الجنوب اليمني | خاص
كشف تقرير ميداني أن الصراع الجاري في محافظة أبين بما فيها الحملات العسكرية التي تقودها مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، هي صراعات ذات طابع مناطقي “جغرافي” لا علاقة لها بشماعة محاربة الإرهاب التي يتم الترويج لها من قبل مليشيا الانتقالي.
وأكد التقرير الصادر عن مركز المخا للدراسات، أن محافظة أبين أصبحت ساحة صراع مستمر بفعل موقعها الاستراتيجي وتعقيداتها القبلية، مشيرا إلى أن الحلول التنموية وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز المصالحة الاجتماعية تعد مفتاحاً لتحقيق الاستقرار وتخفيف العنف في المحافظة.
وقال إن حملة مليشيا الانتقالي العسكرية، في مختلف مناطق أبين، والتي يُسوقها على أنها تستهدف العنف الذي يقوم به “تنظيم القاعدة”، يُشكك قطاع كبير من أبناء أبين في أهداف الحملة، ويعدونها طورًا جديدًا من الصراع المسنود إلى استقطابات جغرافية، وتدافع بين التوجهات المساندة للوحدة وتلك التي تتبنى الانفصال، وهو الصراع الذي عانت منه محافظة أبين مرارًا.
وأوضح التقرير أن هذه التحركات العسكرية، التي بدأت في أغسطس 2022 بزعم محاربة الجماعات الإرهابية، فُهمت على انها محاولة جديدة لتأجيج الصراعات المناطقية واستفزت المجتمع المحلي ودفعت بالمحافظة الى جولة جديدة من العنف، مشيرا إلى أن محافظة أبين، التي تتمتع بموقع استراتيجي هام يربط بين مدينة عدن ومحافظات شبوة وحضرموت والمهرة، كانت على مدى العقود الماضية ساحة لصراعات متعددة، نتيجة لتركيبتها القبلية المعقدة وأهميتها الجيوسياسية، مؤكدا أن التدخل العسكري الأخير أدى إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي وزيادة حدة التوترات بين القبائل والجماعات المحلية.
وفقا للتقرير، فقد نشر الانتقالي التشكيلات العسكرية التابعة له في عدن، وصعد تحركه ضد الحكومة الشرعية، وانخرط في جولات من القتال معها، منها المعارك التي دارت بعدن -في يناير 2018م، وأخرى في أغسطس 2019م، ومعارك شبوة في أغسطس 2022م، وفي نفس العام قادت مليشيا الانتقالي ما سمي بـ “سهام الشرق” نحو محافظة أبين.
وأوضح التقرير، أن قطاع واسع من أبناء أبين ينظر لحملة “سهام الشرق”، كحلقة في إطار الصراع المناطقي الذي يريد أن يحسمه أبناء الضالع وردفان ويافع لصالحهم، ويتوج بوجود قوة عسكرية تسيطر على محافظة أبين، فأبناء تلك المناطق يشعرون بأنه ما لم يتم السيطرة العسكرية الكاملة على محافظة أبين فإنها ستظل مصدر قلق لهم، وتهدد مشروعهم الانفصالي.
وبحسب شخصية قيادية من محافظة أبين، فقد تعمق الصراع بين أبناء محافظته وبين أبناء الضالع وردفان ويافع، وانتقل من صراع نخبوي إلى صراع اجتماعي، فقد التف أبناء أبين حول نخبهم السياسية، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء مناطق “المثلث”.
ولفت إلى أن الصراع انتقل لمختلف المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية، وحتى في القطاع الخاص، من خلال ما يلحظ من تضييق على مصالح رجال الأعمال الذين ينتمون إلى محافظة أبين، مؤكدا أن أبناء أبين يرون وجود “تنظيم القاعدة”، وغيره من الجماعات المتطرفة في أبين، وجود سياسي أكثر منه وجودًا حقيقيا، في محاولة من بعض الأطراف لإلصاق تهمة “الإرهاب” بهذه المحافظة، في حين أن وجود تلك الجماعات في محافظة أبين مثله مثل بقية المحافظات الأخرى.
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة، شدد التقرير على ضرورة تبني استراتيجية متكاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة، وعلى رأسها أجهزة الأمن والشرطة والقضاء، لضمان فرض سيادة القانون، داعيا إلى تعزيز الجهود التنموية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وأوصى التقرير بدعم المشاريع التنموية التي تسهم في تحسين البنية التحتية وخلق فرص عمل مستدامة للشباب، بالإضافة إلى إطلاق برامج مصالحة مجتمعية لتعزيز التماسك الاجتماعي واحتواء التوترات الداخلية.
كما دعا التقرير إلى إعادة النظر في الوجود العسكري لمليشيا الانتقالي في أبين، من خلال سحب تدريجي لقواتها القادمة من خارج المحافظة، وتعزيز دور الوحدات الأمنية المحلية التي كانت متواجدة قبل عام 2022، بالإضافة إلى فتح باب التجنيد أمام أبناء أبين لتشكيل وحدات جديدة لخدمة المحافظة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن تحقيق الاستقرار في أبين يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاوناً وثيقاً بين السلطات المحلية والدولية، مؤكداً أن تعيين محافظ جديد يتمتع بالكفاءة والقبول المجتمعي يعد خطوة ضرورية نحو استعادة الاستقرار وقيادة المحافظة نحو مستقبل أكثر أمناً وازدهاراً.
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news