بيئة آمنة.. تعز تتصدر الإنتاج الدرامي في اليمن (تقرير خاص)

بيئة آمنة.. تعز تتصدر الإنتاج الدرامي في اليمن (تقرير خاص)

المجهر - عدي الدخيني

الاثنين 17/فبراير/2025

-

الساعة:

4:56 م

شهدت الدراما اليمنية في الأعوام القليلة الماضية تقدما ملحوظا في طريقة إنتاج المسلسلات الدرامية التي يتم عرضها خلال شهر رمضان المبارك، حيث كان لتعز خلال هذا العام والماضي دورا بارزا في توفير بيئة مناسبة لتصوير وإنتاج عدد من المسلسلات الدرامية والفنية وبذلك أصبحت وجهة للعديد من شركات الإنتاج التلفزيونية. 

وكان من أبرز هذه المسلسلات التي تم إنتاجها ولأول مرة في محافظة تعز، مسلسل العالية، ومسلسل خارج التغطية الذي تم إنتاجه في مدينة التربة، ومسلسل ممر آمن، بالإضافة إلى إنتاج مسلسل لقمة حلال و دروب المرجلة الذين كانا من انتاج قناة السعيدة.

وتنوعت الأعمال الدرامية المنتجة هذا العام ما بين المسلسلات الثقافية والاجتماعية والبرامج الرمضانية المتميزة، وتتناول هذه الأعمال للعديد من القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تهم المجتمع اليمني.

حرية الإنتاج الدرامي

شهدت محافظة تعز تقدما ملحوظا في تصوير وإنتاج عدد من المسلسلات الدرامية والفنية لهذا العام، حيث وصل إنتاج هذه الأعمال إلى ستة مسلسلات درامية وفنية لتلبية اهتمامات الجمهور المتنوع، حيث تعد من أكثر المحافظات اليمنية الأخرى التي وجد مخرجي المسلسلات فيها الحرية المطلقة لإنتاج عدد من المسلسلات الدرامية حسب تعبيرهم.

في هذا السياق يقول سيف الدين الوافي مخرج مسلسل الجمالية في حديث خاص لـ "المجهر" إن مسلسل الجمالية يحاكي دور الدولة في بناء المجتمع وتعزيز دور المواطن في تحقيق التنمية ونهوض الدولة، ويعد الركيزة الأساسية للدولة هو المواطن.

يواصل الوافي حديثه قائلًا: أن الأمر الذي جعل عدد من القنوات الفضائية تتجه لإنتاج أعمالها الدرامية في تعز هي البيئة الحاضنة، لافتا إلى أن السلطات المحلية والأمنية أتاحت فرصة كبيرة من خلال التسهيلات والمعاملات لإنتاج هذا العدد من المسلسلات. 

وأشار إلى أن مسلسل الجمالية يضم طاقمًا متميزًا من الممثلين، بما في ذلك شخصيات بارزة مثل الفنان محمد قحطان، والفنان فهد القرني، ومنى الأصبحي، ونجيبة عبدالله، وقاسم عمر، وعمر عبدالله حسين، وأحمد جبارة، ومحمد الزرقاوي، ومحمد هلال، بينما تتصدر البطولة في المسلسل للفنان محمد الأموي، وحسام الشراعي، وأشواق علي.

وأضاف أن الوعي المجتمعي في تعز والتسهيلات المقدمة من السلطات المحلية والأمنية كانت هي الأولى في نجاح هذه الأعمال، مما أتاح للفنانين فرصة التعبير بحرية مقارنة بالمحافظات الأخرى.

مؤكدًا أن تعز أثبتت جدارتها كعاصمة الثقافة التي أُطلق عليها منذ "زمن" وأنه وجد المجتمع التعزي بوعيه وتعليمه وثقافته متقبلا إنتاج مثل هذه الأعمال. 

وكشف الوافي في حديثه لـ "المجهر" عن ستة مسلسلات درامية يتم إنتاجها في المحافظة وتعد أول محافظة تحتضن إنتاج هذه المسلسلات التي ستُبث خلال شهر رمضان المبارك، وهما: مسلسل "الجمالية"، طريق إجباري، دروب المرجلة الجزء الثاني، وثلاثة مسلسلات آخرين لم يتم الإعلان عن أسمائهم.

انقسام سياسي 

رغم التحديات التي تواجهها الدراما اليمنية، نتيجة لحالة الانقسام السياسي، واحتكار إنتاج بعض من المسلسلات في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، إلا أنها حظت بتفرد وتميز لافت لإنتاج أعمال درامية تحاكي واقع البلاد. 

في هذا السياق تطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب التي أدت إلى توافد العديد من القنوات الفضائية لإنتاج عدد من المسلسلات الرمضانية خلال هذه العام، وكان أبرز هذه التساؤلات هي: ماهي المعطيات التي دفعت تعز لاحتواء واحتضان تصوير عدد من المسلسلات والأعمال الدرامية والإعلامية خلال هذا الموسم الرمضاني الجديد؟

في إطار هذا التساؤل يجيب عدد من الممثلين فضلوا عدم ذكر أسمائهم لأسباب شخصية لـ "المجهر" أن ما جعل محافظة تعز وجهه لاحتواء واحتضان تصوير عدد من المسلسلات وتميزها عن بقية المحافظات الأخرى، وخاصة المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين هي الحرية المطلقة والتسهيلات والمعاملات من قبل السلطات المحلية والأمنية والعسكرية، لإنتاج مثل هذه الأعمال، ونقلت صورة إيجابية عن الدولة وقيادتها في السلطات المحلية والأمنية والعسكرية.

وأضافوا أن الأمر الآخر هو الوعي الكبير الذي يحظى به المجتمع وتعامل السلطات مع الجهات المنفذة لهذه الأعمال التلفزيونية، وإيصال رسالة قوية لبقية المحافظات الأخرى.

خيار وحيد

تقول الممثلة منى أسعد إن محافظة تعز معروفة منذ الأزل في مدينة الثقافة، وأن احتضان تعز لعدد من المسلسلات الدرامية، كونها هناك بيئة مناسبة لاحتواء هذه الأعمال لإنتاجها، ويعود ذلك للتسهيلات التي تقدمها السلطات المحلية والأمنية لهذه الجهات.

وأرجعت أسعد في حديثها لـ "المجهر" بأن عدم إنتاج المسلسلات الدرامية في العاصمة صنعاء، ربما تعود إلى الشروط والقواعد التي يتم إلزام الشرائك والجهات المنتجة للالتزام بهذه القواعد، وهذا ما تواجهه الشركات المنتجة لهذه الأعمال لأنها ربما تنظر لها بأنها اعمال مقيدة لإنتاج هذه الأعمال.

وترى أن بعض من القيادات التابعة لسلطات الحوثيين هناك ربما تفرض قيودا على الجهات المنتجة، من ناحية تصوير الأعمال الدرامية، للتصوير في أماكن مخصصة ومحددة، بينما هنا في تعز إتاحة السلطات للجهات المنفذة لهذه الأعمال كافة الحرية لإنتاج هذه الأعمال.

بيئة آمنة

يؤكد نائب مدير إدارة التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بشرطة محافظة تعز هشام التبعي أن محافظة تعز شهدت مؤخراً إقبالاً ملحوظاً من قبل شركات إنتاج المسلسلات والأعمال الدرامية والإعلامية، جاء هذا الإقبال نتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها المحافظة في إعادة الحياة إلى طبيعتها بعد الأضرار الجسيمة التي خلفتها مليشيا الحوثي، والتي أثرت على اليمن بشكل عام وتعز بشكل خاص، وذلك من خلال تدمير البنية التحتية للأمن ومؤسسات الدولة، فضلاً عن الحصار الجائر الذي استمر لعقد من الزمن.

وأشار التبعي في حديثه لـ"المجهر" إلى أن النموذج المشرق للنظام والدولة والحرية الذي تميزت به تعز جعلها فريدة بين جميع المحافظات اليمنية، مما ساهم في خلق بيئة ملائمة للمبدعين في مختلف المجالات، وأتاح لهم الفرصة للعمل في ظروف تشجع على الإبداع.

وأضاف أن شرطة محافظة تعز قدمت كافة التسهيلات والإجراءات الأمنية اللازمة لشركات الإنتاج، وشجعت الجميع على التوجه نحو إنتاج الأعمال الفنية والدرامية في المحافظة.

حراك ثقافي ملحوظ

يرى مختار المريري مستشار محافظ تعز للشؤون الثقافية، أن احتضان تعز لتصوير عدد من المسلسلات لا يُعتبر مجرد حدث عابر أو ترفيهي، بل هو جزء من حركة ثقافية وإعلامية غنية شهدتها المدينة عبر تاريخها. 

ويشير المريري في حديثه لـ "المجهر" إلى أن تعز تتمتع بخصوصية جذابة تميزها عن غيرها، حيث تمتاز بحراك ذات عمق تاريخي وحضاري وثقافي عريق، فضلاً عن تنوعها الجغرافي الذي يساهم في إنتاج محتوى ذي خلفيات متعددة وأبعاد مختلفة، وتُعد مدينة تعز رائدة في الحراك الثقافي المتنوع، إذ تُشكل بيئة خصبة وآمنة، وأهلها يمتلكون وعياً متجدداً كل يوم.

ويضيف أن الدور الثقافي الفريد الذي تتمتع به تعز مقارنةً بالمحافظات الأخرى، وذلك بفضل الفضاء الواسع والمفتوح الذي تنعم به، بالإضافة إلى المناخ السياسي المنسجم الذي يخلو من القيود الرسمية أو غير الرسمية، هذا الأمر الذي يجعلها بيئة صالحة للحياة، تتداخل فيها الفنون والدراما والسياسة والثقافة.

وبحسب المريري أن الحراك الثقافي يمثل تحدياً للحرب والحصار، ويعكس رغبة أبناء تعز، قيادة وسكاناً، في التشبث بالحياة بكل تفاصيلها، كما تساهم المدينة في بناء جسور التواصل مع جميع المدن اليمنية والعالم الخارجي.

المريري أرجع أن اختيار تعز في هذا الظرف الخاص، يعود إلى القيود والرقابة الصارمة المفروضة في المدن التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، التي تكمم الأفواه وتنتزع الألسن، مما يُنشئ فضاءً مرعباً يجعل الفنان والممثل والكاتب والصحفي يُعتبرون مجرمين في نظر تلك القوى، لا يستحقون الحياة.

ختاما، أصبحت تعز، في ظل التسهيلات التي تقدمها السلطات، مركزا رئيسيا لصناعة الدراما في اليمن، حيث توفر بيئة حرة وآمنة للإنتاج، ما يجعلها وجهة مفضلة لشركات الإنتاج التلفزيوني، وبينما تواجه الدراما اليمنية تحديات سياسية واقتصادية، تظل تعز منارة أمل للإبداع الفني والمجتمعي.

#اليمن

#تعز

#صناعة الدراما

#مسلسلات

#رمضان

#يمن شباب

#بلقيس

#طريق إجباري

#دروب المرجلة

#المهرية

#درة

#بيئة آمنة