تعهدت كل من الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن بالتصعيد، وذلك بعد أن شنت واشنطن ضرباتٍ جوية تهدف إلى ردع الحوثيين عن استهداف السفن العسكرية والتجارية في أحد أهم ممرات الشحن العالمية.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين أن الضربات الأميركية التي نُفذت مساء السبت أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 53 شخصًا، من بينهم خمس نساء وطفلان، بالإضافة إلى إصابة نحو 100 آخرين في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، بما في ذلك صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين على الحدود مع السعودية.
وقال وزير الخارجية الأميركي (ماركو روبيو)، لشبكة "سي بي إس" يوم الأحد: "لن نسمح لهؤلاء بالتحكم في أي السفن التي يمكنها العبور وأيها لا يمكنها ذلك. لذا، السؤال هو: إلى متى سيستمر هذا؟ سيستمر حتى يفقدوا القدرة على القيام بذلك". وأكد أن هذه ليست مجرد ضربات انتقامية محدودة كما كان الحال في ردود الإدارة الأميركية السابقة على هجمات الحوثيين.
فمن جانبه، تعهد الرئيس دونالد ترامب يوم السبت باستخدام "قوة فتاكة ساحقة" حتى يتوقف الحوثيون عن شن هجماتهم، محذرًا من أن طهران ستُحمَّل "المسؤولية الكاملة" عن تصرفاتهم.
وقد استهدف الحوثيون مرارًا السفن الدولية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، وذلك في إطار ما يصفونه بأنه تضامن مع الفلسطينيين في غزة، حيث تخوض إسرائيل حربًا ضد حركة حماس، الحليف الإيراني الآخر.
و الهجمات توقفت بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير/ كانون الثاني -قبل يوم واحد من تولي ترامب منصبه- لكن الأسبوع الماضي، أعلن الحوثيون أنهم سيستأنفون الهجمات ضد السفن الإسرائيلية بعد أن قطعت إسرائيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة هذا الشهر.
وشكلت الضربات الجوية الليلية واحدة من أوسع الهجمات التي استهدفت الحوثيين منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
و مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب (مايكل والتز)، صرّح يوم الأحد لشبكة "ABC" بأن الضربات "استهدفت بالفعل عدة قيادات حوثية وقضت عليهم." لكنه لم يحدد أسماءهم أو يقدم أي دليل. من جانبه، قال السيناتور (ماركو روبيو) إن بعض المنشآت الحوثية قد تم تدميرها.
المكتب السياسي للحوثيين أكد أن الجماعة سترد على الضربات الأميركية وستواجه التصعيد بتصعيد مماثل.
وأعلن الحوثيون، يوم الأحد، أنهم استهدفوا مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس. ترومان بصواريخ وطائرة مُسيّرة.
ووفقًا لمسؤول أميركي، فقد أطلق الحوثيون بالفعل طائرات مُسيّرة وصاروخًا واحدًا على الأقل ردًا على الهجوم الأميركي. وأوضح المسؤول، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لتقديم تحديثات حول العمليات، أن الحوثيين بدأوا بإطلاق 11 طائرة مُسيّرة وصاروخ واحد على الأقل اعتبارًا من منتصف الليل بالتوقيت المحلي في اليمن، واستمر الهجوم لمدة 12 ساعة تقريبًا.
و تمكنت مقاتلات تابعة لسلاح الجو الأميركي من اعتراض 10 طائرات مُسيّرة، في حين أسقطت مقاتلة من طراز F/A-18 تابعة للبحرية الأميركية الطائرة المُسيّرة الأخيرة. أما الصاروخ، فقد سقط في المياه بعيدًا عن السفينة، ولم يقترب أي من الهجمات من إصابة الحاملة أو السفن الحربية المرافقة لها.
و في البداية، قال مسؤولون إنهم لا يملكون معلومات عن عمليات الإطلاق الحوثية، لكن المسؤول أوضح لاحقًا أنهم تمكنوا من الحصول على تحديثات جديدة.
فالمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، دعا في بيان إلى "أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية"، محذرًا من "المخاطر الجسيمة" التي تهدد الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، أفقر دولة في العالم العربي.
وأشار السيناتور (ماركو روبيو) إلى أن الحوثيين، خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، استهدفوا البحرية الأميركية "بشكل مباشر" 174 مرة، وهاجموا السفن التجارية 145 مرة باستخدام "أسلحة موجهة عالية الدقة مضادة للسفن".
وقد أدت هذه الهجمات إلى اندلاع أعنف مواجهات قتالية شهدتها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية.
و من جهته، نفى قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال (حسين سلامي)، يوم الأحد، أي تورط إيراني في هجمات الحوثيين، مؤكداً عبر التلفزيون الرسمي أن بلاده "لا تلعب أي دور في تحديد السياسات الوطنية أو العملياتية" للجماعات المسلحة المتحالفة معها في المنطقة.
كما دعا وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في منشور على منصة "إكس" الولايات المتحدة إلى وقف ضرباتها الجوية، مؤكداً أن واشنطن لا تستطيع فرض سياستها الخارجية على إيران.
فلطالما اتهمت الولايات المتحدة ودول أخرى إيران بتقديم دعم عسكري للحوثيين، حيث سبق أن صادرت البحرية الأميركية أجزاء من صواريخ إيرانية الصنع وأسلحة أخرى كانت متجهة إلى الحوثيين، وفقاً لما أعلنته واشنطن.
وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا قد استهدفت في السابق مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، لكن العملية الأخيرة نفذتها الولايات المتحدة بمفردها، وهي أول ضربة تستهدف الحوثيين في عهد إدارة ترامب الثانية.
و تضم مجموعة الهجوم التابعة لحاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس. ترومان" السفينة الحاملة نفسها إلى جانب ثلاث مدمرات تابعة للبحرية الأميركية وطراد واحد، وتعمل حالياً في البحر الأحمر كجزء من المهمة. كما أن الغواصة الهجومية "يو إس إس جورجيا"، المزودة بصواريخ كروز، تنشط أيضاً في المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news