أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” محيي الدين عبد الغني:
في وقت مبكر من صباح الثامن من مارس/آذار 2020م، أصيب الصياد “محمد سالم أبو حنيف” بالذهول أثناء سيره على شاطئ خور العميرة الساحلي عندما رأى بقايا عدد من السلاحف مقطعة الأوصال، بعد أن قام بذبحها وتقطيعها مجهولون لم يعرف سالم هويتهم في حينها.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها “محمد سالم” عملية ذبح السلاحف البحرية في محمية خور العميرة الساحلية، التي تقع على بعد 120 كيلومترًا غربي محافظة لحج والتي أعلنتها الحكومة اليمنية محمية طبيعية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021، نظرًا لتواجد كائنات بحرية نادرة فيها.
هذه الحادثة كانت الأولى من نوعها في عملية صيد السلاحف البحرية التي وقعت على شاطئ محمية خور عميرة، مما دفع سالم وبعض أصدقائه المهتمين بالتنوع البيولوجي في المحمية إلى قضاء العديد من ساعات الليل في مراقبة الشاطئ، على أمل كشف الأشخاص المتورطين في أعمال الصيد الجائر لهذه السلاحف البحرية.
وفي إحدى الليالي، كان محمد وأصدقاؤه جالسين على شاطئ المحمية، شاهدوا على مسافة قريبة منهم مجموعة من الصيادين يوقفون قارب الصيد على الشاطئ في مكان غير مخصص لإنزال الأسماك وتسويقها، الأمر الذي أثار تساؤلات لدى محمد وأصدقائه، مما دفعهم للذهاب إلى المكان.
وعند وصولهم إلى المكان، تفاجأ محمد وأصدقاؤه بقيام الصيادين من أبناء المنطقة باصطياد أربعة سلاحف والبدء بذبحها.
في تلك اللحظة، بدأ محمد الحديث مع الصيادين عن خطورة صيد السلاحف وذبحها على البيئة البحرية في المنطقة، لكنه لم يتلقَّ أي رد أو مبادرة من قبلهم.
بعد مشاهدتهم لتلك الأعمال الخارجة عن القانون، عاد محمد ورفاقه إلى بيوتهم، وبدأوا بتوجيه مناشدات إلى الجهات المختصة الرسمية عبر منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر صور لعمليات ذبح السلاحف البحرية، بهدف لفت انتباه الجهات الأمنية لإيقاف هذه الظاهرة الخطيرة.
السلاحف منشطات جنسية
في شهر فبراير 2023، قامت الهيئة العامة لحماية البيئة البحرية فرع محافظة لحج بتشكيل جمعية للحفاظ على الحياة الفطرية وحماية السلاحف البحرية في منطقة خور عميرة، حيث تم انتخاب 13 شخصًا في عضويتها من المهتمين بمحاربة ظاهرة صيد السلاحف البحرية، برئاسة محمد سالم مهدي.
وفي حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”، قال “محمد سالم مهدي” إنه عمل طيلة الفترة الماضية مع أعضاء الجمعية لمجابهة ظاهرة اصطياد هذه السلاحف التي يقوم بها عدد من الصيادين من أبناء المنطقة لبيعها من أجل شراء القات، غير عابئين بخطر صيد السلاحف.
وأوضح أن “الصيادين يستخدمون عددًا من الكشافات الليلية لصيد السلاحف من المحمية، حيث تقدر أسعارها التي تباع في بعض المطاعم في عدن بين 30-40 ألف ريال يمني، من خلال بيع بعض من أعضائها، خاصة عضوها الذكري، الذي يعتقد البعض من خلال الخرافات الشعبية أنه يعد من المنشطات الجنسية”.
وأكد سالم أن هذه الظاهرة تم محاصرتها والتقليل منها عما كانت عليه قبل عدة سنوات، لكن شح الإمكانيات وعدم وجود مبنى حتى الآن يضم الجمعية يعد من الصعوبات التي تواجه الجمعية في طريق ضبط هذه الظاهرة.
مهددة بالانقراض
تكمن أهمية محمية خور العميرة في ما لها من حساسية بيئية وتكوينية وتطورات جيولوجية جذبت العديد من التنوعات الحيوية، من أهمها السلاحف البحرية، التي اتخذت من المنطقة مكانًا للتكاثر خلال موسم التزاوج.
وبسبب الأنشطة البشرية في المنطقة، هناك أربعة أنواع من السلاحف البحرية معرضة لخطر الانقراض، هي: “السلاحف الخضراء، والسلاحف صغيرة المنقار، والسلاحف كبيرة الرأس، والسلاحف الزيتونية”.
ووفقًا لدراسة أعدها فريق بيئي يتبع فرع الهيئة العامة البحرية في محافظة لحج، فإن المحمية تتميز بتنوع مظاهر سطحها باختلافات فريدة تشمل كل أنواع الشواطئ، منها الرملية والطينية والصخرية.
ويرجع ذلك إلى كونها مصبًا لعدة أودية قادمة من الجبال والتلال من الجهات الشمالية، بالإضافة إلى كونها تمتاز بلسان بحري يعمل على كسر الأمواج وحمايتها من التعرية والرذاذ الذي يؤدي إلى تآكل الشواطئ.
الدراسة قسمت محمية خور العميرة إلى ثلاث مناطق بناءً على حساسية المنطقة، هي: المنطقة المركزية (مساحتها 72.73 كم²)، المنطقة العازلة (مساحتها 115.95 كم²)، ومنطقة الاستخدام العام (مساحتها 332.77 كم²).
صيادون أفارقة
من جانبه، قال مدير فرع الهيئة العامة للبيئة البحرية في لحج، “فتحي الصعو”، إن هناك أفارقة موجودين في مخيم خرز الذي يبعد عن المحمية 10 كيلو مترات، يقومون بعملية الصيد. حيث تم ضبط 9 أفارقة في إحدى النقاط الأمنية خلال الأيام الماضية ومصادرة هذه السلاحف.
وأضاف لـ”يمن ديلي نيوز”: “رغم أن فرع الهيئة في لحج يعاني من شح الإمكانيات، إلا أنه حرص على متابعة واستخراج قرار من مجلس الوزراء اليمني باعتبار المنطقة محمية بحرية قبل ثلاث سنوات، وعمل على تأسيس جمعية لحماية هذه السلاحف من عدد من الصيادين من أبناء المنطقة”.
وأوضح أن فرع الهيئة يعمل على بناء مقر للجمعية من أجل تنظيم عملها بما يسهم في مراقبة ومحاصرة الظاهرة، حفاظًا على التنوع البيولوجي في البحر.
مجابهة الظاهرة
وفي السياق ذاته، رأى الصيادون المهتمون بالتنوع البيولوجي في المنطقة أن الحل الناجع لمجابهة هذه الظاهرة يكمن في التنسيق بين السلطات المحلية وفرع الهيئة في لحج.
وتحدث الصيادون لـ”يمن ديلي نيوز” عن تشكيل فرق من الصيادين والخبراء في المنطقة، وترتيب هذه الفرق ونشرها على المصائد الثمانية في منطقة خور عميرة، لمراقبة هذه الظاهرة، وتسليم الفاعلين للجهات الأمنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم.
وأشار الصيادون إلى أن هذه الإجراءات ستحد من ظاهرة اصطياد السلاحف في محمية خور عميرة، وتقطع الأمل في استمرار هذه الظاهرة لما تشكله من خطر على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي على طول ساحل المحافظة.
مرتبط
الوسوم
محمية خور العميرة
اصطياد السلاحف البحرية في لحج
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news