أكد رئيس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أن إجراءات مكافحة الفساد أصبحت نهج عمل متكاملاً لحكومته، معلناً إحالة ثالث مسؤول في القطاع النفطي بالبلاد إلى التحقيق بتهم متعلقة بالفساد، بعد أيام من تحويل دفعتين من المسؤولين إلى القضاء بتهم مشابهة.
وقال مصدر في مكتب رئيس مجلس الوزراء لـ الشرق الأوسط إن قراراً صدر بإيقاف عادل الحمادي، القائم بأعمال رئيس شركة الاستثمارات النفطية (وايكوم) عن العمل، وإحالته للتحقيق؛ بسبب مخالفته توجيهات مجلس الوزراء، والشروع في بيع قطاع نفطي.
وبيَّن المصدر أن الحمادي توجَّه قبل أيام إلى العاصمة المصرية، القاهرة؛ للتوقيع على اتفاق لبيع الحقل النفطي 5 في محافظة شبوة، بناءً على توجيهات غير قانونية، ما يُشكِّل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأنظمة، وأن قرارَي إقالته وإحالته للتحقيق، جاءا، بعد تقارير متعددة عن تجاوزات وإجراءات وُصفت بـ المخالفة للقوانين في الشركة ، خصوصاً فيما يتعلق بالقطاع النفطي.
صورة ضوئية لتوجيهات رئيس الحكومة اليمنية
وفي خطاب موجَّه من رئيس الحكومة إلى وزير النفط، اطلعت عليه الشرق الأوسط ، تمَّ التوجيه بالوقف الفوري لأي إجراءات اتُّخذت بشأن نقل ملكية القطاع النفطي 5 من شركة بترو مسيلة المملوكة بالكامل للدولة، إلى طرف آخر، وإيقاف أي شكل من أشكال التصرف، وعدم البت في أي اتفاقات أخرى قبل دراستها من قبل الحكومة، وإبلاغ الشركاء بذلك.
وذكر الخطاب أنه، ونظراً للتطورات والتصرفات غير المسؤولة التي حصلت مؤخراً في القطاع النفطي 5 ، التي تضمَّنت العبث غير المسؤول ببعض الأنظمة، وفرض إجراءات تخالف التوجيهات السابقة؛ يتم إيقاف الحمادي عن العمل، وإحالته إلى التحقيق، وإلغاء قرار تكليفه قائماً بأعمال المدير العام التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية والمعدنية (وايكوم).
محورية جهاز الرقابة
جاءت هذه الخطوة بعد أسابيع من إحالة رئيس الوزراء مسؤولين في مصافي عدن، وهيئة استثمار وإنتاج النفط، إلى القضاء، بتهم تتعلق بالفساد وإهدار المال العام، وما تبع ذلك من إحالة مجلس القيادة الرئاسي عدداً من المسؤولين، بينهم اثنان في مجلس الوزراء، إلى التحقيق بتهم تتعلق بقضايا فساد في قطاعات النفط والكهرباء والأراضي.
وقدّر مسؤول حكومي حجم الفساد في هذه القضايا بنحو مليارَي دولار.
مبنى قصر معاشيق في عدن حيث مقر الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)
وكان رئيس الحكومة اليمنية، حدَّد قطاعَي النفط والاتصالات أولويةً في الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد، لأنهما من أهم المصادر الاقتصادية للحكومة. وتعهَّد بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، لأنهما من أهم المسارات الرئيسية لبرنامج الإصلاح الشامل، الذي تبنّاه منذ توليه هذا المنصب.
وأوضح أنه عكس هذا الالتزام من خلال جعل أول زيارة رسمية له إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والتأكيد على دوره المحوري في مكافحة الفساد، ومطالبته بإجراء مراجعات شاملة لعدد من المؤسسات الحيوية والمهمة. وبحسب رئيس الوزراء اليمني، فقد تحوَّل هذا التوجه إلى نهج عمل متكامل تتكاتف فيه الجهود كافة، بدعم ومساندة من مجلس القيادة الرئاسي، حيث تمت إحالة عدد من الملفات المتعلقة بالفساد إلى النائب العام، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل مَن يثبت تورطه في ممارسات فساد، ليُحال إلى الجهات المختصة دون تهاون.
مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)
وتابع: سنواصل العمل على بناء نموذج لمؤسسات الدولة يقوم على سيادة القانون والعدالة، بحيث يُحاسب فيه كل مَن يثبت ارتكابه الفساد أو التواطؤ معه .
ضرورة التنمية الاقتصادية
في سياق منفصل، كشف رئيس الحكومة اليمنية، عن أن هناك جهوداً متواصلة للحكومة ومجلس القيادة الرئاسي لوضع المعالجات الضرورية للوضع الاقتصادي المتدهور، وآخرها إقرار خطة للتعافي الاقتصادي على المستوى الوطني.
وفي لقاء افتراضي جمعه مع فريق الأمم المتحدة بشأن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمحافظة تعز للفترة من 2024 حتى 2026، شدَّد بن مبارك على أن التنمية المستدامة ليست خياراً بل ضرورة، والحكومة عازمة على تحويل المعاناة إلى فرص للمستقبل .
الحكومة اليمنية حصلت على دعم مجلس القيادة الرئاسي في مواجهتها مع الفساد (إعلام حكومي)
وعدّ اختيار محافظة تعز من قبل الأمم المتحدة بوصفها نموذجاً لتطبيق مشروع التحول من التدخلات الطارئة إلى التدخلات المستدامة، خطوةً نوعيةً تعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه المحافظة، ليس فقط بوصفها رمزاً للصمود والتحدي؛ بل وبوصفها نموذجاً يمكن البناء عليه في باقي المحافظات.
ونبه إلى أن الانتقال من التدخلات الطارئة إلى التدخلات التنموية المستدامة، سيحقق أثراً طويل الأمد، ويرسخ الاستقرار والتنمية، وهو نهج دعت إليه الحكومة من وقت مبكر.
وأثنى على دور الشركاء الدوليين، والقطاع الخاص في تحقيق أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمحافظة تعز، معرباً عن تطلعه للعمل معهم لدعم وتنفيذ هذه الخطة وتعميم التجربة على محافظات عدن وحضرموت ومأرب.
وطالب رئيس الحكومة اليمنية بدور فاعل وإيجابي للقطاع الخاص، وأن تكون تعز تجربةً لشراكة حقيقية لإحداث تنمية بها وببقية المحافظات، منوهاً إلى أن نجاح هذه الخطة يتطلب من الجميع العمل بروح الفريق الواحد، واضعين مصلحة المواطن في المقام الأول.
للمرة الأولى تبدأ محاكمة مسؤولين في مصافي عدن بتهم الفساد وإهدار المال العام (إعلام محلي)
وتطلَّع إلى نقاشات بناءة تسهم في تحقيق تطلعات أبناء محافظة تعز، وإرساء نموذج تنموي يُحتذى به في باقي المحافظات.
وحثَّ بن مبارك على إنشاء المجلس الاقتصادي المحلي، وعلى أهمية تعزيز التنسيق بين الحكومة المركزية والسلطة المحلية والشركاء الدوليين؛ لضمان توجيه الجهود بشكل متكامل وفعّال، وأن تكون تعز نموذجاً.
ووجَّه الوزارات المعنية بمنح السلطة المحلية الصلاحيات اللازمة، مع اختيارها من الأمم المتحدة نموذجاً لتطبيق مشروع الانتقال.
وحثَّ محافظ تعز على إعداد مصفوفة بأهم الصلاحيات المطلوبة بصورة عاجلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news