هل تواجه غزة خطر المجاعة الوشيكة؟ تقارير دولية تؤكد.. وأخرى تفيد بزوال الخطر.. وإسرائيل تنفي وجود أزمة.
الحديث عن خطر المجاعة عاد بعد قرار إسرائيل منع دخول المساعدات الغذائية إلى غزة ردا على رفض حماس مقترح هدنة ينص على تسليم الرهائن الإسرائيليين.
وبينما حذرت تصريحات أممية من وقوع مجاعة في القطاع بسبب ذلك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الأحد إن الحديث عن مجاعة في غزة هو "كذبة حرب".
تقديرات وتحذيرات
منذ بداية الحرب، أصدت منظمات دولية، مثل "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، التابع لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، وشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (تابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، تقارير دورية عن حالة الأمن الغذائي في غزة.
وفي ديسمبر 2023، أي بعد نحو شهرين من الحرب، حذر "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" من "خطر حدوث المجاعة بحلول نهاية مايو 2024 إذا لم يتم وقف الأعمال العدائية على الفور وتوفير الإمدادات والخدمات الأساسية للسكان".
ومنذ ذلك الحين، "لم يتم استيفاء الشروط اللازمة لمنع المجاعة"، واعتبرت المنظمة أن المجاعة "باتت وشيكة" في المحافظات الشمالية في أي وقت بين منتصف مارس ومايو 2024 بالنسبة للمحافظات الجنوبية والوسطى، وتوقعت حدوث المجاعة بين منتصف مارس ومنتصف يوليو 2024.
أما شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة فحذرت من المجاعة في شمال غزة بسبب "الحصار الإسرائيلي شبه الكامل" للغذاء والمساعدات الأخرى.
وفي ديسمبر الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن سكان القطاع يواجهون "مجاعة وشيكة" وسوء تغذية "متجذرا" ونظاما صحيا "منهارا"
وعبر مسؤولون في الأمم المتحدة عن قلقهم من "انهيار النظام العام والأمني" مع "انتشار أعمال النهب والصراعات للحصول على... موارد باتت نادرة".
وقبل ذلك بنحو شهر، دعا أعضاء في مجلس الأمن الدولي إلى "منع انزلاق شمال غزة إلى المجاعة".
وأكدت إيلزي براندز كيريس، مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان، في جلسة لمجلس الأمن عقدت في نوفمبر 2023، أن "الوضع الإنساني وحقوق الإنسان للمدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة كارثي".
وأكد رين بولسن، مدير مكتب الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، أن "الرجال والنساء والفتيان والفتيات يتضورون جوعًا مع احتدام الصراع".
وقال إنه قبل 7 أكتوبر 2023، كانت غزة "مكتفية ذاتيًا إلى حد كبير في الخضروات والبيض والحليب الطازج والدواجن والأسماك، وأنتجت محليا الكثير من اللحوم الحمراء والفواكه. واليوم، تضررت أو دمرت ما يقرب من 70 في المئة من الأراضي الزراعية، ونفق ما يقرب من 95 في المئة من الماشية، وأكثر من نصف قطعان الأغنام والماعز".
وأسفر هجوم حماس في جنوب إسرائيل عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.
وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ونزح غالبية سكان القطاع المحاصر والبالغ عددهم 2.4 مليون نسمة مرات عدة بينما يعيشون "في ظروف كارثية"، وفق الأمم المتحدة.
ومع بدء الهدنة في يناير، دخلت مئات الشاحنات المحملة بالوقود والأغذية والمعدات إلى القطاع.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن أكثر من 12600 شاحنة مساعدات دخلت غزة منذ سريان وقف إطلاق النار.
وفي التاسع من فبراير الماضي، أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، أن المجاعة "تم تجنبها إلى حد كبير مع تدفق المساعدات خلال الهدنة، لكنه حذر من أن التهديد قد يعود بسرعة إذا انهار الاتفاق".
وقال فليتشر في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس بعد زيارة استمرت يومين إلى غزة: "أعتقد أن خطر المجاعة تم تجنبه إلى حد كبير. لقد انخفضت مستويات المجاعة عن مستواها قبل وقف إطلاق النار".
لكنه حذر من أن "الظروف لاتزال مروعة، ولا يزال الناس جوعى. وإذا انهار وقف إطلاق النار، وإذا انكسر، فسوف تعود هذه الظروف (الشبيهة بالمجاعة) بسرعة كبيرة".
وقال إن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الإمدادات الغذائية والطبية للمنطقة التي يزيد عدد سكانها عن مليوني شخص، معظمهم من النازحين، وأعرب عن مخاوفه بشأن تفشي الأمراض بسبب نقص الإمدادات الصحية الأساسية.
وصرح قائلا "يجب أن نوفر عشرات الآلاف من الخيام بسرعة كبيرة، حتى يتمكن الأشخاص الذين يعودون، وخاصة العائدين إلى الشمال، من الاحتماء من تلك الظروف".
تهديد جديد
وبينما باتت الهدنة تراوح مكانها، حذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن تجدد الأعمال العدائية في قطاع غزة سيكون "كارثيا". وقال إن "وقفا دائما لإطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن أمر ضروري لتجنب التصعيد والمزيد من العواقب المدمرة على المدنيين"، وفق ما جاء في بيان للمتحدث باسمه.
وأعلنت إسرائيل، الأحد، تعليق دخول السلع والإمدادات إلى القطاع، محذرة من "عواقب أخرى" على حماس إذا لم تقبل بمقترح تمديد موقت للهدنة.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، فقد وصف، الأحد، التحذيرات من خطر وقوع مجاعة في غزة بأنها "كذبة طوال هذه الحرب. كانت كذبة".
وكان السفير الأميركي في إسرائيل، جاكوب لو، قد شككك من قبل في بيانات شبكة الإنذار المبكر واعتبر التصريحات بشأن المجاعة "غير مسؤولة".
وتوصلت مراجعة أجرتها منظمة المحامين البريطانيين من أجل إسرائيل (UKLFI ) إلى أن المعلومات التي أصدرتها المنظمات الدولية بشأن المجاعية غير دقيقة.
وأشارت إلى مشاكل خطيرة في التقارير التي أصدرتها هذه المنظمات، بسبب ما قالت إنه استخدامها "لبيانات غير كاملة أو غير دقيقة، والتطبيق غير المتسق للمعايير المنهجية، والفشل في أخذ البيانات الجديدة في الاعتبار، والتحيز المحتمل" في كيفية تفسيرها وتقديم المعلومات التي لديها.
وشكك أكاديميون إسرائيليون ومسؤولو في الصحة العامة في دقة وموثوقية هذه التقارير منذ مايو 2024، واعتبروا أن التقديرات التي قدمتها هذه المنظمات بدت وكأنها تتجاهل إمدادات المساعدات واستخدامها من مصادر مشكوك فيها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news