المنطقة العربية اليوم تمر بمنُعطف خطير، وما حدث في سوريا لن يكون العرب بمنأى عنه، فتداعيات ذلك ستكون كبيرة مستقبلاً، في كل المعارك المصيرية لا يمكن اللعب علي التوازات أو ابرام الصفقات، ولا لتقديم التبريرات فمنة ينحدر ويسيل الدم اكثر ويعبر الحدود، فالقارب المتعدد المجاديف والأهداف فيه غالباً لايصل. خلال الأيام التي أعقبت سُقوط النظام السوري بتلك الصورة الدراماتيكية، يمكننا قراءة المشهد السوري، بأن هُناك بلد عربي يجري تشكيلة بحسب رؤية أخرى مُغايرة تتوافق مع المصالح الإقليمية والدولية، وهو ما بدأ واضحا من خلال التحركات الأخيرة التركية والأمريكية والاوربية، لا سيما التركية التي يستعد الجيش التركي في احتلال مناطق واسعة في شمال سوريا، واحداث تغيير ديموجرافي فيه كان قد بدأ في وقت سابق، وكذا تفكيكة للجدار الحدودي والتقدم لاستهداف المناطق الكردية، وقبل كل ذلك الإسرائيلية التي باغتت الجميع لنيل نصيبها من الكعكعة السورية، من خلال قيامها بقظم اجزاء واسعة من الأراضي السورية من خلال توغلها داخل الأراضي السورية في محافظات درعا والقُنيطرة وريف دمشق وجبل الشيخ الإستراتيجي، وموازة لذلك شنها لضربات عسكرية علي مقدرات الجيش السوري حتي لا تكون سوريا مستقبلا مصدر قلق وخطر عليها، نعم لا يمكن طرد وطن من التاريخ لكن أيضا بالإمكان تفتيته واضعافه، لتبقي الأماني مشروعة في جدوي استعادتة وحتي تحين اللحظة الحاسمة يتطلب الأمر وقت طويل.
لقد ظلت سوريا لعقود طويلة كجبهه ممانعة في الشرايين القومية وقلب عروبي نابض. كما أنها الموقع الجيو سياسي لسوريا وتشابكها مع جيرانها والمنطقة العربية ككل يجعل من الأمن لتلك الدول واستقرارها مرهون بالوضع فيها، لذلك الجميع اليوم يترقب كيف سيكون الوضع فيها خلال الأيام والأسابيع والشهور المقبلة، فهل يمكن ان تكون سورية الجديدة مُختلفة ؟ مبنية علي قيم المواطنة ودولة المؤسسات والنظام والقانون ومراعاة التنوع في المجتمع السوري؟.
هذة أسئلة مُلحة لا يعلم احد كيف سيتعامل الحُكام الجُدد في دمشق معها، فلا أحد يُمكن لاحد التكهن بما سيحدث في المستقبل، لكن التصريحات الضبابية التي تأتي من هناك، وإن بدت مُطمئنة لكنها تحتمل أكثر من تأويل فالشيطان يكمن في التفاصيل، وفي هذا الاثناء لانري معادل عربي قوي إزاء مايجري من ترتيبات إقليمية ودولية لسوريا، إلا من دافع رد فعل سياسي وانتقامي علي موقفها السياسي من حركات المقاومة، مثّلت فرصة لارتواء من ثار وتصفيه حسابات قديمة ،يفكر بها العقل السياسي العربي الرسمي خصوصا الخليجي منه، هذه العقليات التآمرية التي تتفنن في ممارسته، لم تكن محصورة علي سوريا فقط، بل هي سياسة مُتبعه في أكثر من قُطر عربي، السودان اليمن ليبيا، وقد تكون هناك دول مرشحة لهذا الاستهداف طالما وأمريكا تريد ذلك، تبقي الأماني مُشرعة هنا في أن يتعافي هذا البلد العربي المهم، والذي دائما ما يُوصف بأنه قلب العروبة النابض ،فهل سيبقى للعرب نبضاً فيه؟ أم أن هناك تيار آخر سيجرفه كما جرف بُلدان أخُري ما تزال تئن تحت وطأته؟.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news