يعود كل مساء مرهق من عمله ليبدأ ممارسة طقس يومي يستحضر من خلاله عناء والدته وأخواته من أجله قبل أن يغادرهم بحثا عن أمنيات للعيش بكرامة و..إلخ.
فبداية من على طريق عودته يأخذ بيده حفنة تراب وحصى ومجرد ما يصل السكن ينثره على أرضية السكن وفراش النوم وبعثرة ملابسه على الأرض و…إلخ، ثم يتجه ليسحب أحد ملابسه الصوفية الثقيلة ويرميها على الأرض ويدوسها وينثر رماد سجارة عليها و..إلخ حتى تتسخ.
يأخذ الثوب ويتجه نحو الحمام ويسحب وعاء غسل الثياب والصابون ويبدأ بغسل الثوب مرة مرتين ثلاث وبعناية وبحب ثم يخرج وينشر الثوب على حبل الغسيل، ويعود لتنظيف التراب والحصى من على الأرضية والفراش وترتيب ملابسه والأشياء التي بعثرها على الأرض.
وقبل أن يخلد للراحة يرتدي ملابسه ويتجه للخارج نحو البقالة لجلب وجبة عشاء وما تيسر من فواكه ويعود السكن ليشعل فحم وتحضيره لعمل بخور ثم يتناول عشاءه والفواكه ويسند ظهره على الجدار مغمض عيناه ويبدأ باستحضار والدته وشقيقتيه وهن يغسلن ملابسه ويرتبن أشياؤه التي لا يتوقف عن بعثرتها، وكنس الأرض وتحضير وجبات طعام اليوم بكل أصنافه والشاي و…إلخ.
يشعر برغبة للبكاء.. يبكي دون خجل من كونه رجل إلى أن يكبر شعوره ويقينه بأنه غارق في دين لوالدته وشقيقيته، دين لا طاقة له على سداده، فيهمس أووه يا أمي يا أغلى من روحي ويا شقيقتاي وأغلى من حياتي وسعادتي أحبكم وأطلب عفوكم عني، فكم تعبتم وعانيتم من أجلي ولم تتذمرن بل كنتم كلما تعبتم أكثر تشعرن بحب تعبكم لأجلي أكثر.
يصمت ويجول ببصره في الظلام، يتمتم هل هناك من هو أولى باهتمامي ورعايتي وبري غير أمي وشقيقتاي، لكم كل حبي وسعادتي وبهجتي لكم خالصة. لن أخجل من قول قربن أيديكم وأقدامكم أقبلهم وبكل حب وتقدير ووفاء. أطلب عفوكم لأني لا استطع قضاء دينكم عليا مهنا عملت ومهما جعلتكم أولوياتي الأولى والأهم والأحب إلى قلبي في حياتي ومماتي بأذن الله وبركات دعواتكم لي بالخير والستر والسعادة على الدوام. لمن الحب والتقدير اليوم؟ لك أمي وأخواتي لكم خالص دون سواكم.
سلام عليكم. سلام عليكم. سلام لأرواحكم. سلام لصدى أصواتكم يرافقني كل لحظة. سلام عليكم أنتم روحي وراحتي وبهجتي وسعادتي وتاج رأسي الأعز.
وسلام عليكٍم يا روحي سلام عليكم وعلى كل الراحلين الأنقياء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news