أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي:
في الحلقة الخامسة عشرة من سلسلة “المستشرقون واليمن” نسلط الضوء على جانب من زيارة المستشرق الألماني “ليو هيرش” التي ساهمت في كشف النقاب عن العديد من المعالم التاريخية والجغرافية التي كانت مجهولة للعالم في ذلك الوقت.
يعتبر المستشرق الألماني “هيرش” من بين الأوائل الذين وضعوا اليمن على خارطة الرحلات الأوروبية حيث تركزت رحلة “هيرش” في محافظات جنوب اليمن.
وفي البداية لابد من الإشارة إلى أنه لا توجد صورة للرحالة الألماني “هيرش” ماضطر “يمن ديلي نيوز” لاستخدام صورة تعبيرية.
يعتبر ليو هيرش مستعربًا وباحثًا ألمانيًا اشتهر برحلاته الاستكشافية إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، خاصة مناطق المهرة وحضرموت.
في عام 1893، قام برحلة مهمة إلى هذه المناطق، موثقًا انطباعاته وملاحظاته حول الجغرافيا، والثقافة، والعادات الاجتماعية للسكان المحليين.
ألف هيرش كتابًا بعنوان “رحلات إلى جنوب البلاد العربية وبلاد المهرة وحضرموت”، يتضمن فصولًا متعددة تصف تجواله في مدن وقرى حضرموت، مثل الشحر، سيحوت، قشن، المكلا، هجرين، شبام، سيئون، وتريم.
يُعتبر هذا الكتاب مصدرًا قيمًا للمعلومات عن تلك المناطق في ذلك الوقت، حيث وثّق هيرش تفاصيل دقيقة حول الحياة اليومية، والبيئة الطبيعية، والعادات والتقاليد المحلية.
أول غربي يزور شبام
تُعد كتابات هيرش من أوائل المصادر الغربية التي قدّمت وصفًا تفصيليًا لمدينة شبام، حيث كان أول غربي يصل إليها في عام 1893. وقد أشار الدكتور مسعود عمشوش في كتابه “شبام في كتابات الغربيين” إلى أهمية ما دوّنه هيرش عن المدينة.
يتحدث “عمشوش” عن أهمية ما دوّنه هيرش عن المدينة، حيث قدّم وصفًا تفصيليًا لعمارتها الطينية الشاهقة، والتي تُعتبر من أقدم نماذج البناء العمودي في العالم، مما أكسبها لقب “مانهاتن الصحراء”.
تُظهر كتابات هيرش عن شبام اهتمامًا كبيرًا بتوثيق الجوانب التاريخية، والاجتماعية، والمعمارية للمدينة، مما يجعلها مصدرًا قيمًا لفهم تاريخ وجغرافية جنوب الجزيرة العربية خلال القرن التاسع عشر.
أهداف زيارة هيرش لليمن
لم تكن رحلة هيرش إلى اليمن مجرد رحلة سياحية، بل كانت مهمة علمية تهدف إلى دراسة الجغرافيا، وتوثيق الآثار، والبحث في التاريخ المحلي.
كان اهتمامه الأكبر منصبًا على نقوش الصخور، الحصون القديمة، والحياة اليومية للمجتمعات المحلية. كما كانت رحلته موجهة لجمع معلومات جغرافية وتاريخية عن المناطق التي زارها.
أثناء رحلته إلى اليمن، زار هيرش العديد من المناطق الساحلية والداخلية. في البداية، وصل هيرش إلى عدن في ديسمبر 1892، حيث بدأ رحلاته المتفرقة في المناطق الساحلية.
وفي رحلته الساحلية لسواحل جنوب اليمن توقف “”هيرش” في المكلا والشحر، حيث وصفها بأنها مدن ساحلية نابضة بالحياة. كما مر بمنطقة رأس شرمة التي وصفها بأنها رأس جبلي يمتد في البحر، وكان له انطباع خاص عن حصن المدينة ومرافقها.
لم تقتصر رحلته على المناطق الساحلية لجنوب اليمن، بل شملت أيضًا مناطق جبلية مثل وادي حضرموت، حيث زار مدنًا شهيرة مثل شبام وسيئون وتريم، بالإضافة إلى قصيعر التي وصفها بأنها قرية صغيرة على الشاطئ.
ما قاله عن اليمن
وصف هيرش اليمن بأنها غنية بتاريخ طويل ومعالم أثرية غير مكتشفة في ذلك الوقت، مشيرًا إلى التنوع الجغرافي الكبير بين السواحل والجبال والصحاري. كما اهتم بشكل خاص بالنقوش القديمة التي اكتشفها على الصخور، واعتبرها أحد مصادر المعرفة المهمة لفهم تاريخ المنطقة.
قام بتوثيق العديد من النقوش القديمة التي اكتشفها في وديان مختلفة مثل وادي شخاوي ووادي معوك في محافظة حضرموت كما وصف الحصون القديمة مثل حصن معبر وحصن المصينعة التي كانت تُستخدم للدفاع عن المدن.
بالإضافة إلى ذلك، قدم هيرش وصفًا دقيقًا لحياة اليمنيين من سكان السواحل الجنوبية مثل تصدير الأسماك المجففة إلى الهند واستخدام الطين الأبيض في صناعة الأواني. كما أشار إلى أهمية التواصل مع السكان المحليين واهتم بفهم عاداتهم وتقاليدهم.
مدة الإقامة في اليمن
رحلة “هيرش” بدأت في ديسمبر 1892 حين وصل إلى عدن حيث تقول معظم المصادر التاريخية إنها استمرت لمدة سنوات تركزت معظمها في محافظتي حضرموت والمهرة والمدن ساحلية والجبلية الجنوبية.
وقد تركت زيارة “هيرش” أثرًا كبيرًا في دراسة تاريخ وجغرافيا اليمن. وأصبحت تقاريره كمصدر رئيسي لفهم الحضارة اليمنية القديمة، كما ساهمت في إبراز النقوش والآثار التي كانت جزءًا من تاريخ المنطقة المجهول للعالم الخارجي في ذلك الوقت.
واعتُبرت تقاريره مرجعًا للباحثين في مجال الآثار والجغرافيا، ولا يزال تأثيرها قائمًا حتى اليوم.
المصادر:
• كتاب “رحلات في جنوب شبه الجزيرة العربية ومهرة وحضرموت”
• كتاب “شبام في كتابات الغربيين” للدكتور مسعود عمشوش
• مصادر متعددة.
سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:
الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات
الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول
الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء
الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن
الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن
الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها
الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا
الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية
الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي
الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن
الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب
”
الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى
الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله
مرتبط
الوسوم
المستشرقون واليمن
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news