نسعى في هذه السطور إلى استعادة شريط الذكريات، والعودة إلى أجواء رمضان في عدن كما عاشها أجدادنا وآباؤنا قبل أكثر من نصف قرن.
الاستعداد لرمضان
كان الناس يبدأون تحضيراتهم في الأيام العشر الأخيرة من شعبان، حيث تكتظ الأسواق بالمتسوقين لشراء احتياجات الشهر الكريم. تتجه ربات البيوت إلى محلات بيع البهارات ومتطلبات رمضان، مثل العتر، والشوربة، واللبنية، والدجرة، بالإضافة إلى إرسال القمح إلى الطواحين للحصول على الشوربة.
أما الأطفال، فكانوا يجوبون الأحياء حاملين الفوانيس، يرددون الأهازيج الرمضانية، مثل: "يا مساء الخير يا مساء النور، جينا نمسيكم يا جماعة".
طقوس استقبال رمضان
قبل حلول رمضان، كان الأهالي يحتفلون بإحراق الإطارات على قمم الجبال. وكانت رؤية الهلال تتم من أماكن عديدة مثل جبل شمسان، وجبل الساعة، ورأس برادلي، وساحل عدن الذهبي.
الأجواء الدينية
مع دخول رمضان، كان المؤذنون يترنمون بموشحات دينية بعد أذان العشاء، مثل: "أيها النوام قوموا للفلاح".
وكانت المساجد تضج بالتراويح، والذكر، والمدائح النبوية، حيث يجتمع الناس حول الإمام بعد الصلاة، يتبادلون الشاي والقهوة في أجواء روحانية.
وفي الأيام الأخيرة من رمضان، كان الأهالي يحتفلون بـ"أيام الختوم"، حيث يتم توزيع الشاي والقهوة والبسكويت في المساجد، وسط أجواء مليئة بالمحبة والتآلف.
أجواء الإفطار والسهرات الرمضانية
في الماضي، لم تكن هناك مكبرات صوت أو إذاعات تعلن عن موعد الإفطار، فكان الأطفال يتسابقون لإبلاغ أسرهم بحلول المغرب عند سماع الأذان. ومع دخول الكهرباء، أصبحت الأحياء تتزين بالمصابيح، ويفترش الأهالي الطرقات استعدادًا للعب ألعاب مثل "البطة" (لعبة الورق)، و"الكيرم"، و"الدمنة".
رمضان في عدن: احترام وتعايش
كانت الجاليات اليهودية والمسيحية في عدن تحترم شهر رمضان، حيث حرصوا على عدم تناول الطعام علنًا خلال ساعات الصيام. حتى المستعمر البريطاني فرض قيودًا على التدخين وتناول الطعام في الشوارع احترامًا للصائمين.
خدمات المياه خلال رمضان
في أواخر الأربعينيات، كانت سلطات عدن البريطانية تُجري تغييرات في جدول ضخ المياه خلال رمضان، لتوفيرها لساعات إضافية تسهيلًا للصائمين.
تظل ذكريات رمضان في عدن محفورة في وجدان أهلها، تعكس روح التآخي والبساطة التي ميزت تلك الأيام الخالدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news