عدن توداي
كتب/محمد المسيحي
في تاريخ الأمم، هناك رجالٌ يصنعون الفرق، رجالٌ لا تهزهم العواصف، ولا تُغريهم الإغراءات، ولا يبدلون مواقفهم تبعًا للظروف، بل يظلون ثابتين كالجبل، راسخين كالأرض، مضيئين كالشمس في ذروة سطوعها ، ومن بين هؤلاء القادة الأفذاذ، الفريق الركن محمود أحمد سالم الصبيحي، مستشار مجلس القيادة للدفاع والأمن، كواحدٍ من أولئك الذين سطّروا ببطولاتهم وعزيمتهم صفحاتٍ مشرقة في سجل التاريخ الوطني.
مقالات ذات صلة
اتصالات للشرفاء المظاهر المسلحة لاتعنيهم.. بقلم /جلال السويسي
رجال صماصيم:
ليس من السهل أن تكون قائدًا عسكريًا في زمن الاضطرابات، حيث تتلاطم الأمواج، وتتلاشى الثوابت، ويكثر المتلونون ؛ ولكن الفريق الركن محمود الصبيحي أثبت أنه من طينة القادة العظماء، الذين لا تهزهم المحن، ولا تحيد بوصلتهم عن مسارها الوطني قيد أنملة.
فمنذ أن تدرج في صفوف القوات المسلحة، كان رجلًا لا يعرف التراجع، لا يهاب المعارك، ولا يلتفت إلى الوراء، بل يمضي دومًا بثباتٍ نحو الهدف الأسمى: حماية الوطن وصون كرامته.
كان الصبيحي مدرسةً متكاملة في القيادة، تجلّت فيها الحكمة مع القوة، والانضباط مع الشجاعة، والإخلاص مع التضحية، فهو فارسٌ مقدام، سلاحه الإيمان بوطنه، ورصيده حب شعبه، ودرعه الصلابة في المواقف المصيرية.
منذ بداياته العسكرية، كان الفريق الركن محمود الصبيحي مثالًا للقائد الذي لا يرضى بأن يكون شاهدًا على الأحداث، بل صانعًا لها. خاض معارك الدفاع عن سيادة الوطن بكل بسالة، وكان في كل محطةٍ من محطات النضال، حاضرًا بكل ثقله، يقود جنوده من قلب الميدان، لا من خلف المكاتب، فكان جنديًا قبل أن يكون قائدًا، ومقاتلًا قبل أن يكون صاحب قرار.
وفي أحلك الظروف، عندما كان الوطن يمر بمنعطفات خطيرة، لم يبدّل الصبيحي مواقفه، ولم يساوم على مبادئه، بل ظل صامدًا كما هو، متمسكًا بالقَسم الذي أدّاه يوم ارتدى بزته العسكرية: أن يذود عن حياض الوطن، وألّا يسمح بتمزيقه أو التفريط بشبرٍ واحدٍ من ترابه.
لم يكن الطريق الذي اختاره محمود الصبيحي مفروشًا بالورود، بل كان مليئًا بالتحديات والمخاطر، ومع ذلك، لم يتردد يومًا في تقديم التضحيات، مؤمنًا بأن الأوطان لا تُبنى بالكلام، بل بالمواقف الصلبة والدماء الزكية التي تُسفك دفاعًا عن عزتها وكرامتها.
لقد كان القائد الصبيحي في مقدمة الصفوف، حينما كانت المرحلة تتطلب رجالًا من طرازٍ فريد، رجالًا لا يعرفون الانحناء، ولا يقبلون المساومة، ولا يمارسون فن الهروب من المسؤولية؛ كان حاضرًا في لحظات الحقيقة، حيث يتمايز الرجال، وحيث لا يبقى إلا الأوفياء للأرض والعهد.
اليوم، ونحن نستذكر مسيرة هذا القائد الوطني، فإننا لا نتحدث عن رجلٍ عابر في صفحات التاريخ، بل عن شخصيةٍ استثنائية، اختبرتها الأيام، وعركتها التجارب، فكانت على الدوام في مستوى التحديات.
الفريق الركن محمود الصبيحي هو رمزٌ للصلابة الوطنية، وتجسيدٌ حيٌ لمعنى الولاء الحقيقي للوطن، وللشرف العسكري الذي لا يقبل المساومة، فمثله لا يُقاس بحجم المناصب التي تقلدها، بل بحجم الأثر الذي تركه، والتاريخ الذي سطّره، والمواقف التي وقف فيها بكل إباءٍ وشموخ.
إن الكلمات مهما بلغت من القوة والبلاغة، لن تفي هذا القائد حقه، لكن من الواجب الوطني والأخلاقي أن نرفع له تحية إجلال وإكبار، تقديرًا لمواقفه، واحترامًا لتضحياته، واعترافًا بما قدمه لوطنه من إخلاصٍ لا تشوبه شائبة.
إن الأوطان العظيمة لا تُبنى إلا بسواعد رجالٍ أمثال الفريق الركن محمود الصبيحي، الذين يثبتون أن البطولة ليست مجرد لحظةٍ عابرة، بل مسيرةٌ متواصلة من العطاء، وأن الشرف العسكري ليس مجرد شعار، بل مبدأٌ يُمارس، وعهدٌ يُنفذ، وواجبٌ لا يُفرّط فيه.
فلك كل التحية أيها الفارس الصامد، أيها القائد الذي لم ينحنِ للعواصف، ولم يبدل ولاءه، ولم يخن عهده؛ ستظل في ذاكرة الوطن رمزًا للصلابة والشجاعة، وستظل سيرتك مدرسةً للأجيال، وتؤكد أن الأوطان لا يحميها إلا الأوفياء، ولا يصون كرامتها إلا أصحاب المبادئ الراسخة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news