تشهد محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة صراعًا حادًا بين مراكز النفوذ المختلفة التي تتنازع على السيطرة و التحكم في موارد المحافظة، والتي تعد من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط وال غاز. هذا الصراع لا يقتصر فقط على الأطراف المحلية، بل يشمل أيضًا تدخلات إقليمية ودولية ذات مصالح استراتيجية.
وتخوض السلطة المحلية المتمثلة في المحافظ والمجلس المحلي صراعا مع مراكز النفوذ الأخرى المتمثلة في المجلس الانتقالي والقوى القبلية الأخرى، إذ تسعى السلطة المحلية إلى تعزيز نفوذها داخل المحافظة وضمان إدارة الموارد بشكل يخدم مصالح سكان المحافظة. لكنها تواجه تحديات مستمرة من قوى أخرى تسعى للهيمنة على القرار المحلي.
الصراع تصاعد بعد قيام الوكيل عمرو بن حبريش بمنع إخراج كميات الوقود التي كانت مخصصة لكهرباء عدن، كما توقفت الكميات التي كانت السلطة المحلية تستفيد من إيراداتها لتمويل أنشطة ومشاريع السلطة المحلية بالمحافظة، ومؤخراً اتهامات عضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني للسلطة المحلية، حول وجود أنبوب نفطي سري لتهريب النفط
تنفيذي حضرموت و "البحسني"
وخلال الساعات القليلة الماضية، تصاعد الصراع الداخلي في حضرموت، إذ أصدر المكتب التنفيذي بمحافظة حضرموت بيان له، قال إنه عقد بمدينة المكلا مساء الخميس اجتماعًا استثنائيًا لمناقشة آخر المستجدات والتطورات التي شهدتها المحافظة في الساعات الأخيرة.
وأضاف: "استنكر المكتب التنفيذي الإجراءات التعسفية التي تمت على بعض مدراء العموم في السلطة المحلية خارج نطاق النظام والقانون من قبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء ركن فرج سالمين البحسني".
وطالب المكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي والأشقاء في دول التحالف العربي بالتدخل العاجل لإنهاء ما وصفه بـ"الاختلال والتصرفات اللامسؤولة" للمحسني، مبديا استعداد "السلطة المحلية في المحافظة للمساءلة أمام أي جهة حكومية أو رقابية كانت".
وعبر المكتب التنفيذي لحضرموت "عن أسفه لمثل هذه التصرفات التي يجب أن لا تأتي من عضو قيادي في مجلس القيادة الرئاسي"، مؤكدًا "صعوبة قيامه بأداء مهامه وواجباته في ظل هذه التدخلات المستمرة دون تنسيق وتواصل مع قيادة السلطة المحلية".
إلى ذلك، أصدر محافظ المحافظة مبخوت مبارك بن ماضي بيانا توضيحيا حول المعلومات والحقائق ، بشأن وحدة تكرير النفط الخام في محطة الريان، مشيراً إلى أنه تمت إجراءات إنشائها بشكل رسمي، بعد مخاطبة الجهات العليا وإطلاعها على الأمر، والتنسيق مع وزارة النفط والمعادن وشركة بترومسيلة لتزويد الوحدة بالنفط الخام اللازم للتكرير، وفق آلية رسمية مثبتة في سجلات المؤسسة العامة للكهرباء، وعلى الرغم من أن الكميات المستلمة لا تتعدى قاطرتين أسبوعيا، فإن العاصمة المؤقتة عدن تُخصَّص لها خمس قاطرات يوميا من النفط الخام.
وأشار إلى أن السلطة المحلية اتخذت هذه الخطوة بعد توقف مخصصات الديزل الواردة من شركة بترومسيلة، ولن تقف مكتوفة الأيدي دون وضع المعالجات الضرورية المتاحة لتجاوز هذه الصعوبات، بل تم اتخاذ القرار وفق أطر رسمية.
ونفي المحافظ وجود أي مصفاة أخرى في المحافظة، معلنة براءتها من أي مصافٍ (إن وجدت)، لافتة إلى أنه تمالتوجيه بالتحري عن هذا الأمر بالتنسيق مع وزارة النفط والمعادن والجهات المختصة، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
واشار المحافظ إلى أن ادعاءات وجود أنبوب نفطي يربط منشآت شركة بترومسيلة في ميناء الضبة بوحدة التكرير في محطة الريان "باطلة ولا أساس لها من الصحة"، وبحسب تأكيد وزارة النفط والمعادن، فإن الأنبوب الذي تم الترويج له هو مشروع حكومي سابق، حيث كانت الحكومة تعتزم ربطه بمصفاة كان من المزمع إنشاؤها بالقرب من ميناء الضبة، إلا أن المشروع تعثّر ولم يتم ربطه بمنشآت شركة بترومسيلة.
وأكدت السلطة المحلية استعدادها التام للتعاون مع أي جهة حكومية أو رقابية، وفق الأطر القانونية، لتوضيح الحقائق ودحض الأكاذيب والإشاعات المغرضة.
وكان البحسني قال في بيان على منصة إكس في وقت سابق إنه وأثناء زيارته اكتشف بناءً على معلومات "وجود خط لأنبوب نفط بقطر كبير يمتد من قرب خزانات النفط بالضبة وباتجاه أحد الأحواش التي تقع على مسافة من موقع منشآت الضبة، لغرض ضخ النفط الخام وتصفيته بطريقة غير قانونية".
وأضاف أنه وجه "باتخاذ الإجراءات القانونية، إزاء المخالفات والممارسات لتهريب ونهب كميات من النفط بطرائق غير شرعية"، مؤكدًا على "محاسبة جميع المتورطين في نهب وتهريب الموارد السيادية".
خطة لتطبيع الأوضاع
من جانبه، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، "إن مجلس القيادة الرئاسي أعلن خطة لتطبيع الأوضاع في المحافظة تتضمن الإقرار بالمطالب المحقة لأبناء حضرموت، والعمل على معالجتها وفقاً لمصفوفة تنفيذية بالشراكة بين الحكومة والسلطة المحلية".
وقال في تصريحات صحفية أمس الخميس: "لدينا ثقة كبيرة بحكمة أبناء هذه المحافظة التي ظلت مثالاً لقيم الدولة، وقاطرة لمشروع التنمية والأمن والسلام في البلاد، ولن يدخر مجلس القيادة الرئاسي والحكومة جهداً من أجل إنصافها، وتعزيز مكانتها الراسخة في المعادلة الوطنية.
وتشهد محافظة حضرموت منذ منتصف العام الماضي تصعيدًا شديدًا ضد السلطة المحلية والحكومة المركزية من قِبل حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع اللذين يرأسهما عمرو بن حبريش، على خلفية مطالب خدمية شملت لاحقًا مطالب سياسية، من بينهما المطالبة بتحقيق الحكم الذاتي للمحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطًا في البلاد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news