تتكرر الغارات الأمريكية البريطانية منذ يناير 2024 على جبال فج عطان المطلة على العاصمة صنعاء من الجهة الجنوبية الغربية، ومن قبلها كانت هذه المرتفعة هدفا لسلسة عنيفة من الغارات لطيران التحالف العربي "عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية والامارات ضد جماعة الحوثيين المتمردة المدعومة من إيران منذ مارس 2015 وحتى مطلع العام 2022م.
فجر الـ22 من ديسمبر الماضي استيقظ سكان العاصمة على انفجارات كبيرة هزت بعض أحياء العاصمة، ناتجة عن ثلاث غارات أمريكية بريطانية، قالت القيادة المركزية الأمريكية إن الضربات التي وصفتها بالدقيقة استهدفت منشأة لتخزين الصواريخ ومركز قيادة وسيطرة تديرهما جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في مناطق خاضعة لسيطرتهم في صنعاء.
موضحة في بيان لها أن الضربات تم تنفيذها "بشكل متعمد لتعطيل وتقويض عمليات الحوثيين، بما في ذلك الهجمات ضد السفن الحربية الأمريكية والسفن التجارية في جنوب البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن".
تقع القاعدة الاستراتيجية في جبل فج عطان المقر القديم لمجموعة ألوية الصواريخ التابعة للجيش اليمني في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وفيها مخازن ترسانة الصواريخ الباليستية والمجنحة وصواريخ سكود وسام التي كانت ضمن القدرات الاستراتيجية في تسليح الجيش اليمني، وتم تأمينها في مخابئ محصنة تحت الأرض في نطاق تلك السلسة الجبلية التي ظلت منطقة عسكرية مغلقة ومحظورة، وتوفر تضاريسها ومساحتها الواسعة بيئة مواتية لنحت أنفاق وحفر مخازن منيعة.
المنطقة التي يقع فيها المجمع العسكري تقع ضمن سلسلة جبال (عطان- عيبان)، إحدى أعلى جبال اليمن بارتفاع 2.700 متر عن سطح البحر.
وقد تمكن الحوثيون من تجنيب بعض عتاد منظومة الصواريخ غارات عاصفة الحزم وتم إعادة تأمين تخزينها، ثم تم إعادة استخدامها في العمليات الحوثية وبعضها تم تطويره وتعديله في ورش ومراكز على يد خبراء إيرانيين وخبراء من الجماعات التابعة لها في المنطقة العربية.
استغلال الهدنة الأممية
بينما ينظر يمنيون إلى الضربات التي تستهدف مجمع عطان بأنها عشوائية وغير مؤثرة على الحوثيين وأنها "قصف المقصوف"، تظهر صور الأقمار الصناعية وصور جوجل قيام الحوثيين بأعمال إنشائية واستحداثات عسكرية في المجمع خلال الفترة الماضية.
إذ توضح الصور التي قام فريق "ديفانس لاين" بتحليلها أن الاستحداثات الحوثية داخل قاعدة فج عطان اتسعت منذ ما بعد اعلان الهدنة الأممية الهشة في ابريل 2022. وهو ما يشير إلى استغلال الجماعة لتلك الهدنة والاستفادة من توقف الضربات الجوية العربية.
توضح الصور التي قام فريق "ديفانس لاين" بتحليلها أن الاستحداثات الحوثية داخل قاعدة فج عطان اتسعت منذ ما بعد اعلان الهدنة الأممية الهشة في ابريل 2022. وهو ما يشير إلى استغلال الجماعة لتلك الهدنة والاستفادة من توقف الضربات الجوية العربية.
فيما تشير المصادر والصور إلى جهود الحوثية لإعادة تأهيل المخازن وتشغيل المخابئ القديمة وتطوير غرف ومراكز قيادة وسيطرة، كما تقوم بأعمال حفر بحثا عن أسلحة وذخائر في عطان والمرتفعات المنيعة المحيطة بصنعاء.
وتفيد معلومات استخبارية ومصادر دفاعية لـ"ديفانس لاين" استخدام الحوثيين لتلك القاعدة العسكرية لإطلاق صواريخ والطائرات المسيرة وتخزين الوقود الصلب، ونشر منصات إطلاق ورادارات وأسلحة وذخائر جوية ومنظومات الدفاع الجوي.
أحد مرتفعات عطان تقع فيه أبراج اتصالات والبث الإذاعي لعدد من الإذاعات التابعة للحوثيين. وتفرض الجماعة سيطرتها على منظومة الاتصالات والانترنت السلكية واللاسلكية وتستخدمها لمجهودها الحربي، كما تستخدم الإذاعات المتعددة ضمن مجهود اعلامها الحربي والتعبئة الطائفية ونشر الأفكار المتطرفة.
أنفاق ومرافق جديدة في 5 مواقع على الأقل
تؤكد الصور التي وثقتها الأقمار الصناعية وجوجل إرث وحللها فريق "ديفانس لاين" قيام الحوثيين بإنشاء مخابئ تحت الأرض في ثلاثة مواقع على الأقل داخل القاعدة، واستحداث شبكة من الطرقات في المجمع وطرق واسعة تربطها مع مواقع عسكرية في المرتفعات الجبلية غربي العاصمة.
في الموقع الأول تظهر الصور التي وثقتها الأقمار الصناعية إنشاء نفق رئيسي تحت الأرض، يتضح ذلك من خلال الصورة الملتقطة بتاريخ 15 أغسطس 2024، يظهر فيها مخبأ حديث تحت الأرض، ووجود أكوام من التراب في المنطقة القريبة تم تفريغه خلال عملية الحفر.
وبمقارنة الصورة مع الصورة الأخرى الملتقطة بتاريخ 3 مايو 2023، يتضح أن هذه المنشأة تم حفرها خلال العام 2024، وأن أعمال الحفر ربما بدأت في النصف الأخير من العام 2023.
في الموقع الثاني، تظهر الصور التي وثقتها الأقمار الصناعية إنشاء نفق رئيسي تحت الأرض ومخبأ آخر على الأقل تم حفره قرب مدخل النفق، يتضح ذلك من خلال الصورة الملتقطة بتاريخ 15 أغسطس 2024، التي تظهر وجود أكوام من التراب في المنطقة القريبة تم تفريغه خلال عملية الحفر، ووجود طرقات جديدة ومرافق لوجستية ومعدات ثقيلة وكتل خرسانية في موقع المنشأة.
وبمقارنة الصورة مع الصورة الأخرى الملتقطة بتاريخ 3 مايو 2023، يتضح أن هذه المنشأة تم إنشاؤها خلال العام 2024، وأن أعمال الحفر والانشاءات قد تكون بدأت في النصف الأخير من العام 2023.
في الموقع الثالث، تظهر نتائج تحليل الصور الملتقطة بتاريخ 15 أغسطس 2024م، تطوير مخبأ قديم تحت الأرض واستحداثات جديدة، ووجود علامات أرضية لحركة نشطة في الطريق المؤدي إلى المخبأ، ما يؤكد استخدامه من قبل الحوثيين خلال العام الماضي.
في موقع رابع، تظهر الصور التي وثقها جوجل إرث حديثا وجود منشأة في موقع آخر، تم نحتها تحت الأرض في موقع آخر داخل القاعدة، توضح الصورة وجود مخبأ كبير ومدخلين رئيسيين للنفق ووجود نفايات وأكوام ترابية ناتجة عن أعمال الحفر في المنطقة المرتفعة.
يتضح من الصور أن المداخل للنفق تسمح بدخول الناقلات ومعدات نقل ثقيلة إلى المخابئ، ما يشير إلى أن مساحة المنشأتين تحت الأرض كبيرة تسمح بتحريك منصات إطلاق ووجود مرافق كبيرة.
وفي موقع آخر، تظهر الصور أعمال حفر كبيرة أسفل إحدى المرتفعات، ووجود مدخل لمخبأ واحد على الأقل تحت الأرض. وتظهر على مدخل المخبأ آثار لقصف، ويرجح أنه قد تعرض لضربات في وقت سابق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news