أيُغقل أن يفرح اليمنيون بقصف وطنهم؟!

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 155 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
أيُغقل أن يفرح اليمنيون بقصف وطنهم؟!

تقارير خاصة

كتب /صلاح الدين الأسدي:

في يناير من عام 2014، عاشت اليمن لحظة تاريخية نادرة؛ فقد اختُتم مؤتمر الحوار الوطني وسط أجواء احتفالية عمت مختلف المحافظات، بدا الوطن حينها قاب قوسين أو أدنى من الدخول في عهدٍ جديد عبر دستور اتحادي صيغ بتوافق نادر بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية، شاملاً المرأة والشباب، ومستجيبًا لأهم القضايا الوطنية بروح جامعة. كان المواطن اليمني يأمل بدولة اتحادية حديثة، ذات أقاليم وطنية، تحترم التنوع وتحفظ الكرامة، بينما كانت الدولة تشهد استقرارًا ملحوظًا على المستويات السياسية والاقتصادية والخدمية، وتنهض في مجالات الإعلام والبنية التحتية. بدا وكأن البلد، الذي عانى طويلًا، أخيرًا التقط أنفاسه.

لكن في الظلام، كانت هناك يدٌ خفية تعبث، وعيونٌ خارجية ترقب الفرصة للانقضاض على هذا الحلم الذي بدأ يتشكل، ففي خضم هذه الأجواء التفاؤلية، كانت المليشيات الحوثية – المتحالفة عقائديًا وسياسيًا مع إيران – تُعد العدة لاجتياح الحلم اليمني، فتم الكشف عن سفينتين إيرانيتين، "جيهان 1" و"جيهان 2"، محملتين بالأسلحة في عام 2012، ثم ضُبطت خليتان حوثيتان تتخابران مع عناصر إيرانية ضمن مهمة تجسسية صريحة، في مؤشرات واضحة على نوايا مبيتة.

وبالنظر إلى وضع الشارع اليمني آنذاك، فإن المرتبات كانت تُصرف بانتظام، والمدارس والجامعات والمعاهد تعج بالطلاب، والمساجد عامرة، والسيادة الوطنية مصانة، إلا أن مشروعًا إرهابيًا ولد في كهوف صعدة كان يتحين اللحظة لتقويض كل ذلك، بدأ بإشعال الفتنة في دماج، ثم في كتاف، حيث انطلقت شرارة الحرب الطائفية، ورغم تحذيرات العلماء حينها من فتنة كبرى قد تلتهم البلاد، لم تُؤخذ التحذيرات بالجدية الكافية.

ثم جاء اليوم المشؤوم: 21 سبتمبر 2014، حين دخلت المليشيا الحوثية صنعاء..عندها لم تسقط العاصمة فقط، بل سقطت هيبة الدولة، وسقطت معها المبادئ الجمهورية، لتبدأ حقبة من الانتهاكات لم يعرفها اليمن من قبل. اقتحمت المنازل، وصُورت غرف نوم الساسة، وانفجرت المساجد، وخُطف الصحفيون والناشطون، وطوردت الأحزاب السياسية، وفرضت الجماعة مشرفيها على كل وزارة ومؤسسة.

ولم تقف عند الداخل، بل تجاوزت الحدود في 12 مارس 2015، حين أجرت مناورة عسكرية على تخوم السعودية، بحضور عناصر إيرانية، في رسالة فجّة تقول إن اليمن أصبح ضمن الهلال الإيراني، وجزءًا من مشروع فارسي يتغلغل في جسد الأمة.

تحولت اليمن إلى ساحة حرب مفتوحة، وتلاشى الاستقرار، وانقطعت المرتبات، وسيطرت المليشيا على الموارد العامة من الجمارك إلى النفط، والاتصالات، والضرائب، والميناء، وحتى الزكاة، وأطلقت سوقًا سوداء لا تهدأ.. جندت الأطفال، وحرفت المناهج، وزرعت الألغام، وقصفت المدن، وأغرقت البلاد في أسوأ أزمة إنسانية شهدتها في تاريخها الحديث.

ومع كل ذلك، رفضت المليشيا كل فرص الحوار، ولم تستجب لمبادرات السلام، بل زادت تعنتًا كلما لاحت بارقة أمل..وعندما أعلنت الهدنة في 2022، طُلب منها الانخراط في حوار وطني شامل يُنهي النزاع ويخفف من كلفة الحرب، لكنها رفضت بإيعاز إيراني، وسرعان ما اتجهت نحو البحر لتهاجم الملاحة الدولية، تحت لافتة "نصرة فلسطين"، بينما لا علاقة حقيقية لتحركاتها بالقضية الفلسطينية، بقدر ما هي خضوع مطلق لأوامر إيرانية تخدم مصالح محور طهران - موسكو - بكين.

وها هي اليوم تُقحم اليمن في صراع جديد يتجاوز حدوده، وتجر عليه قصفًا دوليًا، من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، حرب جديدة توسعت رقعتها واشتدت وطأتها، والنتيجة واحدة: المزيد من الخراب والدمار.

أما إيران، التي تتبجح بـ"دعم المقاومة"، فقد خذلت غزة، وقتلت رئيس مكتب السياسي للمقاومة الفلسطينية في عقر دارها، كما خذلت بيروت من قبل، وسلّمت مناطق جنوب لبنان للعدو المحتل برسم الحدود والهدن طويلة الأمد، بل ولم تجرؤ على إطلاق "طماشة" واحدة نحو الأراضي المحتلة. بدلاً من ذلك، حولت اليمن إلى حقل تجارب وصندوق بريد للصراع، بينما تقف هي متفرجة على تدمير البلاد، غير عابئة بمصير شعب كامل.

فهل يُعقل بعد كل ذلك أن يفرح اليمني بقصف وطنه، حتى وإن كان من يضربه هو عدو عدوه؟! من ذا الذي يفرح برؤية بيوت جيرانه مهدمة على رؤوس ساكنيها، وأطفاله مرتعبين من هدير الطائرات؟! 

من يرضى أن يُهان وطنه حتى في خصوماته؟!

لا أحد! بل تتحمل المليشيات كل هذا الخراب والدمار التي جلبته من أصقاع العالم.

الفرح الحقيقي لليمني يكون عندما يرى بلده مستقلًا، آمنًا، مستقرًا، سيدًا على قراره، لا تابِعًا لمشاريع خارجية تعبث به وتستنزف دمه.. الفرح يكون عندما ينتهي هذا الانقلاب، ويعود اليمن لأهله، وتُستعاد الجمهورية المغدورة، وتُمحى آثار الكهنوت الملطخ بدماء الأبرياء.

أما السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح، فليس: هل يفرح اليمنيون بالقصف؟ بل: متى يتم القضاء على هذا المشروع الإيراني الخبيث الذي اختطف اليمن وجرّه من النور إلى الظلام، ومن الأمن إلى الخوف ومن الاستقرار الاقتصادي والخدمي إلى الفقر المدقع والموت من الجوع على الأرصفة؟!

ذاك هو السؤال الذي ينبغي أن يُسمع صداه في كل بيت، وأن تُبنى عليه كل الإجابات.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

قرار جديد لمجلس الامن بشأن التسوية السياسية الجديدة لانهاء الحرب في اليمن

وطن نيوز | 483 قراءة 

النيابة تحيل ملف الوديعة المالية للمراجعة بعد شبهات فساد بمليارات الريالات

تهامة 24 | 456 قراءة 

علامة ديني يمني يُقتل داخل منزله على يد أحد أفراد أسرته

نيوز لاين | 379 قراءة 

العد التنازلي بدأ: خبير اقتصادي يحذر من انهيار وشيك في قطاع الصرافة

نيوز لاين | 355 قراءة 

عدن: ضبط فتيات وشبان في وضع مخل بالآداب العامة بساحل أبين

كريتر سكاي | 294 قراءة 

”صنعاء وعدن مجرد أوراق على طاولة القوى الكبرى؟!” –البيض يُفجّر مفاجأة عن حقيقة السيادة في اليمن

المشهد اليمني | 282 قراءة 

طرد قائد عسكري من حضرموت!

العربي نيوز | 246 قراءة 

تفاصيل جديدة بشان الرجل الذي عثر على لص نائم داخل بيته تحت التكييف بعدن

كريتر سكاي | 239 قراءة 

المؤتمر يكشف مصير امينه الاحول

الحدث اليوم | 222 قراءة 

من يصنع القرار في اليمن؟ وهل صنعاء وعدن مجرد أوراق على طاولة الآخرين: البيض يجيب

يني يمن | 201 قراءة