الجنوب اليمني | خاص
في قرية الفشلة، التابعة لمديرية لودر بمحافظة أبين، يتسابق الطلاب بحثاً عن بقعة ظل تحت الأشجار، هرباً من أشعة الشمس الحارقة يجلسون فوق الأحجار القاسية، يحاولون تلقي تعليمهم وسط ظروف قاسية، بدعم من معلمين متطوعين يسعون لإبقائهم على طريق العلم رغم التحديات
يقول محمد عبيد القاضي، أحد أولياء الأمور والمدرسين في المدرسة المستحدثة بالقرية: طلابنا يتلقون الدروس في العراء، نفتقر إلى الكتب المدرسية، والوسائل التعليمية، وفصول دراسية تقيهم من حر الصيف وبرودة الشتاء. ويحلم القاضي بأن يرى أطفال قريته في بيئة تعليمية مناسبة تحميهم من التقلبات المناخية
أُنشئت مدرسة قرية الفشلة بمبادرة من الأهالي، نظراً لبعد المدارس الأخرى عنهم لمسافات طويلة يصعب على الطلاب قطعها يومياً وبرغم زيارة مدير التربية في المديرية للقرية واطلاعه على معاناة الطلاب، لم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوات فعلية لتوفير حل دائم.
سنوات الحرب المستمرة في اليمن زادت من معاناة قطاع التعليم، حيث تعاني كثير من المناطق من نقص حاد في البنية التحتية، وعدم توفر مدارس مؤهلة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التسرب الدراسي.. وتعتمد بعض القرى، مثل الفشلة، على مبادرات مجتمعية تطوعية لا تفي بحجم الحاجة.
جهود تطوعية وأمل بالمساعدة:
تقع قرية الفشلة، التي يسكنها حوالي 1000 نسمة، على بعد 45 كيلومتراً من مركز مديرية لودر، ما يجعل وصول الطلاب إلى أقرب مدرسة رحلة شاقة يومية ونتيجة لذلك، قام الأهالي بإنشاء فصول مؤقتة تحت الأشجار، حيث تطوع بعض المعلمين لتدريس الأطفال رغم غياب المستلزمات التعليمية الأساسية.
صورة الطلاب وهم يدرسون تحت الأشجار
مدير مكتب التربية والتعليم في لودر، علي عبد الله ناصر، أوضح أن المدرسة المستحدثة في الفشلة جاءت كضرورة بسبب عدم وجود مدارس قريبة ورغم تقديم طلب رسمي لإنشاء ثلاثة فصول دراسية، لا تزال الجهود قائمة للبحث عن دعم يضمن بيئة تعليمية مناسبة للطلاب
ويكشف ناصر عن اعتماد معلمين متطوعين يتلقون حوافز مالية من منظمة اليونيسيف، إلا أن ذلك لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية للمدرسة
التسرب من التعليم أزمة تتفاقم:
بعد المدارس عن قرية الفشلة دفع كثيراً من الأطفال إلى التسرب، حيث لجأ بعض الأهالي إلى تشغيل أبنائهم في جلب المياه ورعي المواشي بدلاً من إرسالهم إلى المدارس البعيدة
ويحذر البعض من أن استمرار هذه المعاناة قد يؤدي إلى جيل أمي يفتقر إلى المهارات الأساسية، داعياً الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لبناء مدرسة توفر بيئة تعليمية مناسبة، وتحد من ظاهرة التسرب الدراسي.
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 8.1 مليون طالب يمني بحاجة إلى دعم عاجل لمواصلة تعليمهم، في ظل بيئة اقتصادية صعبة تدفع العديد من الأسر إلى إلحاق أطفالها بسوق العمل بدلًا من المدارس
كما تشير تقارير اليونيسيف لعام 2024 إلى أن هناك 4.5 مليون طفل يمني خارج المدرسة، مما يهدد بخلق جيل يفتقر إلى المعرفة والمهارات الأساسية خلال السنوات المقبلة
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news