أحمد بومهدي :شاعر غنائي لايتكرر

الشاعر احمد رحيم بومهدي ولد سنة 1936م في مدينة الشحر محافظة حضرموت تلقى تعليمه الابتدائي وواصل تثقيف نفسه بالاطلاع نما وترعرع في بيئة متشبعة بالفن والادب نشأ عصاميا وبـدأ حياته العملية بالتجارة الحـرة ثم انتقل الى عدن وعمل بأحد متاجر الشيخ عثمان وهناك انتقل الى العمل الحكومي في شركة التجارة الداخلية القطاع العام وتنقل في مراكز عدة ووصل الى وظيفة كبير المحاسبين بالانابة بدأ حياته الإبداعية والفنية بكتابة القصة شاعرًا غنائيًّا

ويعتبر واحداً من أهم شعراء الأغنية اليمنية وممن ساهموا مساهمة فاعلة بوضع بصمات ولبنات واضحة المعالم في تراكيبها وقوامها اللفظي المستند على الإيقاع الموسيقي حيث امتلك مفردات وأدوات شعرية متميزة ومتفردة واستطاع أن يوظفها توظيفاً شعرياً بديعاً جمع به بين النص الشعري العامي والشعر الفصيح ليرتقي بمفرداته الدارجة إلى قالب سمي بالنص الغنائي «الوسط» مكنه من القيام بذلك الدور الرائد

وهو عضو اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين ساهم في عدة برامج اذاعية وتلفزيونية ناجحة امضى أربعون عاما وهو يحث الخطى في عالم الابداع ..حيث بدأ رحلته بالقصة القصيرة ..الا انه وجد نفسه مشدودا الى الشعر الغنائي والبحث الادبي والفني ولقد كان لبومهدي اسهام كبير ونصائح مستنيرة في تأسيس منتدى يحيى عمر الثقافي والبحث عن النصوص والمخطوطات والاخبار

وله العديد من المؤلفات المطبوعة ( اغنيات من اليمن )

و ( المسلمي حياته وفنه ) و ( العزاني كما عرفته.اعلام فنية) “سر المحبة” وهو عبارة عن ديوان شعر كتب الشعر الغنائي شكل هـو والفنان العزاني في الستينات ثنائيا يشار اليهما وقدما اعمالا فنية غاية في الجمال.وبعد رحيل العزاني ارتبط اسمه بفنانين اخرين منـهم الفنان والملحن احمد باقتادة في عام 1983م كتب لإذاعة عدن سلسلة من البرامج التوثيقية مجموعة من فنانين عدن

فكان الشاعر والباحث المجتهد الذي شكل مع العزاني ثنائياً مهماً رغم التمايزات الثقافية والجغرافية التي انتمى إليها الشاعر والمطرب فالأول سواحلي من الشحر في ساحل حضرموت والثاني بجذره البدوي عزاني من صحارى شبوة التاريخية غير أن عدن صهرت الإثنين معاً في وحدة واحدة لتنتج هذه الصورة المختلفة لهذا سيقوم الثاني بعد عقد كامل من رحيل الأول بإنجاز كتاب مهم عن هذه العلاقة الفنية وتقديم صورة مقربه

مجمل الأغاني التي كتب كلماتها بو مهدي للعزاني غطت خصوصيات ثقافية تتصل بالمساحات الصحراوية والفلاحية والمدنية أيضاً من حضرموت وشبوة وأبين وحتى لحج وقبل ذلك الخصوصية العدنية ذاتها هناك أغنية عذبة أداها العزاني للشاعر وقدمته كملحن مجدد بعد أن صار يعتمد على موهبته التلحينية بعيداً عن الملحنين الذين ارتبط بهم في بداية حياته أمثال الفنان المرشدي وعطروش والمحسني وفيصل عبد العزيز) وتقول كلماتها: ( ظن أني نسيته بعد ذي الغيبة الطويلة ) الأنشودة الوطنية المعروفة بـ( بلادي ) تصير في مدونة الثنائي خلاصة انشغالهما بالهم الوطني وتشير بوضوح إلى الحساسية التلحينية الرفيعة للعزاني:( بلادي إلى المجد هيا انهضي )

من القصائد التي لحنها وغناها العزاني للشاعر أحمد بومهدي وحققت حضوراً سماعياً ولم تزل حت اليوم قصيدة (يا أهل ذا الساكن) التي كتبت بلهجة خليطة من ألسنة أهل لحج وأبين ويقول ( يا أهل ذا الساكن + شلَّني يا دريول)

( ظن أني نسيته بعد ذي الغيبة الطويلة ) الأنشودة الوطنية المعروفة بـ( بلادي) تصير في مدونة هذا الثنائي خلاصة انشغالهما بالهم الوطني وتشير بوضوح إلى الحساسية التلحينية الرفيعة للعزاني: ( بلادي إلى المجد هيا انهضي )

بدورة غنَّى ولحّن للشاعر أبو مهدي عديد فنانين منهم محمد مرشد ناجي في رائعته ( لقيت يا أماه ذي سالت دموعي عليه) وعوض المسلمي ( هب لك) وكرامة مرسال(ما عرفنا لك قياس) ومحمد محسن عطروش ( برضك حبيبي ) وفتحية الصغيرة في اغنية ( ربنا با يصلح الشأن ) وعوض أحمد ( يا سعد قلبين ) وعبد الكريم توفيق ( كيف يصفا لك) وعصام خليدي ( منتظر لك واعشق وصالك وغيرهما ) ونجيب سعيد ثابت ( يخلف الميعاد زهرة الجُلاَّس ) وأنور مبارك ( اطمئن أنت حبيبي ) ونوال حسين ( الحلو يتمخطر، وتقول لي إننا غلطان ) وفضل كريدي(مشتاق لك) والفنانه امل كعدل واغنية الا ياطير يا الخضر ) للفنانه كفى عراقي كما غنى له الفنان فيصل علوي في اغنية ( ياحبايب مالكم ردوا علينا ) وغيرهم من المطربين

ومن اشهر قصائدة :ظبي شفته على السوم عابر

و ( منتظر لك وعشق + يا أهـل ذا الساكن + هب لك )

و ( الا يا طيـر يا لخضر + ظـن أني نسيتـه بعد هـذا )

و ( شلني يا دريول تجمل + بلادي الى المجد هيا انهضي )

و ( بالنار والحديد + لقيت يا أمـاه ذي سالت دمـوعي )

و ( شعوني غريب ياهل ذا الساكن + ما با يهزك ريـح )

و ( دعوني …. دعوني + يا اهل ذى الساكن + لقيتـه )

و ( يمه هاجر نعمان + سر الليل ورامي شبـاك الهوى )

و ( تبى قلبي اللي عذبتـه + اطمئن انت + قالو تكلم )

و ( ياوعل طالت ميرحك + أيا قدس صبراً حبي في تل)

اثرى المكتبة الوطنية الجنوبية بالأعمال الفنية والأغاني الوطنية والعاطفية هذا الشاعر الاسطورة الذي لازالت أعماله الفنية الوطنية تتصدر كل الاعمال ولازالت حتى اليوم تلهب المشاعر الوطنية حين سماعها وتجعل السامع حينها يرى الاستقلال يلوح في الافق ويرى علم دولة الجنوب يرفرف عاليا خفاقا معلنا عودة الحرية والاستقلال لشاعر عظيم أفنى حياته في خدمة الجنوب فرحل ولكن لم يرحل من عقولنا وقلوبنا فظلت اعماله تردد حتى في رياض الاطفال لتلهم براعم بالكلمة الوطنية

لقد غادر بومهدي دنيانا الفانية ولم يعد حاضرا جسدا بيننا ولكن لازالت اعماله وبصماته الرائعة وأثرة الطيبب حيا فينا

لم يلق مـن الرعاية والاهتمام به بما يليق بنضاله وما قدم لهذا الوطن من اعمال لازالت حتى اليوم تتصدر كل الاعمال هذا الشاعر الاسطورة ومعاناته بابتسامة صامته وعطاء ابداعي حتى توفي في 16 اغسطس عام 1997م اثر مرض عضال وهو في قمة ابداعه الادبي عن عمر يناهز 59 عاما

الباحثة/ سماح الحرازي