لم تفتَّ في قوائمكِ قسوةُ المكان، ولا صروفُ الزمان. مثلما لم تثنكِ وحشيةُ الإنسان، وجبروته الباطش.
كثرت حولكِ الأشواكُ، لا لتحميكِ كوردةٍ، بل لتنغرسَ فيكِ؛ بغضًا لوجودك. بيد أنكِ صلدتِ، فأثلمتها.
وشمَّرَتِ السكاكينُ عن حدِّها، لتُعملَ في حياتكِ شفراتِها؛ رفضًا لكِ، وقبحًا في شاهريها. غير أنها ارتدَّتْ إليهم، عجزًا، وباؤوا بالثبوط.
حملكِ الجفافُ الشاملُ، على البحثِ عن مواطنِ حياةٍ، صدًّا لذبولٍ لم ينفكّ يومئُ باجتياحك. ناهضتِه، حتى صرتِ الوطنَ الحيَّ، بل موئلَ الحياة.
عجزتِ العواصفُ عن اجتثاثكِ، أو حتى إحنائكِ. ليس لضعفِها، بل لعزيمتِكِ القويةِ، وإصراركِ الجبارِ على نيلِ فرصتِكِ في البقاء.
ولئن كان حظُّكِ في الحياةِ، كخيطٍ رفيعٍ، لا يكادُ يَبين، فإنكِ استطعتِ الإمساكَ به، والنفاذَ من سمِّ خياطٍ، لتؤولي إلى نواله.
لم تكن وحدها الظروفُ القاسيةُ التي أسفرتْ عن وجهِها البغيضِ في حياتكِ، ولا المحيطُ الموحشُ الذي تلاطمتْ أنواءُ الرعبِ فيه، لتكسرَ مجاديفَكِ، ولا طغيانُ الناسِ الذي أشعلَ الحقدَ الضروسَ عليك.
بل إنَّ الحياةَ نفسَها لم تكن على وفاقٍ معكِ؛ كثيرًا ما كشّرتْ عن أنيابها تجاهَكِ، وقليلًا ما تبسمتْ في وجهِكِ.
كثيرةٌ هي الطعناتُ التي أصابتكِ، وأكثرُ منها الخناجرُ التي أُشهرتْ لقطفِكِ. أما التحياتُ التي باركتْكِ، فقليلٌ ما هي.
رغم ذلك، ظللتِ متفتِّحةً، تنبضينَ بالحياةِ في داخلِكِ، عابقةً، تنشرينَ أريجَ الإحياءِ لمن حولك. ولقد كنتِ ومازلتِ رمزًا للكفاحِ والجلَدِ، وتجسيدًا للعرفانِ والرضا.
الحقُّ أنكِ صنعتِ وجودَكِ بنفسِكِ، ومنحتِ آخرينَ وجودًا، إن لم يعترفوا بفضلكِ فيه، وعليهم، فإنّهم لا يستحقونه.
أنا واحدٌ منهم.. وأنتِ أمي: موئلي وسرُّ حياتي.
التحياتُ المباركاتُ الطيباتُ لكِ. وليحفظِ اللهُ قلبَكِ العامرَ بالحبِّ والحنان.
والسلامُ عليكِ يا “زهرَ” الحياة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news