بين صنعاء وعدن عامل مشترك.. الجوع يحكي تفاصيل المرحلة
لا تكاد تجد منطقة واحدة في طول البلاد وعرضها، لا تحكي تفاصيل المرحلة التي وصلت إليها بعد مرور ١٤ عامًا على نكبة فبراير ٢٠١١، واكثر من ١٠ اعوام من انقلاب وحروب عصابة الحوثي الايرانية، ابرز مظاهر تلك المرحلة فشل قيادات الشرعية
.
وما بين صنعاء وعدن تجد تفاصيل البؤس والحرمان والعوز والفقر والمرض والقمع والبطش والتنكيل، يتعرض لها اليمنيون الأبرياء من مكونات النكبة غير الوطنية والمرتبطة بالخارج لتدمير الداخل.
احتجاجات حياة بعدن
وعلى مدى أيام تشهد العاصمة المؤقتة عدن، احتجاجات ومظاهرات نهارية وليلية، تطالب بتوفير وسائل الحياة، بعد ان فشلت مكونات الشرعية متعددة الاهداف والولايات المرتبطة بالخارج، في توفير ابسط متطلبات الحياة اليومية للمواطن.
وعلى وقع استمرار ارتفاع اسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بما فيها الدواء وحليب الاطفال، نتيجة استمرار تدهور العملة المحلية وتجاوزها حدود المعقول مسجلة ٢٣٦٣ ريال للدولار الواحد، و٥٦٧ ريال للسعودي.
كما تشهد عدن، انهيار شبه كلي للخدمات الرئيسية والاساسية كالكهرباء والمياه والصحة والاتصالات والتعليم والامن، وغيرها من الخدمات، الى جانب توقف الاعمال الانشاءات التي باتت تقتصر على اشخاص ومكونات محددة ومعروفة لدى الجميع، كما هو الحال في مناطق عصابة الحوثي.
ومع توقف صرف مرتبات الموظفين من قبل حكومة المناصفة تحت ذرائع واهية، لأشهر متفاوت بين الجهات، تصدرتها مرتبات الموظفين النازحين التي اقتربت من الشهر الثامن، وما تخلفها من تبعات وصعوبات في توفير لقمة العيش لآلاف الاسر، لتصبح عنوان المرحلة "الموت بفشل رسمي".
الرهان الخاسر
وفي ظل كل تلك الانهيارات الاقتصادية والمعيشية والخدمية وانهيار العملة، وزيادة حدة الفساد الرسمي الموثق، وعدم وجود جهات حكومية فاعلة على ارض الواقع، وعدم وجود اي تحركات معالجة من قبل الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، يبقى اي رهان على حكومة الفشل والموت والفساد، رهان خاسر وقاتل.
تؤكد المعلومات ان حكومة بن مبارك ومن خلفها مجلس القيادة، عاجزين بشكل كامل في ايجاد اي حلول او معالجات لما يجري من هرولة نحو المجاعة، وان الرهان على الفشل ذاته سوف يدفع انهيار العملة المحلية نحو تسجيل ارقام تتجاوز كل التوقعات التي تشير ان السعودي سيتجاوز ١٠٠٠ ريال يمني، والدولار إلى أعتاب ال5 الآلاف ريال للدولار الواحد قبل نهاية العام الحالي.
فيما تؤكد مصادر اقتصادية، ان مستوى انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وصل إلى مرحلة مصيرية حاسمة تحتاج إلى معالجات حقيقية تعجز عنها المكونات الحالية.
وحسب المصادر الاقتصادية، فان المرحلة تحتاج قيادة محنكة ووطنية ، نزيهة ذات تجارب إدارية وخبرات اقتصادية كافية، لتحدث تغيير وطني جذري وتوافق سياسي شامل يستعيد استقلال البلد وقراره الوطني وسيادته.
صنعاء عنوانها "التسول"
وبالنظر الى الاوضاع في مناطق سيطرة الحوثيين، نجد ان الحال ليس بأحسن عما هو في مناطق الشرعية، فالجميع يخضع لمخرجات نكبة ٢٠١١، فهما وجهان لعملة واحدة ممولة من الخارج.
وتشير المعلومات الى سكان صنعاء باتوا عاجزين على توفير اقل القليل من متطلبات شهر رمضان كما اعتادوا ايام الدولة والنظام اي قبل ٢٠١١، وباتت معظم الاسر في صنعاء تتسول لتوفير وجبة طعام واحدة باليوم.
وعلى وقع استحواذ عناصر عصابة الحوثي على مفاصل ايرادات الدولة وتوظيفها لصالح عناصرها وخدمة مشروع ايران في اليمن والمنطقة، بما فيها الاستحواذ على جميع عمليات التجارة والاقتصاد والزراعة والاستيراد والتصدير، وانشاء اسواق موازية لكل الخدمات واليلع والمنتجات، على وقع ذلك استفحلت ازمات المعيشة على السكان.
ومع اشتداد الفاقة والعوز في اوساط السكان، زادت حالات الثراء والبذخ لدى اعضاء وقيادات العصابة الايرانية، فالمشاهد لحجم انتشار النساء المتسولات في شوارع صنعاء، يعرف حجم الكارثة التي تعيشها المدينة.
الفرق بين جوع عدن وصنعاء
لا يوجد فرق بين الجوع في اي منطقة في اليمن او العالم، الا ان مستوى القمع للمطالبين بالحياة، يختلف من جماعة وعصابة وكيان واخر، وبين سكان منطقة واخرى.
ورغم توحد طرق واساليب القمع التي تتبعها المكونات التي افرزتها نكبة ٢٠١١ في اليمن، نجد ان قدرة السكان في رفض تلك الاوضاع والاحتجاج ضدها تختلف من منطقة واخرى.
ففي صنعاء ما زال الغليان الشعبي في طور البداية في انتظار الاتفجار الشعبي في وجه عصابة الحوثي، في حين سكان عدن المعتمدين على مصادر دخل محدودة وصلت حالة الرفض والغليان الى مرحلة الانفجار.
في صنعاء عصابة الحوثي تعيش على القمع والسلاح والقوة المفرطة في مواجهة معارضيها باعتبارها مكون واحد ولديه فكر تريد فرضة على السكان بطرق متعددة بينها التجويع، فيما بعدن تتعدد المكونات المسيطرة واغلب قيادتها خارج البلاد، وهدفها تقاسم السلطة والثروة، فيما تحول البعض قمع المحتجين عند تجاوزات معينة فقط ولا يعنيها حماية ممتلكات او الاستماع لمطالب المحتجين.
أخيرًا.. سواء تغيرات الأهداف والطرق والأساليب من تلك المكونات الفاشلة، في التعامل مع السكان الجياع، يبقى المطلب واحدة لدى جميع سكان اليمن "الحياة الكريمة".
وبالنظر الى تلك المكونات نجدها جميعا لا ترتبط بالوطن وانما بالخارج، لذا نجد قرارها وتوجهها في الداخل يخضع للممول لها في الخارج.. وتبقى البلاد تبحث عن القيادة الوطنية لانتشالها والشعب من الواقع البائس الذي تعيشه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news