سما نيوز /متابعات
أبارك قرار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الأخ عيدروس بن قاسم الزبيدي، القاضي بتشكيل لجنة تحضيرية لإنشاء مجلس الشيوخ، وأعتبره خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح وفي التوقيت المناسب.
إن أهمية وضرورة إنشاء مجلس الشيوخ تكمن في كونه يلبي جملة من الاستحقاقات اللازمة لمعالجة معضلة تكرار “فشل الدولة” في اليمن، حيث يلبي هذا المجلس استحقاقات عدة، أهمها:
استحقاق علاجي
: يفرض ضرورة الاعتراف بحقيقة فشل “النظم الجمهورية” في كافة الدول العربية، ونجاح الدول الملكية، باعتبار أن الاعتراف بالمشكلة يمثل نصف علاجها.
استحقاق واقعي
: يفرض ضرورة الاعتراف بالواقع الاجتماعي المكون من تجمعات بشرية راسخة بحكم التاريخ والجغرافيا، تمكنت من الحفاظ على تماسكها الاجتماعي رغم تكرار محاولات القضاء عليها أو تجاوزها.
استحقاق سياسي
: لخلق “آلية سياسية” مجربة دولياً، يمكنها كبح جماح “الراديكالية” و”التطرف” الذي يتكرر حدوثه عند كل تغيير في اليمن، وهو ما يمثل أهم أسباب تكرار “فشل الدولة” فيها.
استحقاق اجتماعي
: يضمن التوازن السياسي، ويسمح بالتغيير دون “انهيار الدولة”، وتكرار البدء من “الصفر” في بناء هياكل الدولة في كل مرة تتم فيها عملية التغيير.
استحقاق إقليمي
: تفرضه متطلبات انضمام دولة اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، وضرورة توافق نظامها السياسي مع “مستقبل” أنظمة الحكم في دول المجلس الأخرى.
استحقاق أخلاقي
: يفرض ضرورة لمعالجة الظلم الذي تعرض له السلاطين والشيوخ دون مبرر.
استحقاق اقتصادي
: يتطلبه الدور الإيجابي الذي يمكن أن يقوم به أعضاء مجلس الشيوخ في جذب الاستثمار إلى اليمن.
استحقاق إصلاحي استراتيجي
: يمكنه أن يستوعب القوى السياسية والاجتماعية التي تم إقصاؤها كنتيجة لثورتي أكتوبر وسبتمبر، وأثبتت ثورتا الحراك الجنوبي والربيع العربي ثقلها الاجتماعي والسياسي.
أود أن أؤكد أن إنشاء مجلس الشيوخ لا يعني تمزيق البلد والعودة إلى السلطنات والمشيخات والقبائل، بل هو آلية سياسية مجربة دولياً وعربياً لتقاسم السلطة والثروة، بما يسمح بتوحيد الواقع الاجتماعي المتشكل من تجمعات بشرية متصارعة، وبالتالي إنشاء دولة مستقرة سياسياً وأمنياً.
كما أؤكد أن إنشاء مجلس الشيوخ لا يعني إقصاء وتهميش مدينتي عدن وتعز، ولا تراجعاً عن هدف بناء الدولة المدنية، فمجالس الشيوخ في مختلف الدول لم تقصِ المدن الكبرى، بل كانت من أهم وسائل تقاسم السلطة وضمان الاستقرار السياسي وتسريع وتيرة الانتقال إلى الدولة المدنية.
أعتقد أن توقيت إعلان هذا القرار يصب في إطار رسائل “جزرة” موجهة لأكبر القوى السياسية التي تم إقصاؤها بنتيجة ثورتي سبتمبر وأكتوبر، أي “جماعة الحوثي”، بما يؤكد لها عملياً أن هناك توجهاً صادقاً لاستيعابها سياسياً فيما لو تخلت عن “تطرفها السياسي” وسارت على طريق السلام.
د. محمد حسين حلبوب
عضو الحراك الجنوبي المشارك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news