شاهد| فوضى فساد وتحذيرات من انهيار النظام السياسي للحكومة اليمنية

يمن إيكو|تقرير:

جدد ناشطون وإعلاميون تحذيراتهم من انهيار مرتقب لمنظومة النظام السياسي (مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية) المعترف به دولياً جراء استمرار فوضى الفساد- من نهب موارد الدولة وتهريب أموالها، والاستيلاء على أراضيها ومنشآتها ومبانيها الحكومية، وذلك بالتزامن مع تحذيرات أممية من خطورة استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي والخدمي في تلك المناطق على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

وقال رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد”، فتحي بن لزرق، في منشور على حسابه بـ” فيسبوك” رصده “يمن إيكو”: إن موارد الدولة وعلى رأسها الأراضي والأموال، في مناطق الحكومة اليمنية، لا تزال تتعرض لما وصفه بـ “النهب المرعب”.. مشيراً إلى حالة الاجتياح من قبل بعض القيادات والمسؤولين، وقيامهم بنهب كل ما يقابلهم من أراضٍ وأموال، وتجارة غير مشروعة بالنفط والغاز، والجبايات.

وأكد أن مشهد فوضى النهب والفساد، يقابله السقوط والتهاوي لكل مظاهر الدولة، وانهيار أسعار الصرف وغيرها، وجميعها تشير إلى أن القوم يسابقون الزمن استباقاً لوقوع حدث جلل وكبير، في إشارة إلى احتمال الانهيار الكامل للنظام السياسي المعترف به دولياً (المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية).

وفيما نبه بن لزرق إلى أن الفساد وصل إلى مرحلة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المناطق الواقعة في نطاق سلطات الحكومة اليمنية تتحضر لحالة سقوط مرعبة ونهائية ولذلك الكل ينهب ما تيسر، وصف الناشط الإعلامي كامل الخوداني (محسوب على المؤتمر الشعبي العام الشريك الرئيس في المجلس الرئاسي وحكومته) ما يجري من تهريب غاز ونفط بالبر والبحر، وعمل مصافي وأنابيب خاصة واستيلاء على حقول وقطاعات كاملة، محلات صرافة وشركات وهمية وبنوك لغسيل الأموال”، بأنه “كارثة تفوق العقل”.

وأشار الخوداني في منشور على حسابه في “فيسبوك”، رصده موقع “يمن إيكو”، إلى أن عمليات النهب شملت كل الموارد والإيرادات، فيما تم تهريب العملة الأجنبية للخارج، والاستيلاء على أراضٍ ومحافظات كاملة ومؤسسات. حسب تعبيره.

السطو على أراضي ومباني الدولة

وأمس الجمعة، كشفت مصادر مطلعة في عدن عن تحويل مقربين من رئيس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً “عيدروس الزبيدي”، مبنى حكومي إلى سكن خاص لهم في مدينة عدن.

وحسب المصادر، فإن مدير مكتب رئيس الانتقالي “عماد محمد”، و”إبراهيم قائد على ناجي” الذي يشغل مدير مالية الانتقالي، وعضو الانتقالي “مثنى الشعيبي” قاموا بتحويل مبنى المعهد التقني التابع لوزارة الاتصالات الواقع في جبل جولد مور بمنطقة التواهي إلى سكن خاص لهم منذ عام 2018م.

وأوضحت أنهم رفضوا الخروج من المعهد مؤكدين أن لديهم توجيهات مباشرة من الزبيدي بالسكن في المعهد، مستغلاً حالة الفوضى وغياب سلطات الدولة الفعلية بعدن منذ مطلع العام 2016م، لتمكين مقربيه وأبناء منطقته من الاستيلاء على الممتلكات العامة.

وبيّنت المصادر أن هذه الممارسات ضمن سياسة البسط والنهب المنظم التي تطال المنشآت الحكومية وملحقاتها بالإضافة إلى أراضي وعقارات الدولة منها أراضي حرم جامعة عدن، وحوش مؤسسة النقل البري، ونادي النصر الرياضي، وغيرها من أراضي المواطنين، في عدن وأبين وحضرموت وسقطرى وغيرها من المناطق الواقعة في نطاق الحكومة اليمنية التي تشهد صراعات فصائلها أو شركائها على الموارد.

استغلال المنشآت الحكومية الإيرادية

وفي سياق متصل باستغلال النافذين لمنشآت الدولة في مختلف القطاع، كشف الناشط علي النسي في تدوينة نشرها على حسابه بمنصة “إكس”، رصدها “يمن إيكو”، عما أسماه فساد قطاع السياحة في عدن، مؤكداً أن منشآت سياحية حكومية مؤجرة من قبل الجهات المعنية لمستثمرين بمبالغ زهيدة وعقود طويلة تمتد لأكثر من 20 سنة، ومن أبرزها منتجع الفيل المؤجر شهرياً بنحو 200 ألف ريال، بينما دخله الشهري50 مليوناً، وكذلك النادي الدبلوماسي، المؤجر بنفس المبلغ، بينما دخله الشهري يصل إلى 35 مليون ريال، فيما تم تأجير حديقة الكمسري بمبلغ 500 ألف ريال، ودخلها الشهري60 مليوناً، وحديقة عدن نيو المؤجرة بمبلغ 150 ألف ريال ويصل دخلها الشهري إلى 30 مليون ريال، وغيرها من المتنزهات والفنادق والمباني الحكومية.

تهريب الغاز المنزلي

تأتي هذه التحذيرات الجديدة، بعد يومين من انكشاف تفاصيل وخفايا ما أسماه الناشطون والإعلاميون فضيحة فساد جديدة امتدت أيادي أصحابها هذه المرة إلى تهريب أكثر من 70% من الغاز المنزلي المنتج في مأرب إلى القرن الأفريقي، وسط تفاقم الأزمات التي تخنق المواطنين في مناطق الحكومة اليمنية جراء انعدام مادة الغاز للشهر الثاني على التوالي.

وكشفت مصادر مطلعة من العاملين في قطاع الغاز بمأرب، عن عمليات تهريب للغاز المنزلي تتم عبر نقطتي إرسال بحريتين، الأولى عبر سواحل نشطون بمحافظة المهرة، والثانية عبر السواحل الفاصلة بين غربي عدن وباب المندب، وصولاً إلى جيبوتي والصومال. حسب ما أكده رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد”، فتحي بن لزرق، في منشور على حسابه بـ” فيسبوك” رصده “يمن إيكو”.

تهريب العملة الصعبة

والإثنين الماضي، كشفت مصادر مطلعة في الخطوط الجوية اليمنية بعدن، عن تمكن السلطات الأمنية في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، من ضبط مبلغ 30 مليون ريال سعودي كانت مُرسلة عبر شركة القطيبي للصرافة، على متن إحدى طائرات الخطوط اليمنية القادمة من عدن، وذلك خلال إجراءات التفتيش الروتينية في المطار، وفق ما كشفته وسائل إعلام محلية.

ونقل موقع “الجنوب اليمني” عن تلك المصادر، تأكيدها أن عضو المجلس الرئاسي وقائد ألوية العمالقة عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي- الذي يُعد شريكاً رئيسياً في شركة القطيبي- تدخل بشكل مباشر في محاولة للضغط على السلطات السعودية للإفراج عن المبلغ المحتجز، موضحة أن الأموال المحتجزة تعود ملكيتها لوزير الأوقاف والإرشاد اليمني، الشيخ محمد عيضة شبيبة، الذي طلب من شركة القطيبي تحويلها من حسابه المصرفي في فرع الشركة بعدن إلى السعودية.

ويأتي هذا الحادث في أعقاب تحذيرات أطلقها باحث في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني مؤخراً، توقع فيها قرب فرض عقوبات أمريكية على عدد من الشخصيات والكيانات الدينية والتجارية والمصرفية اليمنية، بما في ذلك شركة القطيبي للصرافة، وشريكها الرئيسي العميد المحرمي، ووزير الأوقاف شبيبة، وبعض الشخصيات الأخرى، بتهم تتعلق بغسل الأموال ودعم الإرهاب.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط كتل نقدية من العملة الصعبة يجري تهريبها إلى الخارج عبر مسؤولين في المجلس الرئاسي وحكومته، ففي مايو الماضي، كشفت وثائق رسمية صادرة عن مطار عدن تفيد بمنع إخراج أي أموال عبر المطار لأي من البنوك الحكومية أو الخاصة إلا بخطاب تغطية من وزير المالية، في أعقاب ما كشفه الباحث الاقتصادي وحيد الفودعي، بالوثائق، من إخراج البنك المركزي اليمني أموالاً كبيرة عبر مطار عدن الدولي، لتغطية أرصدة “كاك بنك” عدن لدى مراسليه من البنوك في الخارج.

وأوضح الفودعي- حينها- أن “الوثائق المسربة أظهرت ترحيل 420 مليون ريال سعودي (2.1 مليار ريال يمني)، بينما بلغت المبالغ الفعلية التي تم ترحيلها مليارات الريالات السعودية، وإيرادات شركة النفط تورد لكاك بنك ويتم استعمالها في عملية المضاربة”.

كما كشفت مصادر في الحكومية اليمنية- في الشهر نفسه- عن ترحيل 300 مليون ريال سعودي شهرياً عبر طيران اليمنية من مطار عدن إلى مطار جدة وبدون علم البنك المركزي في عدن، موضحة أن مسؤولين حكوميين وقيادات مرتبطة بدول التحالف، رحلت خلال يومين فقط 73 مليون ريال سعودي تابعة لبنك التسليف الزراعي وشركات صرافة إلى مدينة جدة.

وفي الشهر نفسه، ألقت قوات أمنية في محافظة عدن، القبض على أبو سالم الصلاحي وإثنين آخرين، ثلاثتهم يعتبرون من أهم ملاك شركة الصلاحي للصرافة التي أعلنت إفلاسها في عام 2022م”، وذلك بناءً على أوامر من نيابة مديرية المنصورة بعدن، بعد تقديم عدد من ضحايا الشركة بلاغات برفض الشركة تسليم أموالهم، في حين وجه مدير القسم الضحايا بسرعة الذهاب إلى مقر النيابة لتقديم البلاغات ضد المحتجز والمتهمين الآخرين الفارين من وجه العدالة لضمان أخذ حقوقهم بالطرق القانونية.

تحذيرات أممية من تدهور الريال وارتفاع الأسعار

تأتي تحذيرات الناشطين والإعلاميين من الانهيار المرتقب للنظام السياسي المعترف به دولياً والمتمثل في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بالتزامن مع التحذيرات الأممية المتكررة من خطورة استمرار تدهور الريال وانهيار القدرة الشرائية على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في نطاق سلطات الحكومة اليمنية.

وفي نشرة السوق والتجارة اليمنية الصادرة نهاية الأسبوع الفائت، عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة- (فاو)، قالت المنظمة إن الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية شهد المزيد من التدهور، خلال يناير الماضي، مع انخفاض العملة المحلية وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، إلى حدود قياسي خارج قدرات المواطن الشرائية.