الجنوب اليمني | خاص
تحت شعار “حوار من أجل يَمنٍ مستقر وإقليمٍ آمن”، انطلقت اليوم الأحد في العاصمة الأردنية عمّان، فعاليات الدورة الثالثة من منتدى اليمن الدولي، بمشاركة واسعة تجاوزت 300 شخصية يمنية تمثل مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، إلى جانب نخبة من الدبلوماسيين والخبراء الإقليميين والدوليين المعنيين بالشأن اليمني.
ويُعقد المنتدى في توقيت بالغ الأهمية، يشهد فيه اليمن مرحلة مفصلية تتسم بالهشاشة وعدم الاستقرار، ففي أعقاب بوادر إيجابية في مسار السلام أواخر 2023، شهد العام 2024 تعثراً ملحوظاً في جهود التسوية، مما ينذر بتجدد دائرة العنف وتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد.
دعوات للسلام الشامل وتوحيد الصف الوطني
وفي كلمته الافتتاحية، أكد وزير الخارجية اليمني، شائع الزنداني، التزام الحكومة اليمنية بـ “جهود إحلال السلام وإنهاء الحرب”، لكنه أشار إلى “تعنت جماعة الحوثيين” كعائق أمام تقدم هذه الجهود.
وشدد على تمسك الحكومة بالحل السياسي القائم على “الشراكة الوطنية لكافة اليمنيين”، وأهمية “تعزيز الوحدة الوطنية” وتوحيد الجهود تحت مظلة الشرعية، مع تفعيل قرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 2216، الذي يطالب بوقف إمداد الحوثيين بالسلاح.
كما طالب المجتمع الدولي بـ “ممارسة ضغوط فعالة” على الحوثيين، ودعا دولاً أخرى إلى “استكمال خطوات تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية” على غرار الولايات المتحدة.
من جانبها، وصفت سفيرة مملكة هولندا في اليمن، جانيت سيبين، انعقاد المنتدى بأنه يأتي في “أوقات أكثر تعقيداً”، مشيرة إلى تداعيات الصراع في البحر الأحمر على الأوضاع الإنسانية والأمنية.
وأكدت أن “الحلول العسكرية ليست هي الحل”، معربة عن استعداد بلادها لمواصلة دعم الحوار بين الأطراف اليمنية، سواء عبر “خارطة الطريق” أو من خلال منصات حوارية فاعلة كمنتدى اليمن الدولي.
مقاربة شاملة لتحديات عابرة للحدود
وتتمحور الدورة الثالثة للمنتدى حول تبني “مقاربة متكاملة” تجمع بين تعزيز الحوار اليمني-اليمني، والانخراط الإقليمي الفعال، لمواجهة مخاطر التصعيد العسكري وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
كما تتناول جلسات المنتدى سبل التعامل مع التداعيات الأمنية لعدم الاستقرار الإقليمي، خاصة في منطقة البحر الأحمر الحيوية، بالإضافة إلى التحديات البيئية الملحة، مثل ندرة المياه وتغير المناخ، التي باتت تشكل تهديداً طويل الأمد للاستقرار في اليمن والمنطقة.
وفي هذا السياق، أوضح ماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات، أن اختيار عمّان لاستضافة المنتدى “لم يكن مصادفة”، بل جاء “مقصوداً” في ضوء الترابط الوثيق بين الأزمة اليمنية والتطورات الإقليمية المتسارعة، وهو ما يستدعي إجراء حوارات استراتيجية معمقة.
كما لفت المذحجي إلى أن العاملين في المجتمع المدني اليمني يواجهون “تهديدات غير مسبوقة”، في إشارة إلى حملات الاعتقال التي طالت مؤخراً العاملين في المجال الإنساني.
التضامن مع الضحايا وإشراك كافة الأصوات
بدوره، حذر جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، من أن “قلة تمثيل اليمنيين في صنع القرار” يمثل “إحدى أكبر المشكلات”، مؤكداً التزام الأمم المتحدة بـ “إشراك الجميع في عملية صنع القرار والتمويل الإنساني”.
وعبر هارنيس عن “خيبة أمل اليمنيين” إزاء تصرفات الحوثيين، في إشارة واضحة إلى حملات الاعتقال التي استهدفت العاملين في الإغاثة الإنسانية.
وقد شهدت الجلسة الافتتاحية للمنتدى وقفة تضامنية مع المحتجزين في سجون الحوثيين وغيرها، وأكدت السفيرة الهولندية جانيت سيبين أن “أي حوار في اليمن يجب أن يكون شاملاً”، محذرة من “خطر انعقاد اتفاق بشكل ضيق”.
من جهته، أكد أسامة الروحاني، المدير التنفيذي في مركز صنعاء، أن المنتدى يمثل “مساحة شفافة وثابتة” تجمع كافة الأطياف اليمنية، وتعزز الحوار مع المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن نجاح المنتدى يكمن في “الحوارات الإيجابية التي تُبنى عليها خطوات ملموسة بعد انتهائه”، وليس فقط في “النقاشات الرسمية”.
بهذه الانطلاقة القوية، يؤكد منتدى اليمن الدولي في دورته الثالثة على مكانته كمنصة حوارية رائدة تجمع اليمنيين على اختلاف توجهاتهم، وتفتح نافذة أمل نحو مستقبل مستقر لليمن وإقليم ينعم بالأمن والسلام، في ظل تحديات جسيمة تتطلب تضافر الجهود وتوحيد الرؤى.
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news