استعراض خاص بـ”يمن ديلي نيوز”
: من عظماء الزعماء والأمراء اليمانيين الذين جاهدوا في الفتوحات ثم ثاروا على الظلم والطغيان هو “عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس بن معد كرب الكندي” وله قال أعشى همدان:
لقد كانت ثورة ابن الأشعث محاولة جدية للتخلص من سيطرة مُضر، لا سيما وأن معظم القبائل العربية القوية في العراق كانت قحطانية، ولهذا فان عبد الرحمن بن الاشعث حينما عظُم جمعه خلع عبد الملك بن مروان وسمى نفسه “ناصر المؤمنين”.
من هو الأشعث بن قيس الكندي
الأشعث هو الأشعث بن قيس بن معدي كرب.. بن معاوية الأكرمين بن الحرث الأكبر الكندي، ولقد تفرعت من بني معاوية الأكرمين أسرتين ملكيتين حكمت إحداهما منطقة كندة وحضرموت في اليمن، بينما حكمت الثانية نجد والحجاز.
كان الأشعث بن قيس، والد عبدالرحمن، من الصحابة الزعماء الذين شاركوا في تأسيس واختطاط مدينة الكوفة وتوطين الذين استقروا بها من كندة اليمانية.
لقد كان للأشعث دوراً بارزاً في نشر دعوة الإسلام بين أهل أذربيجان الذين كانوا في ظلمات المجوسية يعبدون النار، وبذلك خرج أهل أذربيجان في عهد الأشعث من الظلمات إلى نور الإسلام، وترسخت دعائم الإسلام في ذلك منذ عهد الأشعث وحتي اليوم، والى الأبد.
لقد قام الأشعث بن قيس الكندي خلال فترت ولايته لأذربيجان 25-30 هجرية على استقدام بقية أسرته من منطقة شرق تريم محافظة حضرموت، إلى الكوفة بالعراق.
حيث كان للأشعث دار بالكوفة منذ اختطاط مدينة الكوفة سنة 17هجرية في ولاية سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه، وقد كان الأشعث بن قيس آخر ملوك كندة وأحد أقيال وعظماء اليمن، ومن السابقين الاولين الى الإسلام.
فتوحات بن الأشعث
لقد انعقدت رئاسة المقيمين بالكوفة والعراق من قبيلة كندة لعبد الرحمن بن الأشعث غداة وفاة أبيه محمد بن الأشعث سنة 67هجرية.
لقد أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان عبد الرحمن بن الأشعث إلى غزو ولاية الري والتي كانت تشمل مناطق مثل قزوين ودستي”، فاتجه إليها عبد الرحمن بن الاشعث مع 5 آلاف مجاهد، فانتصر عليهم واستقر في حصن الزبدي بمدينة الري.
لقد دعا الحجاج بن يوسف الثقفي عبد الرحمن بن الأشعث، وأرسله مع 6 آلاف مقاتل لمواجهة فرقة من الخوارج يتزعمها شبيب الخارجي في منطقة المدائن، فانتصر عليهم ابن الاشعث وخمد الفتنة.
بناء على توجيهات عبد الملك بن مروان قام الحجاج بن يوسف الثقفي بتجهيز جيش من 40 ألف مقاتل كان يسمى “جيش الطواويس” وقام بتأمير عبد الرحمن بن الأشعث على ذلك الجيش، وبينما كان عبد الرحمن بن الأشعث يتابع تجهيز ذلك الجيش ويستعرض كتائب الجيش كان الحجاج ينظر اليه بغيظ وحسد، وكان بين الرجلين خلاف ومن هنا بدأ الخلاف يدب بين الرجلين، وقد بلغ ابن الأشعث قول الحجاج إنه يريد التخلص منه”.
لقد بدأت ولاية عبد الرحمن ابن الاشعث لسجستان منذ انطلاقه إليها على رأس جيش الطواويس وقيامه بتحرير القسم الإسلامي من سجستان وعاصمته زرنج منتصف سنة 79هجرية.
انطلق عبد الرحمن بن الاشعث من مدينة زرنج في سجستان إلى مدينة “بست” وهي المنطقة الرئيسة الأولى من بلاد العدو وهم الترك المغول، ففتحها، وكتب إلى الحجاج يبلغه خبر الفتح والانتصارات.
وكان ابن الاشعث ومن معه قد اتفقوا على فتح ما بعد “سجستان “بست” إلى العام القادم بعد تجهيز الجيش والترتيب للمعركة، وبينما هم كذلك تفاجأ ابن الأشعث بكتاب من الحجاج ثانيا يأمره بأن يسير بالمسلمين ويتوغل في أرض العدو ويقتل مقاتلهم ويسبي ذراريهم، حتى يفتح أقصى حصونهم، واتهمه في كتابه بالعجز والضعف.
أصاب عبد الرحمن بن الاشعث وأصحابه الذهول من كتاب الحجاج، فمن غير المعقول أن يدفع الحجاج بعشرات الآلاف من المسلمين إلى الهلاك بالتوغل داخل بلاد الترك والهند قبل الاستعداد لذلك.
جمع بعد ذلك عبد الرحمن جيش المسلمين وقام فيهم خطيبا قائلا: بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال: أيها الناس إني لكم ناصح ولصلاحكم محب، ولكم في كل ما يحيط بكم نفعه ناظر.
وقد كان من رأي فيما بينكم وبين عدوكم رأي، استشرت فيه ذوي أحلامكم وأولي التجربة للحرب منكم، فرضوه لكم رأيا ورأوه لكم في العاجل والآجل صلاحا.
وقد كتب إلي الحجاج فجاءني منه كتاب يعجزني ويضعفني ويأمرني بتعجيل التغول بكم في أرض العدو. وإنما أنا رجل منكم أمضي إذا مضيتم وآبى إذا أبيتم”، فأجمع الجيش على عدم التوغل وخلع الحجاج ومبايعة قائدهم عبدالرحمن بن الأشعث، حيث كانت تلك القضية تمثل شرارة ثورة عبدالرحمن بن الأشعث ضد الحجاج أوائل سنة 81هجرية.
قام عبد الرحمن بن الأشعث بتقسيم سجستان إلى ولايتين، بست وزرنج، جعل على بست عياض بن هميان الشيبان، وعلى زرنج عبد الله بن عامر التميمي.
كان الحجاج يتابع أنباء ثورة عبد الرحمن بن الأشعث، فبعث الغضبان بن العبقري إلى كرمان ليأتيه بخبر ابن الأشعث، فانضم الغضبان إلى الثورة.
تطورت ثورة ابن الأشعث ضد خلع طاعة الحجاج بن يوسف بسجستان، وعندما وصل إلى بلاد كرمان فثنى بخلع عبدالملك بن مروان، وانقاد لطاعته أهل الري والجبال مما يلي الكوفة والبصرة وغيرهما، وذكر بن خلدون والطبري وغيرهما أن خلع ابن الأشعث لطاعة الخليفة عبدالملك كان بعد مسيره من كرمان إلى بلاد فارس.
وفي ذي الحجة من سنة 81 هجرية، دخل عبدالرحمن بن الأشعث، مدينة البصرة، بعد هزيمة الحجاج وجيشه وانسحابه إلى “وادي السباع”، وبدأ ابن الأشعث بالتجهيز لدخول الكوفة، كان ذلك في ربيع الثاني من سنة 82 هجرية.
لقد كان خلع عبد الملك بن مروان ومبايعة عبد الرحمن بن الأشعث بالخلافة نقطة تحول هامة في مسار ثورة أبن الأشعث فسمى نفسه ناصر المؤمنين، وبايعته بالخلافة ولايات وأقاليم سجستان وكرمان ومكران وفارس وذلك سنة 81هجرية.
وبعد دخول الكوفة في ولاية ابن الأشعث أصبح عدد الولايات والبلدان التي خلعت عبدالملك بن مروان، تشمل ولايات وبلدان سجستان، وكرمان، ومكران، وفارس، والأهواز، واصبهان، والري، والجبال، والعراق بعاصمتيها البصرة والكوفة، وبلاد البحرين بمدلولها الواسع القديم (منطقة الخليج العربي) وعُمان، كما تشير بعض الوقائع إلى انضواء أجزاء من حضرموت وغيرها من مناطق اليمن.
حشد الحجاج بدعم من الخليفة عبدالملك بن مروان، جيشه لمواجهة ابن الأشعث، وكان ابن الأشعث قد نزل في “دير الجماجم” بعد أن خرج بهم من الكوفة، في شهر ربيع الأول سنة 83 هجرية، على رأس 100 من الفرسان والرجال العرب ومثلهم من مواليهم.
وقبل المعركة بين الطرفين، اجتمع أصحاب الشورى مع الخليفة عبدالملك بن مروان، مع كبار أمراء وقادة الشام الذين كان غالبيتهم من اليمنيين، وأشاروا عليه “إن كان أهل العراق يرضيهم منك أن تعزل عنهم الحجاج فهو أيسر من قتلهم وتحقن بها دماءنا ودماءهم، وأن يجعل محمد بن مروان أميرا للعراق، وأن يجري عليهم أعطياتهم كما تجري لأهل الشام، وأن ينزل ابن الاشعث أي بلد من عراق شاء – عليه والياً ما دام حياً وكان عبدالملك والياً.
جمع ابن الأشعث أصحابه، وندبهم إلى قبول ما عرض عليهم، لكن أهل الكوفة رفضوا، وبدأت الأجواء تتهيأ للمعركة الفاصلة بين الطرفين.
في أوائل سنة 83 هجرية، بدأت موقعة دير الجماجم التي استمرت 100 يوم، بين جيش “ناصر المؤمنين” ابن الأشعث، وجيش أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذه المعركة هي رابع المعارك الرئيسية في تأريخ الصراع العربي الإسلامي الداخل على الخلافة بعد صفين، وموقعة الجمل، وكربلاء.
وقد كان طابع القتال في معركة الجماجم “المبارزة” وبعد مرور اكثر من 100 يوم على المناوشات والمبارزة، حمل قائد ميسرة جيش الخليفة بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي، على ميسرة جيش ابن الأشعث التي كان يقودها الأبرد بن قرة التميمي بشكل مفاجئ، انفض الناس وسادت الفوضى وتفرقت الصفوف، وظن الناس أن، الأبرد، قد صولح على أن ينهزم بالناس، فانهزم الأبرد التميمي دون قتال فتقوضت صفوف جيشه ابن الأشعث وهُزم وأصحابه”.
سقطت البصرة بيد الحجاج، وعادت العراق إلى سطلة الدولة الأموية، وبدأ الحجاج بملاحقة اتباع ابن الأشعث وقتل منهم الكثير من العلماء والقادة والشعراء والخطباء وهرب كثير من الناس.
وفاته:
تمكن ابن الأشعث وجماعة ممن معه من الفرار إلى “الرحج وكابل” وعاش بحماية ملكها “رتبيل”.
مكث ابن الأشعث في بلاد رتبيل، بمدينة كابل، وكان رتبيل يعظمه ويكرمه يقول ابن خلدون” وتتابعت كتب الحجاج إلى تربيل في عبدالرحمن يُرهبه ويُرغبه” فأبى “رتبيل” الغدر بابن الأشعث، حتى كانت سنة 85 هجرية، والتي توفي فيها ابن الأشعث.
مرتبط
الوسوم
ناصر المؤمنين
يمنيون في موكب الرسول
عبد الرحمن بن الأشعث الكندي
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news