف التطورات الأخيرة عن نمط مألوف في استراتيجية إيران الإقليمية، حيث تستخدم طهران أدواتها العسكرية والسياسية في المنطقة، وعلى رأسها ميليشيا الحوثي، كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي.
البحر الأحمر كساحة للمناورة السياسية
يأتي الإعلان المفاجئ عن استعداد الحوثيين لوقف الهجمات في البحر الأحمر في توقيت بالغ الدلالة، إذ يتزامن مع جولة جديدة من المحادثات النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن في العاصمة العمانية مسقط. هذا التزامن يعزز فرضية وجود تنسيق تكتيكي بين طهران وأذرعها الإقليمية، حيث تتحول الجبهات المشتعلة إلى أدوات ضغط تُرفع أو تُخفض بحسب الحاجة التفاوضية.
تصعيد محسوب: بين التهديد والتهدئة
يرى محللون أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر ليس معزولًا عن السياسة الإيرانية، بل هو جزء من أدوات تفاوضية تستخدمها إيران لزيادة نفوذها في المفاوضات دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الغرب. وقف الهجمات قد يُقدّم كمؤشر على حسن النوايا، لكنه لا يعني إنهاء التهديد، إذ يظل الاستهداف قائمًا، ما يُبقي على ورقة الضغط بيد إيران.
ربط الملفات: النووي والإقليمي في سلة واحدة
تمتلك إيران تاريخًا من استخدام الأذرع العسكرية، من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن، كأدوات سياسية لتشكيل موازين القوى الإقليمية وربط الملفات الأمنية بالنووية. هذه السياسة المتعددة الأبعاد تمكّن طهران من المناورة على أكثر من جبهة، وفرض واقع ميداني يخدم مصالحها التفاوضية.
مشهد إقليمي متوتر واستثمار في الفوضى
وسط بيئة إقليمية متوترة وظروف دولية تبحث عن الاستقرار، تدرك إيران أن الفوضى المدارة تمنحها نفوذًا إضافيًا. فهي تُبقي على إمكانية التصعيد، لكنها لا تُغلق باب التهدئة، بل تستخدمه عندما تقتضي الضرورة السياسية أو الاقتصادية.
البحر الأحمر رهينة التقدم في مسقط
في ظل غياب اتفاق نهائي بشأن الملف النووي، يبقى البحر الأحمر جبهة مرشحة للاشتعال أو التهدئة، وفق ما تُمليه نتائج المفاوضات. فكل تقدم في مسقط قد يُترجم إلى تهدئة في البحر الأحمر، والعكس صحيح. إنها مناورة مزدوجة تُظهر براعة إيران في اللعب على الحبال الدقيقة بين التصعيد والتهدئة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news