استعراض خاص بـ”يمن ديلي نيوز”:
من عظماء وأعلام وأبطال العرب في الجاهلية والإسلام هو الزعيم اليماني عروة بن زيد الخيل الطائي قائد طي في الفتوحات وفاتح بلاد الديلم.
منطقة طي باليمن هي مدينة براقش المعينية السبئية التليدة في وادي الجوف، بالقرب من مأرب.
وكانت تسكن طي مع مراد وغيرها من بطون مذحج في براقش ومعين وغيرها من مدن منطقة الجوف باليمن، حيث كانت براقش مركز قبيلة طي.
وسمي زيد الخيل لكثرة خيوله، فلم يكن لأحد من قومه ولا لكثير من العرب، بينما كانت لزيد الخيل كثير من الخيول، منها الخيول المسماة التي ذكرها في شعره، وهي ستة خيول: الهطال، والورد، ودوول، وكميت، وكامل، ولاحق، وكان يقول شعرا في خيوله.
فقد كان عُروة بن زيد الخيل شاعرا، خطيبا، شجاعا، كريما، حكيما، ذو كفاءة قيادية وإدارية.
إسلامه
في السنة التاسعة هجرية اجتمع كافة رؤساء ووجهاء بطون قبيلة طي، بدعوة من زيد الخيل، للتشاور في الدين الجديد دين الإسلام الذي كان قد اعتنقه بعض رجالات طي بصفة فردية.
انطلق وفد رؤساء وممثلي قبيلة طي إلى المدينة المنورة بقيادة زيد الخيل بن مهلهل الطائي، وفي المدينة دخل زيد والوفد في الدين الإسلامي.
وعندما رجع زيد الخيل إلى منطقته، دعا قومه إلى الإسلام، فدخلت بطون طي في دين الله افواجا، منهم ولديه عروة والحرث.
في حوالي شهر رمضان سنة 9هجرية قدم زيد الخيل وولديه عروة والحرث، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذا مكانهما في موكب الرسول وتشرفا بصحبته.
لقد كان عروة بن زيد الخيل مع أبيه زيد في مجلس رسول الله عندما جرى الحديث بين عمر بن الخطاب وزيد الخيل، بوجود عدي بن حاتم الطائي، حيث قال عمر بن الخطاب لزيد الخيل: لله درك يا أبا مكنف، فلولم يكن لطي غيرك وغير عدي بن حاتم لقهرت بكما العرب.
غزواته
لقد كان عروة بن زيد الخيل مبعوث وممثل أبيه في وفد طي الى أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان عروة بن زيد الخيل من الصحابة الفرسان اليمانيين الذين انطلقوا في جيش المؤمنين لمحاربة المرتدين وأتباع مسيلمة الكذاب في اليمامة ونجد.
وكان عروة من فرسان طي الذين انطلقوا مع عدي بن حاتم الطائي في الجيش العربي الإسلامي الأول إلى إقليم الحيرة في العراق بقيادة الصحابي خالد بن الوليد في شهر المحرم سنة 12هجرية.
كان لعروة بن زيد الخيل موقف مجيد في جهاد جيش الفرس بموقعة الجسر سنة 13هجرية.
موقعة الجسر بالحيرة
كانت موقعة الجسر في شعبان سنة 13هجرية، حيث وصل إلى منطقة الحيرة “جسر نانقيا” جيش بعثه كسرى يزدجر لقتال وإخراج المسلمين من إقليم الحيرة.
استنفر أمير المسلمين أبو عبيد بن عامر الثقفي قوات المسلمين، فاحتشدوا بقيادته بمنطقة المروحة وبينهم وبين الفرس ذلك الجسر “جسر بانغيا”.
قرر أبو عبيد الثقفي أن يعبر الجسر ليصل إلى الفرس لقتالهم، أشار عليه الصحابي سليط بن عمرو الانصاري بعدم العبور، وينحاز بالمسلمين الى بعض النواحي ويكتب الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ويستمده.
أبى أبو عبيد الثقفي إلا عبور الجسر إلى الفرس، فامتثل لرايه سليط وعروة بن زيد الخيل والمثنى بن حارثه، طاعة لأمره.
فعبر أبو عبيد الثقفي الجسر بالمسلمين، فلقوا الفرس واقتتلوا قتالا شديدا، وقاتل عروة بن زيد الخيل قتالا شديدا.
بينما تكاثر جيش الفرس وحملوا على أبي عبيد الثقفي والمسلمين الذين معه ومعه سليط الانصاري، وكثر القتل والجراحات بالمسلمين.
فقال سليط الأنصاري حينها: يا أبا عبيد قد كنت نهيتك عن قطع هذا الجسر اليهم وأشرت عليك بالانحياز إلى بعض النواحي والكتابة إلى أمير المؤمنين بالاستمداد فأبيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقاتل سليط الانصاري حتى استشهد، وحمل الفرس فقتلوا أبا عبيد الثقفي، وقاتل عروة بن زيد يومئذ قتالا شديدا، وجرح فيها.
نجح عروة بن زيد الخيل في الانسحاب بزهاء الفين من المسلمين سالمين، كما انسحب المثنى بن حارثة في زهاء ألف من المسلمين.
لقد كان عروة بن زيد الخيل هو المبعوث والقادم إلى الخليفة عمر بن الخطاب بنبأ موقعة الجسر.
سمع عمر من عروة بن زيد الخيل تفاصيل ما حدث، ابتدأ من التئام أمر الفرس واجتماعهم وطاعة سائر أمرائهم لكسرى، مرورا بإصرار الأمير أبي عبيد الثقفي على عبور الجسر وعدم قبول المشورة.
ومضى عروة بن زيد الخيل بفرسان طي في ذلك الجيش الذي قاده الصحابي جرير بن عبد الله البجلي فاكتسحوا جش الفرس المجوس، وذلك في موقعة النخيلة في سنة 13هجرية، قتل فيها قائد الفرس، وقتل من جيش الفرش أكثر من مائة ألف مفاتل.
استنفر الفرس قواتهم وجحافلهم من أرجاء الإمبراطورية الفارسية وأقاليمها في ايران وآسيا الوسطى واحتشدوا الى ملكهم كسرى يزدجر وقائدهم رستم في عاصمتهم المدائن بالعراق للقضاء على المسلمين.
عندما بلغ الخليفة عمر بن الخطاب بما تعده فارس، استنفر المسلمين للجهاد فتدفقوا إليه من اليمن وبقية الجزيرة العربية فبعثهم إلى العراق بقيادة سعد بن أبي وقاص.
التقى الجيشان في العراق في القادسية، واندلعت موقعة القادسية في المحرم سنة 14هجرية، وكان عروة بن زيد الخيل قائد فرسان طي في موقعة القادسية، وكان واحداً من الصحابة الذين كان لهم الدور البارز في تحقيق الانتصار التاريخي الكبير بالقادسية.
كان عروة من أبرز القادة الصحابة الذي وصلوا بفرسانهم إلى الشام في سنة 15هجرية، وانضموا إلى الجيش العربي الإسلامي بالشام بقيادة الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح لمواجهة امبراطورية الروم.
كما شهد عروة موقعة نهاوند، وكان رئيس فرسان طي الصحابي اليماني عدي بن حاتم الطائي، حيث كانت موقعة نهاوند سنة 20 هجرية وانتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيما على جيش الفرس بإيران، عاد بعدها عروة إلى الكوفة منطلقا لفتح بلاد الديلم.
لقد انطلق عروة من عند أمير الكوفة عمار بن ياسر العنسي رضى الله عنه “عملاق مذحج” في ثمانية ألف من فرسان العروبة والإسلام، لفتح بلاد الديلم.
جمعت له الديلم وأمدهم أهل الري، فقاتلوه قتالا شديدا، فجاهدهم عروة جهاداً باسلاً في موقعة “الديلميين”.
ولقد تكللت موقعة الديلميين بالنصر المبين، إذ أن عروة بن زيد الخيل، أظهره الله على الديلم وأهل الري، فقاتلهم، واجتاحهم.
كذلك كان عروة بن زيد الخيل الطائي من الصحابة القادة الذين شهدوا فتح إقليم البهنسا وصعيد مصر، وذلك في سنة 21هجرية وشارك في المعارك والفتوحات بعدها.
وفاته
عاش عروة بن زيد الخيل الطائي بقية عمره في الكوفة إلى أن رجعت نفسه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية، سنة 42 هجرية الموافق 662 ميلادية.
سلسلة
حلقات
“يمانيون
في
موكب
الرسول”
:
الجزء الأول من سلسلة “يمانيون في موكب الرسول”
الحلقة الحادي والثلاثون: الصحابي وائل بن الحضرمي وجد الفيلسوف العربي “ابن خلدون”
الحلقة الثانية والثلاثون: الصحابي عمران بن حصين مصافح الملائكة وإمام التابعين
الحلقة الثالثة والثلاثون: يمانيون في موكب الرسول.. الصحابي الربيع بن زياد أمير خراسان
الحلقة الرابعة والثلاثون: يمانيون في موكب الرسول.. بديل بن ورقاء سيد خزاعة وقائد فرسانها في فتح مكة
الحلقة الخامسة والثلاثون: الصحابي مالك بن نمط الأرحبي رائد بكيل وحاشد إلى رسول الله
الحلقة السادسة والثلاثون: الصحابي عُدي بن حاتم الطائي “خير الناس
”
الحلقة السابعة والثلاثون: طريف المعافري “قائد أول حملة استطلاعية فدائية ضد الاسبان
”
الحلقة الثامنة والثلاثون: سفيان بن وهب الخولاني أمير إفريقية
الحلقة التاسعة والثلاثون: موسى بن نصير اللخمي.. فاتح المغرب وبلاد الاندلس
الحلقة الأربعون: شرحبيل بن السمط الكندي “أمير عاصمة كسرى وفاتح قيصر
”
الحلقة الواحد والأربعون: عيّاض الاشعري “أمير الجزيرة الفراتية وأرمينية”
مرتبط
الوسوم
يمانيون في موكب الرسول
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news