استعراض خاص بـ”يمن ديلي نيوز”:
رجاء بن حيوة هو نجل حيوة بن جرول بن الأحنف بن السمط بن عمرو بن معاوية الأكرمين الكندي.
والد رجاء بن حيوة، من أهل مدينة تريم والذين انتقلوا إلى الشام أيام الفتوحات العربية الإسلامية واستقر بها كغيره من الامراء اليمنيين، مثل امرؤ القيس بن عابس وشرحبيل بن حسنة وغيرهم.
أسلم والده بعهد الرسول الكريم لكن لم تصرح المصادر بصحبته، فكأنه لم يفد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومؤدى ذلك أن صحبته محتملة وليست مؤكدة.
لقد كان والد رجاء بن حيوة، من رجالات اليمن الذين دخلوا فلسطين واستقروا بها في الفتوحات وساهموا مع أولادهم في تأسيس عصرها الحضاري العربي الإسلامي الذين كان من أبرز معالمه عمارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة بإشراف رجاء بن حيوة.
دخل اسم حيوة التاريخ وخلد اسمه لأنه والد رجاء بن حيوة الكندي، فأعطى الابن اسم أبيه الخلود في ذاكرة التاريخ.
نشأ رجاء بن حيوة وتعلم في فلسطين على يد كوكبة من العلماء الصحابة اليمنيين الذين استقروا بالشام وحملوا لواء العلم والفقه ونشروا المعارف في ربوعها.
عمارة رجاء للمسجد الأقصى وقبة الصخرة
لمار أرد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وكّل بالعمل لذلك رجاء بن حيوة الكندي ومولاه يزيد بن سلام، وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة.
وكان الذي يرسل الأموال إلى رجاء بن حيوة – بموجب التوجيهات العامة لعبد الملك بن مروان – هو قبيصة بن ذؤيب الخزاعي اليمني صاحب ديوان بيت المال والسكة والخاتم في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، وقد أنجز رجاء، بناء قبة الصخرة وعمارة المسجد الأقصى قبل سنة 73هجرية.
واستمر في تفخيم القبة والمسجد حتى أكمل إنجاز العمل سنة 73هجرية، فإذا هو أعظم عمل معماري على وجه الأرض حينها، وأيضا أعظم عمل معماري في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية منذ شروق فجر الإسلام.
لما فرغ رجاء بن حيوة من عمارة المسجد الأقصى والقبة على أكمل الوجوه، فاض من المال الذي أنفقه على ذلك 600 مثقال من الذهب، كتب رجاء بن حيوة وقبيصة الخزاعي إلى عبد الملك بن مروان يخبراه بذلك وأنهما وهما مافاض من المال له.
فرد عليهما أمير المؤمنين، “إذا ابيتما أن تقبلاه فأفرغاه في القبة والأبواب”، فأفرغاه صحائفا مزخرفة من الذهب على القبة والأبواب، وبذلك تم بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة في القدس الشريف بفلسطين.
فضائله
لقد سمع رجاء بن حيوة ثم روى أحاديث نبوية من عدد من الصحابة في دمشق منهم عدي بن عميرة الكندي. قال الحافظ بن حجر: عدي بن عميرة الكندي: “صحابي معروف له أحاديث في صحيح مسلم وغيره”.
روى النسائي وأحمد بن حنبل والبغوي من طريق رجاء بن حيوة عن عدي بن عميرة قال: كان بن امرى القيس ورجل من حضرموت خصومة، فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للحضرمي: بينتك وإلا فيمينه؟ فقال يا رسول الله إن حلف ذهب بأرضي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حلف على يمين كاذبة يقتطع بها حق أخيه لقي الله وهو عليه غضبان”، فقال أمرؤ القيس: يا رسول الله فما لمن تركها وهو يعلم أنه محق؟ قال: الجنة. قال: فإني أشهدك أني قد تركتها. إسناده صحيح.
رأيه في أتباع عبدالرحمن بن الأشعث
عندما قضى عبد الملك بن مروان على انشقاق عبد الرحمن بن الاشعث، كان لرجاء بن حيوة موقفا محمودا نصح فيه وأشار على عبد الملك بن مروان مشورة طيبة بكلام بليغ.
وفي ذلك قال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين: ” قال رجاء بن حيوة لعبد الملك بن مروان في أسارى ابن الاشعث: ان الله قد أعطاك ما تحب من الظفر، فأعط الله ما يحب من العفو”.
كان رجاء بن حيوة من الوزراء والمستشارين لعبد الملك بن مروان، وكان تابعيا جليلا، واعظا فصيحا عالما، كبير القدر، ثقة فاضل عدل، وزير صدق لخلفاء بني أمية، ولم يزل رجاء بن حيوة كذلك إلى خلافة عمر بن عبد العزيز.
دوره في خلافة عمر بن عبدالعزيز
كان رجاء بن حيوة وزيراً وكاتباً لولي العهد أمير فلسطين سليمان بن عبد الملك.
كان سليمان بن عبدالملك رجلا حكيما زاهدا متواضعاً، يعرف الأمور الحسنة وكان يستشير ويسمع من رجاء بن حيوة وعمر بن عبد العزيز ابن عمه.
وقد كان لرجاء بن حيوة بالذات رأيا ومشورة في تولية الكثير من الولاة بقرينة ما ذكره الطبري من أنه: عهد سليمان بن عبد الملك في كتابه لبعض بنيه وهو غلام لم يبلغ.
فقال له رجاء بن حيوة، ما تصنع يا أمير المؤمنين أنه مما يحفظ الخليفة في قبره أن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح.
فقال له سليمان: فمن ترى؟ قال رجاء: رأيك يا أمير المؤمنين وأنا أريد أن أنظر من تذكر”. فقال سليمان: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقال رجاء: أعلمه ـ والله ـ خيرا فاضلا صالحا. فقال سليمان: هو والله على ذلك.
عندما وُلّي عمر بن عبد العزيز الخلافة بعث الى محمد بن كعب ورجاء بن حيوة الكندي وسالم بن عبد الله، فقال لهم: قد ترون ما ابتليت به وما قد نزل بي، فما عندكم؟ فقال محمد بن كعب: اجعل الشيخ أبا، والشاب أخا، والصغير ولدا، وبر أباك، وصل أخاك، وتعطف على ولدك.
وقال رجاء بن حيوة الكندي اليماني: إرض للناس ما ترضها لنفسك، وما كرهت أن يؤت إليك فلا تأته إليهم، واعلم أنك خليفة تموت، وقال سالم: اجعل الامر واحدا، وصم عن شهوات الدنيا، واجعل آخر فطرك فيه الموت”.
وكان عمر بن عبدالعزيز يستشير رجاء بن حيوة في إقرار أو عزل أو تولية الولاة الأمراء والعمال على الولايات الأقاليم والأقطار، واختيار وتأمير خيرة الأمراء والعمال، وكان رجاء يشير على عمر في ذلك بالمشورة الصادقة.
وكان رجاء بن حيوة ملازما لـلخليفة عمر بن عبدالعزيز، خلال فترة حكمة من 99 ـ وحتى حضرته الوفاة لخمس بقين من رجب، سنة 101هـ، في دير سِمعان من أرض حمص”، وقد أوصى الخليفة عمر بن عبدالعزيز، إلى رجاء، يومئذ أن يغسله ويكفنه بنفسه، وقد فعل ذلك.
وفاته
ذكر العلماء لـ رجاء مناقب ومآثر كثيرة حفظتها تراجم عظماء وعلام الأمة العربية والإسلامية، كان من أبرزها وأهمها هو عمارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ودوره في استخلاف عمر بن عبد العزيز، ووزارته لسليمان بن عبد الملك عليه رحمة الله.
لم يزل رجاء بن حيوة الكندي اليماني سيد علماء الشام، وانتقل في أواخر حياته من دمشق الى فلسطين، فعاش في أكناف بيت المقدس الى أن رجعت نفسه المطمئنة الى ربها راضية مرضية، فتوفي فيها وذلك في سنة 112هجرية، رحمه الله وغفر له ورضي عنه وأرضاه.
سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:
الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات
الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول
الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء
الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن
الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن
الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها
الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا
الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية
الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي
الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن
الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب
”
الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى
الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله
الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت
الحلقة السادسة عشرة: “روبرت سرجنت” في مهمة دراسة الثقافة اليمنية
الحلقة لسابعة عشرة: جورج وايمان بري “جاسوس” بريطاني بعباءة مستكشف
الحلقة الثامنة عشر: رحلة الفرنسي “جان جاك بيربي” في البلاد المعزولة
الحلقة التاسعة عشرة: الألماني “سيتزن”: اكتشف اليمن ولم تُكتشف وفاته الغامضة في تعز
الحلقة العشرون: “لانجر”: مهمة علمية انتهت بترحيل 22 نقشاً حميرياً إلى فيينا
الحلقة الحادية والعشرون:“فارتيما”.. أقدم قصة تجسس لصالح البرتغال في اليمن
الحلقة الثانية والعشرون: القنصل الفرنسي “أرنو” الذي أصبح باحث آثار في مأرب
الحلقة الثالثة والعشرون: “انجرامز” ومهمة تثبيت أقدام بريطانيا في حضرموت
الحلقة الرابعة والخمسون: عرفجة بن هرثمة البارقي “قائد أول غزوة بحرية في الإسلام
الحلقة الخامسة والخمسون: حسام بن ضرار الكلبي “آخر ولاة الأندلس العظماء
”
الحلقة السادسة والخمسون: سعيد بن قيس العاقب ذو زود “زعيم همدان في العراق
”
الحلقة السابعة والخمسون: عمير ذو مران قائد همدان وجدّ رئيس الوزراء عبدالعزيز عبدالغني
الحلقة الثامنة والخمسون: مالك بن ذي المشعار الهمداني “كبير أقيال حاشد وبكيل”
مرتبط
الوسوم
يمانيون في موكب الرسول
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news