من يقف وراء تباطؤ عودة شركات الشحن إلى البحر الأحمر؟

يمن إيكو|تقرير:

برغم عودة العديد من السفن غير الإسرائيلية التي رفعت قوات صنعاء عنها العقوبات بعد وقف إطلاق النار في غزة، فإن شركات الشحن، وخصوصاً تلك التي كانت خاضعة للعقوبات، لا زالت تلتزم التريث في العودة إلى الإبحار عبر البحر الأحمر، فما هي الأسباب؟

قوات صنعاء تلتزم بإعلان رفع العقوبات:

في مذكرة جديدة رصدها موقع “يمن إيكو”، قال المركز المشترك للمعلومات البحرية، والذي يتبع القوات الدولية المشتركة، إن: “ثلاثة أسابيع مرت حتى الآن منذ إعلان الحوثيين في 19 يناير 2025 إنهاء الهجمات على صناعة الشحن في البحر الأحمر جزئياً، ومنذ ذلك التاريخ، لم يتلق المركز أي تقارير عن نشاط حوثي معادٍ (طائرات بدون طيار، صواريخ) تجاه البحر يمكن اعتباره تهديداً”.

ووفقاً لذلك يمكن استبعاد عدم ثقة شركات الشحن بقوات صنعاء من قائمة الأسباب الرئيسية للتريث في العودة إلى البحر الأحمر، حيث بات واضحاً أن الأخيرة قد أثبتت مصداقيتها لدى قطاع الشحن، وهو ما انعكس في عودة العديد من السفن التي كانت قد حولت مسارها طيلة العام الماضي، والتي بلغت الأسبوع الماضي نحو 16 سفينة بحسب بيانات “لويدز ليست” البريطانية.

وكان المركز المشترك للمعلومات البحرية قد كشف قبل ذلك عن عبور ست سفن مرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا من منطقة عمليات قوات صنعاء بدون تعرضها لأي حوادث، وهو ما يعني أن قوات صنعاء ملتزمة تماماً بما أعلنته.

مع ذلك، لا زالت العديد من الشركات، وخصوصاً تلك التي كانت خاضعة لعقوبات صنعاء مثل “ميرسك” تتحدث باستمرار عن التريث في العودة، و”عدم اليقين” إزاء الوضع، وقال الأمين العام لغرفة الملاحة الدولية جاي بلاتين في تصريحات خلال لقائه رئيس هيئة قناة السويس، اليوم الثلاثاء: “إن المجتمع الملاحي يتابع عن كثب ما يحدث بالمنطقة وسط ترقب لما ستسفر عنه تطورات الأوضاع السياسية والأمنية بالمنطقة حيث يظل عامل الأمان للسفن والأطقم والبضائع في مقدمة أولويات الجميع”.

تأثير إعلان ترامب بشأن غزة:

ولا يبدو أن عدم اليقين هذا يعود إلى قلة الثقة بالتزام قوات صنعاء، كما تقول بعض التقارير الأمريكية، بقدر ما يتعلق بالمواقف الأمريكية والإسرائيلية التي تهدد حالة وقف إطلاق النار.

هذا ما أكده مسؤولون في قطاع الشحن كشفوا لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية هذا الأسبوع أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة مثلت صدمة لشركات الشحن التي كانت قد بدأت بالتفاؤل إزاء العودة إلى البحر الأحمر، والسبب هو أن تلك التصريحات حملت دلالات على تجدد الصراع برعاية أمريكية، وبالتالي عودة عمليات قوات صنعاء كرد على ذلك.

وفي تقرير جديد نشرته اليوم الثلاثاء ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”، أشارت منصة “فرايت ويفز” الأمريكية لتحليل بيانات السوق، إلى أن تصريحات ترامب “ألقت بظلال من الشك على الاستقرار الفوري في المنطقة”.

تأرجح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

في سياق متصل نقلت منصة “فرايت ويف” عن رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع قوله إن توقعات عودة الملاحة إلى البحر الأحمر “تعتمد على صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس”.

وأشارت المنصة إلى إعلان حركة حماس عن تأجيل عملية تبادل الأسرى التي كان من المقرر تنفيذها يوم السبت المقبل، رداً على انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار.

ويعني ذلك أن أحد أبرز الأسباب التي تخلق حالة “عدم اليقين” لدى شركات الشحن، هو قلة الثقة بصمود اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي بشكل أكبر ورئيسي بالنظر إلى تجارب سابقة، وبالنظر إلى التصريحات الرسمية التي لا تتوقف داخل إسرائيل عن ضرورة العودة إلى الحرب.

مخاوف من هبوط أسعار الشحن:

وإلى جانب تصريحات ترامب بشأن التهجير، ومؤشرات عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، تشير معظم التقارير إلى سبب ثالث يؤخر عودة حركة الملاحة في البحر الأحمر إلى سابق عهدها، وهو القلق بشأن الاضطراب المفاجئ لأسعار الشحن في حال العودة السريعة إلى الممر المائي، حيث قد يؤدي التدافع إلى انخفاض كبير لا تريده الشركات للأسعار، خصوصاً في ظل الأرباح التي حققتها العديد من الشركات نتيجة استغلال تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح.

كما أن إعادة تخطيط مسار الإبحار عبر البحر الأحمر بعد عام من الإبحار حول رأس الرجاء الصالح يتطلب من الشركات وقتاً لتنظيم أساطيلها.

وفي هذا السياق نقلت منصة “فرايت ويفز” عن رئيس مجلس إدارة شركة الشحن الآسيوية “يانغ مينغ” قوله إنه “حتى لو انتهت الحرب في غضون 60 يوماً، فسوف يستغرق الأمر ثلاثة أشهر أخرى على الأقل لتطبيع العرض والطلب”.

وأشارت المنصة إلى أن “المحللين يتوقعون أن إعادة فتح طريق السويس إلى جانب نشر السفن التي تم طلبها حديثاً قد يؤدي إلى تضخم الطاقة الاستيعابية ودفع الأسعار في بعض الحالات إلى ما دون 1000 دولار لكل حاوية مقاس أربعين قدماً”.

الرسوم الجمركية الأمريكية:

وبالإضافة إلى تصريحات ترامب، وتأرجح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتحديات العودة السريعة إلى البحر الأحمر، تشير العديد من التقارير إلى سبب رابع يؤخر عودة حركة الملاحة في البحر الأحمر إلى سابق عهدها وهو الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي على الواردات الصينية، حيث نقلت منصة “فرايت ويفز” عن رئيس مجلس إدارة شركة “يانغ مينغ” للشحن قوله إن “الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية تزيد من حالة عدم اليقين بشأن سلسلة التوريد خلال الأشهر المقبلة”.

ووفقاً لكل ما سبق يبدو بوضوح أن أسباب تباطؤ عودة شركات الشحن إلى البحر الأحمر تتعلق بشكل رئيسي بمواقف وسياسات الولايات المتحدة، ولا تتعلق بانعدام الثقة بقوات صنعاء، بل إن التقارير تحمل دلالات واضحة على تزايد مصداقية قوات صنعاء لدى شركات الشحن.