استعراض خاص بـ”يمن ديلي نيوز”:
في شهر رجب المحرم سنة 124هجرية الموافق 742 ميلادية، تسلم سدة الحكم في قصر الأمارة بمدينة قرطبة الزعيم “حسام بن ضرار الكلبي الحميري” آخر الولاة العظماء لبلاد الاندلس “إسبانيا والبرتغال” في إطار الخلافة الإسلامية في عهد الدولة الأموية.
حُسام بن ضرار الكلبي الحميري بن جشم بن ربيعة…بن كلب الحميري، كُنّي بأبي الخطار، عُرف بالشجاعة والحزم، والكرم، والفصاحة والشعر.
غزواته وفضائله
كان حسام بن ضرار من الشخصيات اليمانية الإدارية والقيادية في دمشق، عاصمة دولة الخلافة، في أواخر عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 96هجرية.
وكذلك كان من الشخصيات الإدارية والقيادية في دمشق بشر بن صفوان الكلبي وأخوه حنظلة بن صفوان الذي يرتبط به تأريخ حسام بن ضرار الكلبي.
لما بلغ الخليفة هشام بن عبد الملك نبأ مقتل كلثوم بن عياض أمير أفريقيا الشمالية وتغلب الخوارج على دولة الخلافة، ولى حنظلة بن صفوان افريقيا الشمالية، فسار اليها صفوان وضبط فيها الخارجين على الخلافة الاموية.
وكتب الخليفة إلى حنظلة أن يولي على الاندلس حُسام بن ضرار الكلبي، فعقد له حنظلة بن صفوان ولاية الأندلس، فأبحر بالسفن اليها ودخلها في شهر الله المحرم رحب سنة 124هجرية.
تزامن وصول ضرار إلى العاصمة قرطبة، في اليوم الذي حددت فيه سلطة الاندلس اعدام 1000 رجل من “البربر” من الذين أدينو بالخروج والتمرد على الدولة في ناحية ماردة.
وكان أمير الاندلس ثعلبة بن سلامة، قد جمعهم إلى ساحة مدينة قرطبة، قبل لحظات من وصول حسام بن ضرار، أمير الاندلس الجديد.
استهل أمير الأندلس الجديد، حُسام بن ضرار، عمله بإيقاف حكم الإعدام، بعد أن جلس مع سلفه ثعلبة بن سلامة، وتم العفو عنهم، فكان ذلك محل رضا واستحسان الناس وبصفة الذين بالأندلس من قبائل وعشائر البربر، فدانوا بالطاعة للأمير حسام والدولة وابتهجوا بتوليته.
كان حُسام بن ضرار، محل رضا وطاعة، التكتلات الثلاث الأشهر في الاندلس، وهم اليمانية، والقيسية (الفهرية)، والبربر، على عكس من سبقه من الأمراء “بلج بن بشر، وثعلبة بن سلامة.
ما ميز الأمير حسام بن ضرار، بعد وصوله الأندلس واستلام ولايتها، تكريم سلفه، ثعلبة بن سلامة، وهو ما لم يحدث في العهود السابقة، ليغادر الأندلس نحو الشام معززا مكرما، هو ومجموعة من قادة ورجل جيش أهل الشام.
وكان جيش أهل الشام الذين بالأندلس قد أرادوا العودة مع ثعلبة إلى الشام، فلم يزل حسام بن ضرار يحسن ويستميلهم حتى أقاموا.
وكان جيش أهل الشام وصل الى الاندلس مع الأمير بلج بن بشر في 123 هجرية، وكانوا كثيرون، فمثلوا قوة وتكتل جديد، لكن حالة عداء نشبت بينهم وبين بقية المكونات الثلاث الأبرز “اليمانية، القيسية، والبربر.
عمل حسام بن ضرار على ترسيخ الوحدة الوطنية العربية الإسلامية بين الكتل اليتي يتكون منها الجيش والمجتمع العربي بالأندلس.
وكانت قد حدثت معارك ضارية بين جيش الشام بقيادة بلج بن بشر، وبقية التكتلات من اليمانية والقسرية، والبربر الأخرى، وقتل الأمير بلج بن بشر في احدى المعارك، وتولى ثعلبة ين سلامة ولاية الاندلس، لكنه لم يتمكن من اخماد الفتنة وتمرد عليه البربر.
استمر الأمير حُسام بن ضرار من معاملة القوط الاسبان من أهل الاندلس معاملة كريمة أرضتهم وكان الكثير منهم قد أسلموا وبقي الكثير منهم على ديانته المسيحية.
كما عمل على توزيع الوجود العربي (أهل الشام) الكثيف في قرطبة على 6 مدن أخرى ذات أهمية استراتيجية، وقام ببناء مساكن لهم، فأنزل أهل حمص في اشبيلية، وسماها حمص، وأنزل اهل فلسطين في مدينة شذونة، وسماها فلسطين، وأنزل أهل دمشق مدينة البيرة وسماها دمشق، وأنزل اهل الأردن “رية”، (مالقة) وسماها الأردن، وأنزل قنسرين مدينة جيان، وسماها قنسرين، وأوزل أهل مصر مدينة تدمير، وسمامها مصر”.
وعلى الرغم من أن تلك المسميات لم تسمر كثيرا بعده، لكن الهدف والأثر السكاني والحضاري يتمثل أفي أنها أصبحت من المدن العربية الإسلامية القوية ذات التأريخ الحضاري عبر مئات السنين.
وقد اقترن ذلك بأعمال عمرانية واسعة قام بها الأمير حسام بن ضرار، حتى أصبحت من أكبر المدن الهامة بالأندلس خلال سنتين أو ثلاث، كما قام بتوطيد السلطة والسيادة العربية الاسلامية في إقليمي “جليقية”.
عم الهدوء والاستقرار والعدل في الاندلس في عهد أبي الخطار حسام بن ضرار الكلبي، التي استمرت منذ ولايته في خلافة هشام بن عبد الملك الى آخر السنة الأولى من ولايته إياها في خلافة مروان بن محمد، نحو 4 سنوات وتسعة أشهر.
وصفه ابن خلدون قائلا: ” كان أبو الخطار، حسام بن ضرار الكلبي، شجاعا كريما ذا راي وحزم، فدانت له الأندلس، واستقام أمره”.
وفاته
رغم اضطراب الدولة الأموية في أواخر عهدها، ابتداء من عهد الوليد بن يزيد بن عبدالملك بسبب العصبية، والاقتتال على الحكم، حتى استقر الأمر إلى مروان بن محمد في 127، ورغم ذلك استمر الهدوء في الاندلس إلى 128هـ .
في هذا العام تمرد، ثوابة بن سلامة، شقيق أمير الأندلس السابق، على الأمير حُسام، وحشد له قوة لمواجهته، غير أن حسام بن ضرار لم يأخذ معه قوة كافية لظنه أنه سيقنعه ومن معه للعودة إلى الطاعة، لكنهم بادروه بالقتال وتم أسره، ثم حرره عبدالرحمن بن حسان من الأسر لما بلغه بما حدث، وبعد 8 شهور تمكن حسام بن ضرار من مواجهة ثوابة بن سلامة.
ولما سار حسام لمواجهة ثوابه واصف الفريقان للقتال، تبنى أصحاب ثوابة الموقف السابق لـلأمير حسام بعدم القتال، فترك الناس القتال وتفرقوا، وكان ذلك الموقف هو ما يميل إليه حسام بن ضرار، فلم يحث الجيش على القتال، ورجع إلى مدينة “باجة”، ليكون بذلك نهاية ولايته للأندلس بعد اربع سنوات وتسعة أشهر، وقدم مكانه ثوابه بن سلامة الجذامي، تذكر بعض المصادر أنه قتل سنة 31 هجرية، وبعد سنة قتل آخر خلفاء بني أمية، مروان بن محمد.
سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:
الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات
الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول
الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء
الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن
الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن
الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها
الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا
الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية
الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي
الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن
الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب
”
الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى
الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله
الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت
الحلقة السادسة عشرة: “روبرت سرجنت” في مهمة دراسة الثقافة اليمنية
الحلقة لسابعة عشرة: جورج وايمان بري “جاسوس” بريطاني بعباءة مستكشف
الحلقة الثامنة عشر: رحلة الفرنسي “جان جاك بيربي” في البلاد المعزولة
الحلقة التاسعة عشرة: الألماني “سيتزن”: اكتشف اليمن ولم تُكتشف وفاته الغامضة في تعز
الحلقة العشرون: “لانجر”: مهمة علمية انتهت بترحيل 22 نقشاً حميرياً إلى فيينا
الحلقة الحادية والعشرون:“فارتيما”.. أقدم قصة تجسس لصالح البرتغال في اليمن
الحلقة الثانية والعشرون: القنصل الفرنسي “أرنو” الذي أصبح باحث آثار في مأرب
الحلقة الثالثة والعشرون: “انجرامز” ومهمة تثبيت أقدام بريطانيا في حضرموت
الحلقة الرابعة والخمسون: عرفجة بن هرثمة البارقي “قائد أول غزوة بحرية في الإسلام
مرتبط
الوسوم
يمانيون في موكب الرسول
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news