عدن توداي
بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
مقالات ذات صلة
د. فوزي النخعي يكتب.. أنا لن اكتب خبراً إنشائياً، ولكن سأنقل ما دار في العيون وجال في القلوب
مظلومية قبيلة سفيان وأرحب
اقترب موعد الحضور للتقاضي ، واليوم يمر على الشيخ المسالم كالثانية ، بل وفي كل لحظة يتمنى أن يحدث أمر خارق في الكون ؛ كي يتم تأخير موعد التقاضي أو إلغاؤه بالمرة ، غير أن الرياح عادة ما تأتي بما لم تشته السفن ، اقترب الموعد ، وأصبح قاب قوسين أو أدنى ، والمسافة إلى موضع التقاضي ، تقدر بمسير يوم على العرد ، وفي المساء كان المكلف بمرافقة الابن ، واسمه فارس قد وفد إلى منزل الشيخ ، وفي الصباح الباكر جلس الشيخ مع ابنه ومرافقه فارس ، ورفدهما بالوثائق والأدلة الدامغة التي تثبت أحقيتهما وعدالة قضيتهما ، وكيف يعرض الابن القضية أمام الحاكم ، وكيف يحسن فنون التقاضي ، ويدير آداب التخاصم ، ثم انفرد الشيخ بفارس ، وقال له : أنا لا أريد تخويف الابن من الخصم ، الأمر الذي قد يشغله عن فنون التقاضي ، وحسن إبراز مظلوميته ، ويبقى فقط منشغلا بما قد يقدم عليه الخصم ؛ لذلك ها أنا أوصيك وأحذرك أنت مما قد يقدم عليه الخصم ، فأنا لم انتدبك لهذا الأمر إلا وأنا أعلم يقينا أنك أهل له ، بل ولما هو أكبر منه ، وإن فشلت في المهمة يافارس – لاسمح الله – فلا مكان لكما أنت والابن في القبيلة بعد اليوم .
ركب الشيخ الشاب على العرد ، والفارس يمشي أمامه وانطلقا ، وصلا موضع التقاضي مساء ، وفي الصباح انطلقا نحو ديوان القضاء ، طلب الحاكم من الخصمين أن يقتربا منه ، وأن يجثو كل منهما على ركبتيه ، والمسافة بينهما تقدر يمترين تقريبا ، ثم أذن للخصم أن يتقدم بدعوته شفهيا ، ويقدم الوثائق التي تثبت أقواله ، في هذه الأثناء بدأ الشيخ الخصم يدلي بدلوه ، وفارس يرقب الأمر من خلفهما ، من مسافة تقدر بستة أمتار ، وإذا بالشيخ الخصم بدأ يرتفع صوته ، ويتزحزح شمالا نحو الشيخ الشاب مفتول العضلات ، وبدأت المسافة تضيق بينهما ، ماجعل الفارس ينطلق كالسهم حتى حط بين الشيخين جاثيا على ركبتيه ، قابضا بكفه الأيمن عنق خنجره ، وهنا صرخ الحاكم ، ما الذي جاء بك بين الخصمين يارجل ؟ أجاب فارس : إنما أتيت لأمنع الشر ياسيدي الحاكم ، أردف الأخير بالقول : عد إلى حيث كنت يارجل ، قال فارس : إن وجودي هنا ضرورة يقتضيها الحال سيدي الحاكم ، وإذا ما كنت مصرا على قولك فسنضطر آسفين إلى الانسحاب من الجلسة سيدي الحاكم ، وعند ذلك همس كاتب المحضر في أذن الحاكم ، الأمر الذي جعل الحاكم ينظر نحو فارس ويقول : لابأس أن تبقى بين الشيخين يافارس .
وفي هذه الأثناء سارت أمور التقاضي كما ينبغي ، ونجح فارس في حماية شيخه الشاب وتجنيب قبيلته العار الذي كان يريد ذلك الشيخ المتهور إلحاقه بها .
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news