اليمن والحوثيون.. غربة الداخل وخيانة الهوية

     
وطن نيوز             عدد المشاهدات : 30 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
اليمن والحوثيون.. غربة الداخل وخيانة الهوية

في قلب كل وطن روح تسكنه، هوية تنبض في شرايينه، وتاريخ يحدد ملامحه، اليمن ليس استثناءً، فقد ظل عبر القرون محتفظًا بجوهره، مقاومًا كل محاولات الطمس والتشويه. لكن في منعطفه الحالي، يواجه اليمن تحديًا ليس كأي تحدٍّ سابق، إنه احتلال من نوع آخر، احتلال من الداخل، غربة تنخر في عظامه، وكيان مشوّه يرتدي عباءة اليمني لكنه ليس منه.

لطالما عُرف اليمني بصفات تميّزه عن غيره: الكرامة، العزة، الفطرة السليمة، والميل الفطري إلى الحرية. لكنه اليوم يجد نفسه أمام جماعة تحمل ملامحه لكنها لا تشبهه، تتكلم لغته لكنها لا تنتمي له، تعيش بينه لكنها لا تنتمي إليه.

هؤلاء ليسوا مجرد جماعة سياسية أو تيار أيديولوجي، بل حالة شاذة، كائنات غريبة نبتت في جسد الوطن لكنها ترفض أن تكون جزءًا منه.

الحوثيون لا يشعرون أنهم يمنيون، ولا يتصرفون كيمنيين، لا في مشاعرهم ولا في سلوكهم ولا في أولوياتهم، منذ لحظة خروجهم من الجبال إلى المدن، لم يكونوا أبناء هذه الحواضر، بل كانوا غزاة، لم يحاولوا أن يفهموا المدينة، بل سعوا إلى تطويعها لهم، لم يتعلموا من المجتمع، بل أرادوا أن يعيدوا تشكيله على صورتهم، صورة دخيلة على كل ما هو يمني.

العزلة الشعورية.. حين يكون الحاكم غريبًا عن المحكوم

هناك فارق شاسع بين أن تحكم وطنك، وأن تحكم وطنًا لا تشعر بالانتماء إليه. الحوثيون لم يروا في اليمن وطناً، بل ساحة نفوذ، رقعة شطرنج يحركون فيها بيادقهم، وقاعدة انطلاق لمشروعهم الخاص.

لم يُخفوا ذلك، ولم يحاولوا حتى تجميله، بل أعلنوه صراحة: إيران هي مرجعهم، ومشروعهم يتجاوز حدود اليمن، أما اليمني البسيط، فهو مجرد وقود لهذه المغامرة العبثية.

لم يكن غريبًا إذن أن يتنكروا لكل ما يجمع اليمنيين، أن يهدموا رموزهم، أن يدفنوا مناسباتهم الوطنية، وأن يفرضوا عليهم طقوسًا لا تمت لهم بصلة.

لم يكن مستغربًا أن تتحول صنعاء من عاصمة نابضة بالحياة إلى مدينة حزينة مكتئبة، حيث كل شيء صار غريبًا: الأعياد، الشعارات، حتى أصوات المآذن لم تعد كما كانت.

صدام الهويات.. لماذا يرفضهم اليمنيون؟

الشعوب قد ترضخ لحكامها، لكنها لا تحبهم إن كانوا لا يشبهونها. هذا هو جوهر المشكلة بين اليمنيين والحوثيين، لم يستطع الحوثيون، رغم كل وسائل القمع، أن يكونوا جزءًا من هذا المجتمع، ولم يستطع المجتمع، رغم كل أشكال القهر، أن يتقبلهم. هناك تنافر لا يمكن تجاوزه، ليس سياسيًا فقط، بل نفسيًا وثقافيًا، تنافر يجعل الحوثي غريبًا حتى لو حكم صنعاء ألف عام.

هذا التنافر هو الذي يجعل اليمني، الذي يُعرف بتدينه الفطري، يعزف عن دخول المساجد التي حولها الحوثيون إلى منابر سياسية، وهو الذي يجعل صنعاء التي كانت تضج بالحياة تتحول إلى مدينة صامتة، وهو الذي يجعل الشعارات التي يرفعها الحوثيون لا تلقى صدى في وجدان الناس، رغم كل الضجيج الذي يحدثونه.

الهوية ليست مجرد كلمات، بل شعور بالانتماء، والحوثيون لم يشعروا يومًا أنهم جزء من اليمن، لذلك لم يكن غريبًا أن يعلنوا، مرة تلو الأخرى، أن علاقتهم بإيران أعمق من علاقتهم بمحيطهم العربي، ولم يكن مفاجئًا أن يتصرفوا كعملاء أكثر منهم حكامًا، يقدمون مصلحة مرشدهم على مصلحة وطنهم، ويرهنون سيادة بلدهم في سوق الولاءات الإقليمية.

لكن هذا ليس مجرد خطأ سياسي، بل خيانة شعورية، خيانة للأرض التي يقفون عليها، وللناس الذين يتحكمون في مصائرهم، وللجغرافيا التي احتضنتهم لكنها لم تحتوِهم.

نهاية الغرباء… متى؟

التاريخ يقول إن الأجساد الغريبة لا تعيش طويلًا في بيئة ترفضها، وإن المشاريع الدخيلة تذبل عندما لا تجد من يتبناها. الحوثيون اليوم في معركة خاسرة، ليس فقط لأنهم في مواجهة مقاومة عسكرية، بل لأنهم في صدام مع روح اليمن، مع ثقافته العميقة، مع ذاكرته الجمعية، مع إحساسه المتجذر بذاته.

اليمنيون قد يطول صبرهم، لكنهم لا ينسون، قد يتحملون، لكنهم لا يستسلمون، قد يصمتون، لكنهم لا يقتنعون، وفي النهاية، لا بد أن يعود #اليمن إلى هويته، وأن يرحل الغرباء، ولو طال بهم الزمن.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أول تحرك ”عماني أمريكي” عقب إدراج قيادات حوثية في سلطنة عمان على قائمة الإرهاب

المشهد اليمني | 1084 قراءة 

الأمن السعودي يسيطر على هذه الشحنة الضخمة القادمة من الاراضية اليمنية وحرس الحدود يصدر بيان

المرصد برس | 992 قراءة 

توقعات كبيرة بسقوط نظام الحوثيين في هذا التاريخ

المرصد برس | 905 قراءة 

عاجل : وزير الخارجية الاميركي يصدر بيانا شديد اللهجة ضد الحوثيين "النص"

جهينة يمن | 685 قراءة 

هجوم عنيف على مارب من ثلاثة محاور ومقتل قيادي كبير"الأسماء"

اليمن السعيد | 681 قراءة 

عاجل: ”يحيى سريع” يطل بعد غياب ويعلن عن أول عملية عسكرية بعد ساعات من إعلان أمريكي بتصينف الحوثيين

المشهد اليمني | 612 قراءة 

اجتياح واسع لليمن خلال ساعات (تحذير)

جهينة يمن | 586 قراءة 

تحرك "عماني - أمريكي" مفاجئ عقب إدراج قيادات حوثية في سلطنة عمان على قائمة الإرهاب "تفاصيل"

جهينة يمن | 582 قراءة 

بعد لقاء الرئيس العليمي مع الشرع...تجهيزات عسكرية من قبل قوات الشرعية لهذا الأمر

جهينة يمن | 545 قراءة 

تفاصيل خطيرة ...الكشف عن ساعات اخيرة للحوثيين في صنعاء

اليمن السعيد | 519 قراءة