عن مارينا دي ريجت التي فهمت اليمن أفضل من النخب اليمنية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 23 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عن مارينا دي ريجت التي فهمت اليمن أفضل من النخب اليمنية

حمدت ربي وشكرته لمنحني تلك الفرصة السانحة لزيارة دولة أوروبية تعد بحق خلاصة المعنى للحضارة الإنسانية الحديثة. أتيتها بخارطة مفاهيمية مجردة لم تسنح لي الفرصة باختبارها والتحقق من صدقها أو زيفها؟ لا في مجتمعنا العربي الإسلامي الذي وفدت إليه من خارجها إذ نرى أن هناك مشكلة حقيقية في نمط تلقفنا لمعظم المفاهيم الحداثية وتحولاتها وتعريفها وتأويلها وسياقات دلالاتها وهذا ناجم عن اختلاف السياق الثقافي التاريخي لمجتمعنا عن سياق المجتمع الغربي الحديث الذي صاغ تلك المفاهيم وعرفها ونشرها وتقبلها وفهمها بعدها مصطلحات تنتمي إلى فضاءه الابيسمولوجي  الغربي أو إلى باردايم محدد، أي نموذج تصوري وثقافي متكامل خاص بالحضارة الأوروبية، إذ أنه يصعب التوافر على فهم عميق لمعان المفهوم، فالمفاهيم المجردة بمعزل عن السياقات التاريخية التي أنتجتها.

كانت الزيارة الأولى ل (جامعة إمستردام الحرة قبل ثمانية اشهر تقريبا بتاريخ 7/يوليو/2024م أتيتها بخارطة مفاهيمية مجردة لم تسنح لي الفرصة باختيارها والتحقق من صدقها أو زيفها؟ ولما كانت دراستي في معظمها للفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة في مختلف مدارسها واتجاهاتها المنهجية والنظرية فقد تمكنت من التوافر على حصيلة لابأس بها من المعرفة عن النهضة الأوروبية والحداثة وفلسفة التاريخ الغربية؛  إذ كتبت رسالة الماجستير في الفلسفة الوجودية عند أهم فلاسفتها جان بول سارتر وقضيته الجوهرية (الوجود والعدم) بصيغة مشكلة الوجود والماهية عند جان بول سارتر بإشراف الاستاذ الدكتور أحمد نسيم برقاوي، عميد بيت الفلسفة في الفجيرة. وكتبت أطروحتي في الدكتوراه عن (فلسفة التاريخ في الفكر الغربي المعاصر؛ ارنولد توينبي موضوعًا) بإشراف الأستاذ الراحل مدني صالح أستاذ الفلسفة المخضرم في جامعة بغداد. فضلا عن قراءتي المتنوعة في الفكر والأدب الغربي الحديث والمعاصر في مختلف التخصيصات الفلسفية والدراسات الثقافية.

تلك الخبرة منحتني رصيدًا معرفيًا لابأس به عن الفكر والتاريخ والثقافة الغربية ولكنها كانت مجرد معرفة نظرية مجردة تشتمل على الكثير  من المصطلحات والمفاهيم والنماذج الثقافية الحديثة الكثيرة ومنها؛ الدولة، الثورة، الدستور، الجمهورية، الديمقراطية، الأحزاب، الشعب، المواطنة، المجتمع المدني، الليبرالية، حقوق الإنسان، العدالة، الحرية، العلم، المرأة، الطفل، الجامعة ، المؤسسة، الجودة الأكاديمية، الضمان الأكاديمي، حارس البوابة، حرية التفكير، التنوير، العلمانية وغيرها الكثير من المفاهيم التي تدفقت علينا من سياقات تاريخية واجتماعية وثقافية مختلفة ومغايرة طيلة القرنين المنصرمين، إذ أنه وبعد “صدمة الحداثة التي هز بها التفوق الحضاري الهائل للاستعمار الغربي بنيان الثقافة الشرقية التقليدية، أخذت “الأفكار” و “المفاهيم” والمؤسسات والممارسات والنماذج والأشكال السياسية ومجموع القوانين والوصفات الاقتصادية تغادر شواطئ أوروبا وأمريكا الشمالية باتجاه الشرق أو جنوب الكرة الأرضية لتبحث لها عن فضاء مغاير تتحقق فيه، ولكن هذه المرة على الطريقة التي استقبلها بها أهل هذا الفضاء. وكان من الأولى، ونحن نتلقف هذه المفاهيم والمصطلحات الحداثية، ونسعى إلى إقحامها في سياقنا الثقافي، أن نكون على درجة عالية من الاحتراس والحذر، وأن نتخذ منها موقفاً عقلانياً نقدياً لغرض استيعابها وتفسيرها وتعريفها وتصنيفها وإنجاز خطاباً ابستومولوجيا فيها ولن يتم ذلك إلا عن طريق إحداث قطيعة معرفية مع الخطاب الاجتماعي والفكري الرائج والسوسيولوجيا ألتلقائية وطغيان الرأي العام، والآراء الجاهزة.

لا أخفيكم بأنني كنت شديد الحذر تجاه تلك المفاهيم النظرية المجردة التي عرفتها عبر الترجمة وليس عبر الممارسة ولما كان حدسي يقول لي بأن استخدمنا لتلك المفاهيم في واقعنا لم يكن مطابقا البتة لحقيقة الواقع المتعين كانت عبارة (فيما يشبه) بمثابة التعويذة التي استخدمها في مستهل كل رأي أو مقال أكتبه عن قضايا الشأن العام في مجتمعاتنا العربية الإسلامية المعاصرة إذ كتب فيما يشبه الحياة وفيما يشبه الدولة وفيما يشبه الفرح وفيما يشبه الحرية وفيما يشبه الجودة الأكاديمية.الخ. كنت على وعي عميق بإن المفاهيم لا توجد في فلك الأفكار ومدونات اللغات فحسب، بل هي كائنات تاريخية شديدة الارتباط بسياقاتها الاجتماعية الثقافية المشخصة، ولكل مفهوم مكان وزمان ولادة وسياق نمو وتجربة ممارسة وعلاقات قوة وسلطة معرفة ونظام خطاب ومدونة لغة وفضاء فكر وحساسية ثقافة وحقل تأويل وشفرة معنى وأفق دلالة.. الخ غير أن مشكلة الإنسان مع المفاهيم المجردة تكمن في اعتقاده بانه يعرفها بمجرد نطقها وحينما يسأل نفسه عن معناها يكتشف جهله وتلك هي قضية سقراط الفلسفية(أعرفك نفسك واعرف عن ماذا تتحدث) وهذا هو الدافع القوي الذي جعلني أبحث عن كل السبل الممكنة لزيارة شمال الأطلسي والتأكد بنفسي بالملموس عن حقيقة ما اعرفه عن الحضارة الأوروبية الحديثة والمعاصرة.

في الواقع لم أكن اصدق كل ما قرأته عن الدول الغربية وتمدنها وجودة جامعاتها واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز بين الجنسين والنظام والقانون والمواطنة والفرص واشياء كثيرة جدا. وربما يتذكر الأستاذ الدكتور عماد عبدالمسيح مدى حماستي لمعرفة الكثير عن هولندا نظامها التعليمي حينما التقيته لأول مرة في مؤتمر الإسكندرية عن (الترابط بين الإنسان والدين والبيئة) الذي نظمه معهد الأبحاث الألماني OIB من 10 إلى 13 ديسمبر2022 بحضور نخبة متميزة من المفكرين والاكاديميين والباحثين من مختلف بلدان العالم ومؤتمر الدين والتدين والتحول الرقمي في جامعة النيل بالقاهرة 12 مارس 2013م كنت حريصا على سماع المزيد من المعلومات عن هولندا التي تعد ثالث دولة في العالم من حيث جودة التعليم. إذ دائما من تحضر جامعاتها في مصنفات معيار الجودة العالمية في المراكز المتقدمة.

أتذكر في المرة الأولى أنني ذهبت إلى أمستردام لغرض معلن؛ هو حضور معرض الكتاب العربي ولكن الغرض الأهم هو الاتقاء بصديقي العزيز دكتور عماد عبدالمسيح وزيارة جامعة أمستردام الحرة التي تعد من بين أفضل عشر جامعات هولندية. ولما كنت مهتما بفهم معنى المؤسسة الأكاديمية ومعايير الجودة الشاملة كانت زيارتي لجامعة أمستردام الحرة بمثابة لحظة اكتشاف للمعنى الذي طالما وتحيرت في سبيل اكتشافه أقصد معنى الجودة الأكاديمية في نبعه وموطنه وكما يقول المثل اليمني: ما تُسهن الجودة إلا من منابعها! في ذات السياق يمكن لي ولكم فهم معنى كلمة (فيما يشبه) التي أدمنت كتابتها في عناوين مقالاتي دون وعي في كثير من الأحيان إذ ما أن أبدى بكتابة اي شيء يتصل بالحياة العامة في مجتمعنا العربي الإسلامي حتى تقفز تلك الأزمة (فيما شبه) مثل البسملة. كتبت فيما يشبه الفرح وفيما يشبه التهنئة وفيما يشبه الاحتفاء وفيما يشبه الاعتذار وفيما يشبه الحياة وفيما يشبه الوطن وفيما يشبه الأمل وفيما يشبه الحرية وفيما يشبه الشعر وفيما يشبه الحب وفيما يشبه الحلم وفيما يشبه التفكير وفيما يشبه الحزن وفيما يشبه المؤسسات وفيما يشبه الجامعة وفيما يشبه الجودة وفيما يشبه المدينة وفيما يشبه الثورة وفيما يشبه الدولة وفيما يشبه الثقافة وفيما يشبه البشر فيما يشبه الجيوش وفيما يشبه الصلاة وفيما يشبه الحرب وفيما يشبه الثقة وفيما يشبه الصدق وفيما يشبه العلم وفيما يشبه الحقيقة.. الخ. نعم كتبتها في عناوين مقالاتي المنشورة. ولم أكون على دراية واعية بحضورها الكثيف بهذا النحو. وربما يعود الفضل لأخي العزيز، استاذ صالح أبو مهيب الذي نبهني إلى تكرارها بشكل مستفز فيما معظم ما أكتب.

ذات يوم سألني صالح أخي أبو مهيب: لماذا تكتب كلمة (فيما يشبه) بعناوين منشوراتك ومقالاتك؟ تلعثمت ولم أجد جوابًا منطقيًا حينها وأتذكر أنني قلت له: لا أعرف لماذا علقت بذهني هذه الأزمة اللغوية؟ وحينما خلوت بنفسي أخذت أتأمل في الأمر فأخذتني الذاكرة إلى زمن مضى ربما لعقدين من الزمن منذ بدأت استخدم تلك العبارة دون أن أكون واعيًا بها. وهذا ما جعلني أتفحص الدلالة في هذا العبارة العالقة بذهني. انها يا سادة نابعة من احساس عميق بأن تلك الحياة التي نعيشها في هذه الأصقاع المسممة بالبؤس والخراب والظلم والظلام والخوف والجريمة ليست حياة طبيعية للكائن الإنساني. انها فقط فيما يشبه الحياة. وجودنا فيما يشبه الوجود أحلامنا فيما يشبه الأحلام أفراحنا فيما يشبه الأفراح، لا شيء طبيعي وراسخ ويبعث على الاطمئنان والثقة والحلم والأمان في هذا في مجتمعاتنا العربية الإسلامية الراهنة.

اننا نعيش في حالة وجودية عبثية تعي قوة التمييز والحكم. وتلك هي السمة العامة التي تتسم بها المجتمعات التي تضيق فيها حدود الحرية (حرية الضمير والفكر والاعتقاد والعمل)، إذ يندر أن تجد فيها أشخاصًا طبيعيين يتصرفون على طبيعتهم ببراءة وعفوية بالاتساق مع سجيتهم الحقيقية، بل تسود ثقافة وقيم ازدواجية الشخصية بين الظاهر والباطن وتزدهر قيم التكلف والتزلف والنفاق والمرآءة واللف والدوران والكذب والأحقاد والضغائن والخيانات والغدر والخديعة والشتم والغيبة والنميمة وانعدام الثقة والشك والارتياب وسوء الفهم والتفاهم والفصام وسرعة التقلب من حال الى حال والجمع بين المتناقضات دون الشعور بالتناقض وصعوبة التنبؤ بسلوك الأفراد وردود أفعالهم، واختلاط المعايير وغياب الحدود بين الغث والسمين بين الجيد والردئ ويمكنكم تعداد المزيد من القيم السلبية من واقع حياتكم وتجاربكم الشخصية. أتمنى أنني استطعت أن أجيب على السؤال ولو بالحد الأدنى. في ذات السياق جاءت فكرة كتاب فيما يُشبه الانتظار بوصفها فكرة محملة بكنانة شاملة بالأمل والترقب والصبر والرجاء وحينما يعجز الواقع عن إشباع حاجاته الملحة يضطر اخيرا إلى الحلم والأمل.

أمس كان يومًا تاريخيًا في حياتي إذ لأول مرة في أستمع إلى توصيف دقيق للمعضلة اليمنية من الدكتورة مارينا دي ريجت هي أستاذة مشاركة ومديرة برنامج البكالوريوس والماجستير في قسم الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بجامعة فريجي أمستردام. كانت المحاضرة في قاعة المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي (IISG) الذي تأسس عام 1935 في أمستردام، كمبادرة للحفاظ على الأرشيفات والوثائق المهمة المتعلقة بالحركات العمالية والتاريخ الاجتماعي، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الفاشية في أوروبا في تلك الفترة. إذ لعب المعهد دورًا رئيسيًا في حماية ونقل أرشيفات شخصيات ومنظمات يسارية بارزة، بما في ذلك وثائق كارل ماركس وفلاديمير لينين وغيرهم ومنذ تأسيسه بوصفة معهدًا أكاديميًا مستقلًا ومركزًا عالميًا للبحوث في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، مع اهتمام خاص بتاريخ العمل، والحركات الاجتماعية، والتغيرات الاقتصادية العالمية وصلت إليها بذاتي بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وذلك بعد أن عرفت عن تلك الندوة المهمة عن طريق الصدفة البحتة من صفحة الصديق سامي الشاطبي بالفيسبوك قبل أسبوعين تقريبًا إذ كتب نشر عن محاضرة مزمعة في المعهد بعنوان (نشطاء المولدين والنضال من أجل المساواة في المواطنة في اليمن، 1970-2024)ستناقش فيها الباحثة الهولندية مارينا دي ريجت الطرق التي ناضل بها المواطنون من أجل المواطنة المتساوية في الخمسين عاما الماضية. حجتها الرئيسية هي أن اندلاع الحرب في اليمن في 2014/2015 أدى إلى زيادة الوعي بين المولدين والمزيد من مبادرات المواطنين للمطالبة بالمواطنة المتساوية، لكن السياق الذي يمكن أن يعمل فيه النشطاء قد تغير بشكل كبير. تستند الورقة إلى بحث مستمر مع نشطاء داخل اليمن وخارجه. (ينظر، سامي الشاطبي، فيسبوك).

حرصت على حضورها رغم بعد المسافة بين مكان المحاضرة وحيث أقيم ثلاثة ساعات ونصف بالقطار. وصلت قبل ساعة من موعد المحاضرة وأمضيتها في التجول على ضفاف نهر إمستردام المحاذي للمعهد. ربما كان مبحث حرصي على حضور تلك المحاضرة المهمة يعود إلى اهمية موضوعها (المولدون اليمنيون ومدارات حياتهم في اليمن منذ خمسين عاما) وهو موضوع بالغة الأهمية ويعد مفتاحا منهجيا عقلانيا لفهم معضلة اليمن المستديمة هذا أول وثاني جاء مبعث حرصي بحافر فرصة اللقاء بالدكتورة مارينا التي تابعت مقابلتها الرائعة في بودكاست عرب أوروبا باليوتيوب ودهشتني بمدى تمكنها من فهم اليمني من داخلها وربما يعود ذلك في نظري إلى كونها اهتمت بالنوع الاجتماعي فالنساء في كان مكان هم الأقرب لحقيقة الحياة ومشكلاتها الاجتماعية المحسوسة الملموسة أكثر من مجتمع الرجال الذكوري المسكون بالمظاهر والأقنعة والزيف والكذب والخداع. فمن هي الباحثة التي تمنيت أنني اعرفها قبل إن التقيها؟ إذ وانا استمع إليها في قاعة المحاضرة تذكرت حيرتي مع صديقي العزيز الدكتور مبروك بوطقوقة، رئيس مركز فاعلون للدراسات افي الجزائر ورئيس، وحدة الدراسات الأنثروبولوجية في المعهد العالمي للتجديد العربي قبل سنوات حينما طلب مني ترشيح متخصص في الأنثربولوجيا اليمنية للحديث عن الدراسات الأنثروبولوجية في اليمن.

وقعت في حيرة من أمري إذ تذكرت عدم وجود قسم علمي للدراسات الانثروبولوجية في الجامعات اليمنية التي يفوق عددها على الأربعين جامعة. تواصلت مع بعض من أعرفهم في أقسام العلوم الاجتماعية فلم أجد أحد راقت له الفكرة والمهمة بوصفهم غير متخصصين بالانثربولوجبا البحتة وبعد مداولات عدة بيني وبين الدكتور مبروك بوطقوقه قال لي عليك أن ترشح لي أحد وإلا سجلت أسمك إذا لم تجد ولما كنت قد تابعت الندوة السابقة المكرسة الانثروبولوجيا في المغرب العربي والشمال الافريقي عن وحدة الدراسات الانثربولوجية في المعهد العالمي للتجديد العربي بما احتوته من مداخلات أكاديمية زاخرة بالمعلومات المتخصصة. فضلت البحث عن من يشبع هذه المهمة فاهديت إلى الباحث اليمني الشاب أحمد العرامي إذ سبق لي وأنا قرأت كتابيه عن ديانة اليمن السرية والمعتقدات والخرافات الشعبية. تواصلت معه ورحب بالفكرة فانقذني من الورطة وكان عند حسن الظن والاختيار. واذا كانت الجغرافيا هي محور الاستقطاب في اليمن فإن السياسية عجزت عن ترويض وترشيد الجغرافيا لتأسيس دولة عادلة ومستقرة لليمنيين. وهذا هو ما جعل النزعة المحلية هي الحاضر الوحيد في الحالة اليمنية الذي لازال يرين عليها الجهل والظلام من كل الجهات ومعظم نخبها محلية الثقافة والتفكير الدائر في افلاك المناطق والجهات اليمنية الكثيرة جدا. ثمة قلة من الأفراد الذين يجيدون التحليق والتغريد خارج أسراب المحليات المستديمة. فمتى تعرف النخب اليمنية المثقفة أن العالم قد صار اليوم فضاءًا علوميًا مفتوحًا؟ وهكذا مازلت اهم الكتب عن اليمن هي كتب الباحثين القادمين من خارجها ومنها كنت طبيبة في اليمن للطبيبة الفرنسية كلودي فايان وكتاب بول دريش (الدولة والقبائل في تاريخ اليمن الحديث، ترجمة علي محمد زيد وكتاب اليمن من الباب الخلفي وكتاب اليمن كما يرأه الأخر الصادر عن المركز اليمني الأمريكي في صنعاء وكتاب هيلين لاكنر، أزمة اليمن؛ الطريق إلى الحرب 2019م. وكتاب فلاج مللر، رسائل عابرة : الشعر والأشرطة السمعية والدور الأخلاقي لوسائل الإعلام في اليمن “تلك الكتب وغيرها من الكتابات الاجنبية هي أجودها في فهم وتمثيل حياة اليمنيين وهناك رواية كمان عن صيد السلمون في اليمن للانجليزي بول توردي. وتعد الباحثة الهولندية مارينا دي ريخت أهم الباحثين الأنثروبولوجيين في تمثيل الحالة اليمنية. فمن هي؟ وكيف تمكنت من فهم اليمن؟ وماذا قالت ؟ أمضت الدكتورة مارينا دي ريخت ما يربو على ثلاثة عقود، في دراسة المجتمع اليمني وتحوّلاته. وقد أثمرت جهودها عن إصدار جملة من الدراسات والتقارير القيّمة، من أبرزها “رائدات في ظروف غير مواتية” و “المولّدين اليمنيين في مواجهة الوصم”(ينظر، سامي الشاطبي ، حوار مع مارينا دي ريخت: رحلة بحثية في أعماق المجتمع اليمني، معين بريس31/يناير/2025م) في ذلك الحوار الضافي قالت الباحثة مارينا “وصلت إلى اليمن نهاية عام 1991. كان ذلك سنة ونصف بعد الوحدة. كان المجتمع اليمني، الشمال والجنوب، متوحدا. كان هناك عمل كثير في المستقبل، لكن أزمة الخليج بدأت مع الحرب في الكويت وصدام حسين، وعدد كبير من اليمنيين الذين رجعوا من الخليج إلى اليمن، تقريبا ثمانمائة ألف مغترب. وكان الوضع الاقتصادي والسياسي صعبا. وكنت في اليمن في عام 1994 عندما بدأت الحرب بين الشمال والجنوب. ومن تلك الأيام، أرى بأن الأوضاع تغيرت إلى العكس. وخاصة أنا، رجعت إلى هولندا عام 1998، ممّا كل سنة كنت أعود إلى هولندا، خاصة في الصيف، لأن الحرارة كانت قوية في الحديدة. كي أزور أهلي، أبي وأمي، وأصدقائي. بقيت في هولندا أثناء الحرب أشهرا”.

‎دائمًا أقول في الثلاثين سنة أن اليمن تغيرت كثيرا. آخر مرة كنت فيها في اليمن عام 2013، أصدقائي وصديقاتي يقولون بأنها تغيرت كثيرا مع الحرب. لكن من عام 2001، الحرب على الإرهابيين ودور عبد الله صالح وكل المشاكل السياسية داخل اليمن أثرت كثيرا على المجتمع اليمني”(ينظر، سامي الشاطبي، حوار مع مارينا دي ريخت: رحلة بحثية في أعماق المجتمع اليمني، معين بريس 31/يناير/2025). على مدى ساعتين في قاعة المعهد العالمي للتاريخ الاجتماعي المستقل.  استمعنا إلى محاضرة الدكتورة مارينا عن مشكلة المولدين في اليمن وتعقيب من أحد الاكاديميين في المعهد ثم فتح باب الناقش وسنحت لي الفرصة للتداخل. كنت اعتقد أنني سوف اجد عدد كبير من الباحثين اليمنيين في القاعة لاسيما والندوة تتصل بمجتمعهم ولكن للأسف لم أجد غير الشاب الجميل أسيد العبسي، خريج جامعي في الذكاء الاصطناعي ويجيد اللغة الانجليزية أكثر من اللغة العربية. اثنان فقط من المعنيين بموضوع المحاضرة بينما وجدت هناك العشرات من الاكاديميين الهولنديين والباحثين المهتمين بالأنثروبولوجيا الاجتماعية. كانت ندوة مهمة وغدًا سوف اكتب عن ماذا جرى فيها. وبحسب سامي الشاطبي ” يشكل المولدون اليمنيون، وهم اليمنيون المولودون عن أب يمني وأم أجنبية، غالباً ما تكون من أصول أفريقية أو آسيوية، نسبةً تقارب 6% من إجمالي سكان اليمن وعلى الرغم من مشاركتهم في نسيج المجتمع اليمني، إلا أنهم يعانون من ظاهرة العنصرية والتمييز، بسبب اختلاف لون بشرتهم عن لون غالبية السكان. ورغم ذلك، برز من بين المولدين اليمنيين أسماء لامعة في مختلف المجالات، كالمبدعين والمهرة والتجار، مثل الأديب الكبير، علي أحمد باكثر، والروائي محمد عبد الولي، وغيرهم الكثيرين”

(ينظر، سامي الشاطبي ، المولديين اليمنيين بين عنصرية المجتمع وتمييز القوانيين، تقرير منظمة SCYC، مجلة المولديين، عدد 12/نوفمبر/2024).


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

صنعاء تحقق إنجازاً: أول نظام دفاع جوي عربي رابع عالمياً

المرصد برس | 495 قراءة 

العميد طارق صالح يخرج عن صمته ويكشف اسباب التحشيد الحوثي باتجاه مأرب ويوجه رسالة صريحة للعرادة وبن عزيز "فيديو"

جهينة يمن | 424 قراءة 

هجوم حوثي مباغت في تعز وخسائر كبيرة

المشهد اليمني | 321 قراءة 

سيغير مشهد المعركة .. امريكا تكشف عن تمكن الحو ثيين من تهريب هذا الأمر الخطير !

جهينة يمن | 304 قراءة 

قصة مأساوية لطفل فقد بصره بسبب قبلة!

صوت العاصمة | 260 قراءة 

مراسل الجزيرة: لماذا لن تتجاوز قوات طارق صالح حدود دورها المرسوم؟

كريتر سكاي | 234 قراءة 

تحركات غامضة تحت الأرض تثير الرعب.. ماذا يحدث في اليمن؟

جهينة يمن | 222 قراءة 

السعودية تعلن عن مشروع جديد يهدف إلى حل مشكلة الكهرباء في اليمن

المرصد برس | 214 قراءة 

قيادي ح وثي يهاجم حزب الإصلاح ويكشف عن سر خطير

كريتر سكاي | 208 قراءة 

قيادي حو ثي يشير إلى تقديم الحو ثيين تنازلات كبيرة ويشبهها بصلح الحديبية!

كريتر سكاي | 188 قراءة