الحلقة العشرون: المستشرقون واليمن.. “لانجر”: مهمة علمية انتهت بترحيل 22 نقشاً حميرياً إلى فيينا

أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي:

يواصل موقع “يمن ديلي نيوز” تسليط الضوء على المستشرقين الذين زاروا اليمن، ونستعرض اليوم المستشرق النمساوي “سيغفريد لانجر” الذي جلب تاريخ اليمن إلى العالم.

في عام 1881م، أرسل المستشرق النمساوي سيغفريد لانجر في مهمة علمية إلى اليمن لدراسة النقوش القديمة التي كانت جزءًا من تاريخ المنطقة.

أولى “لانجر” اهتمامه العميق باللغة العربية ولغات اليمن القديمة، ما مكنه من اكتشاف بعض من أندر وأهم النقوش في تاريخ اليمن، والتي شكلت حجر الزاوية للعديد من الدراسات الاستشراقية التي تلت.

أهداف الرحلة

كان الهدف الرئيسي من زيارة لانجر إلى اليمن هو جمع النقوش القديمة ودراستها، كما كان يهدف إلى تسليط الضوء على تاريخ وثقافة المنطقة، وذلك في إطار مشروعه لدراسة اللغة العربية وآدابها.

بالإضافة إلى ذلك كان يهدف “لانجر” لفك رموز اللغة الحميرية والتعرف على الحضارات القديمة التي ازدهرت في اليمن.

في ذلك الوقت، كانت الدراسات الاستشراقية حول تاريخ وثقافة العالم العربي في أوجها، وكان لانجر جزءاً من هذا الاهتمام الأوروبي المتزايد بمنطقة شبه الجزيرة العربية.

نتائج الزيارة

حقق لانجر عددًا من النتائج يمكن سردها في التالي:

• العثور على نقوش حميرية هامة: اكتشف لانجر نقشًا حميريًا كبيرًا بالقرب من نظران في المنطقة الشرقية من اليمن، كما جمع نقوشًا أخرى بالقرب من ضاف، وهي الأماكن التي لم يتمكن مستشرقون آخرون، مثل سيتزن، من العثور عليها.

• نسخ النقوش: قام “لانجر” بنسخ عدد من النقوش في صنعاء وأرسل نسخًا منها إلى فيينا، ليُساهم بذلك في نقل المعرفة عن حضارة اليمن إلى الغرب.

• نقوش أخرى: حصل لانجر على نقوش لم يعرف موطنها الأصلي، بما في ذلك نقش حضرمي ذو أهمية لغوية كبيرة، رغم التلف الذي لحق به. كانت هذه النقوش تمثل مفتاحًا لفهم تاريخ وثقافة اليمن القديمة.

في عام 1882م، تمكن لانجر من جمع 22 نقشًا مهمًا خلال رحلته، وكتب كتابًا حول اليمن يصف فيه دراسته للآثار والنقوش. وقد أرسل جميع الكتابات التي جمعها إلى فيينا قبل وفاته.

اهتمامه باليمن

كان اهتمام لانجر منصبًا بشكل خاص على دراسة النقوش القديمة وفك رموز اللغة الحميرية التي كانت تمثل جزءًا من الحضارة اليمنية العريقة.

كما كان يعكف على دراسة اللغة العربية وآدابها وأثرها في تاريخ المنطقة.

وقد أظهر لانجر تقديرًا كبيرًا لتاريخ اليمن وآثارها القديمة، معتبرًا أن النقوش القديمة كانت أدوات حيوية لفهم الماضي الثقافي والحضاري للمنطقة.

من خلال مذكراته، يعكس لانجر انطباعًا مختلطًا عن اليمن. من جهة، أعرب عن إعجابه الكبير بآثار البلاد وطبيعتها، ولكن من جهة أخرى، كانت رحلته مليئة بالتحديات، لا سيما مع السلطات العثمانية التي كانت تحكم اليمن في ذلك الوقت.

فقد طردته السلطات العثمانية بعد أن أمضى أسبوعين في صنعاء، بسبب مخاوف من تأثير وجود المستشرقين الأجانب على الحكم المحلي.

آراءه عن اليمن

في مذكراته، تحدث لانجر عن صعوبة تواصله مع السلطات المحلية بسبب عداء الأجانب، لكنه لم يُخفِ إعجابه بالحضارة اليمنية القديمة.

وصف النقوش التي جمعها بأنها تمثل أدوات رئيسية لفهم التاريخ الغني للمنطقة. كما تحدث عن جمال الطبيعة اليمنية، مستعرضًا الجبال والهضاب والوديان التي كانت تحتفظ بآثار قديمة، معتبرًا إياها “كنزًا حضاريًا” يجب على العالم الغربي الاهتمام به وحمايته.

وفاته في حضرموت

في عام 1882م، توفي سيغفريد لانجر في مدينة عدن بعد محاولته الثانية لدخول اليمن عبر هذه المدينة. وبعد أن أوقفته السلطات العثمانية، قرر محاولة الوصول إلى اليمن عبر عدن، حيث توفي بعد فترة قصيرة في حضرموت.

وقبل وفاته، أرسل جميع الكتابات التي جمعها وملاحظاته إلى فيينا، ليترك إرثًا علميًا مهمًا، رغم حياته القصيرة.

كانت زيارة سيغفريد لانجر لليمن رحلة علمية استكشافية غير تقليدية، هدفها الرئيسي كان توثيق وتحليل النقوش القديمة التي تركتها الحضارة اليمنية.

ورغم التحديات التي واجهها، مثل التوترات مع السلطات العثمانية والطرد من اليمن، استطاع أن يحقق إنجازات مهمة في جمع وتوثيق النقوش التي شكلت أساسًا للعديد من الدراسات التي تلت.

هذه الأعمال جعلت من لانجر أحد الأسماء اللامعة في تاريخ الدراسات الاستشراقية حول اليمن.

المراجع:

– موقع: جامع الكتب الإسلامية

– قناة اليمن تاريخ وثقافة على التلغرام

– مصادر متنوعة

 سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:

الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات

الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول

الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة

الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء

الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن

الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن

الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها

الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا

الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية

الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي

الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن

الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب

”

الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى

الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله

الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت

الحلقة السادسة عشرة: “روبرت سرجنت” في مهمة دراسة الثقافة اليمنية

الحلقة

السابعة عشرة: جورج وايمان بري “جاسوس” بريطاني بعباءة مستكشف

الحلقة الثامنة عشر: رحلة الفرنسي “جان جاك بيربي” في البلاد المعزولة

الحلقة التاسعة عشرة: الألماني “سيتزن”: اكتشف اليمن ولم تُكتشف وفاته الغامضة في تعز

مرتبط

الوسوم

المستشرقون واليمن

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط