أعد القصة لـ “يمن ديلي نيوز” محمد العياشي
: في بلد تتجاذبه الأزمات، تتألق قصص ملهمة تجسد قوة الإرادة والتصميم. إحدى هذه القصص هي قصة غدير العدني، الشابة ذات الأربعة والعشرين عاماً، التي استطاعت بصلابة وعزم تجاوز معوقات الحياة لتحقيق أحلامها البعيدة.
ولدت غدير علي العدني في محافظة لحج، واحتضنت شوارع عدن طفولتها. كانت السعادة تُزهر في عائلة متماسكة حتى جاء انفصال والديها الذي غير مسار حياتها صغارًا.
انتقلت مع والدتها إلى تعز، حيث عاشت هي وإخوتها مع جدهم، وبدأت مرحلة جديدة من الكفاح والبناء.
تقول غدير العدني لـ “يمن ديلي نيوز”: “كانت أمي السند والملاذ في غياب أبي. عانت وتعبت لتؤمن مستقبلنا، فكانت ترسلنا للرعاية عند أختها التوأم (خالتي) أثناء انشغالها”.
ورغم الصعوبات والتحديات، لم تترك غدير التعليم يتلاشى من بين أصابعها، بل كانت تسعى دائما لأقصى حدود النجاح.
في العام 2011، اندلعت الثورة، وواجهت غدير تحديات كبيرة، إذ توقفت الدراسة في مناطق عديدة. بينما ترك إخوتها المدارس، كانت هي تصر على استكمال مسيرتها التعليمية، تتنقل بين ثلاث مدارس، وتقول: “لم أدع الخوف واليأس يحبطان عزيمتي”.
لكن التحديات لم تنتهِ؛ في قلب الحرب، كانت غدير تدرك أن التعليم هو سلاحها. وأضافت لـ “يمن ديلي نيوز “: “كان إصراري للوصول أقوى من أي عائق، حتى استطعت التخرج من مرحلة الثانوية في عام 2017”.
استمرت غدير في سرد مسيرتها التعليمية، قائلة: “بعد انتهاء الثانوية، التحقت بدبلوم إنجليزي، لكن الظروف حالت دون ذلك، فقررت في تلك الأثناء الانطلاق للعمل مع منظمات طوعية ومبادرات مجتمعية”.
وواصلت: “عرفت أنه توجد مقاعد مجانية للطلاب من الفئات المهمشة في جامعة تعز، فتقدمت، وها أنا اليوم خريجة إعلام أفتخر بذلك”.
اختارت العدني مجال الإعلام؛ لأنه صوت من لا صوت له، ووسيلة لنقل معاناة المجتمع. وعلى الرغم من الصعوبات الإضافية التي واجهتها، أظهر رأيها الناقد وإرادتها الدائمة قواها الحقيقية، لتكون مثالاً يُحتذى به.
تتذكر العدني لـ “يمن ديلي نيوز” بوضوح اللحظة التي أدركت فيها أهمية وجود الأب. “في يوم اجتماع أولياء الأمور، شعرت بالحزن لعدم وجود أبي. عرفت حينها أنني وحدي؛ لكن أمي كانت دائمًا هناك تدعمني، ووجودها أعطاني القوة للاستمرار في طموحاتي”.
غدير الآن ناشطة مجتمعية وصحفية، تشتغل في استوديو لتصوير الأعراس، وتهدف غدير إلى رفع وعي المجتمع حول قضايا الفئات المهمشة؛ حيث تسعى بشغف لتغيير النظرة الدونية التي تُمارس ضدهم، فتصيح: “نحن بحاجة إلى جيل متصالح مع نفسه ليواجه الصعوبات”.
وفي ختام حديثها لـ “يمن ديلي نيوز “، تحث غدير الفتيات على التعليم، قائلة: “التعليم ثم التعليم ثم التعليم، فهو السلاح الذي يمكن أن يحقق أحلامنا”.
قصة غدير العدني تقدم درسًا في الشجاعة والمثابرة، لتكون مثالاً حيًا على أن الإرادة القوية يمكن أن تحقق المستحيل، وتضيء دروب الأمل في ظلمات الحياة، لتذكر الجميع أن كل حلم يبدأ بخطوة أولى، وأن الأمل لا يزال ينبض في قلوب أولئك الذين يسعون لتحقيق ذواتهم في ظل التحديات.
مرتبط
الوسوم
قصة نجاح
قصة صحفية
معانات المرأة في زمن الحرب
غدير العديني
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news