ما الذي تغير في عدن بعد التحرير؟!!

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 125 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
ما الذي تغير في عدن بعد التحرير؟!!

لــــن يكون من الإنصاف المقارنة بين أوضاع البلد وعدن على وجه الخصوص في اللحظة الراهنة وبين أوضاعها ما قبل 2015م، لسبب بسيط وهو إن نظام الرئيس علي عبد الله صالح قد ظل حريصاً على استبقاء منظومة الإدارة التنفيذية والخدمية والاقتصادية وطبعاً الأمنية والعسكرية في قبضته، ولما سلم السلطة بقيت هذه الإدارة كما أرادها هو (أي علي عبد الله صالح) وبقيت مراكز القوى هي المهيمنة على تسيير الموارد والخدمات والتصرف بعائداتها وتنفيذ السياسات (التي يفترض أنها قد تغيرت وفقا للتغير السياسي الذي يفترض أنها جرى)، أو كما يقول بعض المحللين أن الرئيس صالح بنى نظاماً على مقاسه الخاص، ينشط بوجوده وينفذ أجنداته بغيابه، وهذا ما حصل بعد التحرير، حيث بقيت (وما تزال) الدولة العفاشية العميقة هي المتحكم بتنفيذ السياسات وإدارة جميع الملفات، ولم تتغير وظيفتها سوى أنها انتقلت من التنفيذ إلى التعطيل.

وفي فترة نزوح الرئيس هادي وتسليم المرافق والمؤسسات لغير المؤهلين وعديمي الأمانة عمَّت الفوضى وساد الفساد ولكم أن تتخيلوا مديراً عاماً لواحدةٍ من أهم المؤسسات الخدمية ذات العائدات المالية الكبيرة، يهاجر إلى دولة شقيقة ويربط كل العمليات الإدارية والمالية بتوقيعه عبر الإنترنت ويتم تحويل إيرادات المرفق إلى حسابه الخاص في أحد بنوك بلد النزوح، وهذه الحالة ليست سوى عينة من جالات كثيرة يصعب استعراضها أو تفكيك ألغازها.

إن هذا الكلام ليس شهادة مجانية على أفضلية نظام ما قبل 2015م، لأن هذا النظام هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما تعرضت له عدن والجنوب من عمليات التدمير الممنهج، والعقاب الجماعي ضد لمواطنين الجنوبيين باعتبارهم جميعاً انفصاليون وأعداء للوطن.

لكن هذا أيضا لا يعفي من تسلموا إدارة الجنوب الذي أُطلِق على محافظاته اسم "المحافظات المحررة"، لا يعفيهم من المسؤولية عن كل الدمار والتدهور والخراب الذي استمر بعد هروب الجماعة الانقلابية وأتباعها من عدن ومحافظات الجنوب.

إن أي تغيير أو ثورة مهما كانت شعاراتها وخطابات قادتها وكتابات وأحاديث إعلامييها، لا تقاس إلا بما حققته من تغيير نحو الأفضل في حياة الناس من أنصارها، أو حتى غير أنصارها من الموطنين الواقعين في النطاق الجغرافي لنفوذها وتأثيرها، أما الخطابات والشعارات و(الهنجمات) الإعلامية فإنها لا تشفي مريضاً ولا تشبع جائعاً ولا تنصف مظلوماً ولا تعيد مخطوفاً ولا تداوي جريحاً من جرحاها ولا تعوض أسرة شهيدٍ من شهدائها.

سيقول قائل أن السلطة الشرعية (أي سلطة وحكومة رشاد العليمي وبن مبارك وشركائهم) هي المسؤولة عن معانات الجنوبيين باعتبارها المهيمنة على صنع السياسات واستلام الموارد المالية والتحكم بتصريفها.

نعم لقد كنا نقول هذا الكلام قبل اتفاق الرياض (نوفمبر 2019م)، وحتى قبل مشاورات الرياض (أبريل 2022م) أما وقد أصبح الجنوب ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي وأنصاره، جزءاً من هذه الشرعية، فإن رمي الاتهام على شرعية العليمي وبن مبارك وحدهما لم يعد مقنعاً، ولا يمثل سوى هروبٍ من الاعتراف بالحقيقة المرة والمؤلمة، وهي إن الشراكة بين المجلس الانتقالي وأنصاره وبين الشركاء الشماليين الهاربين من المواجهة مع الحوثيين وأنصارهم، لم تحقق ما كان الجنوبيون يتطلعون إليه من انفراج في حياتهم المعيشية والخدمية والإنسانية ناهيك عن حلم استعادة الدولة الذي يبتعد عنا كلما تطاول عمر هذه الشراكة وتفاقم تأثير نتائجها البائسة على حياة أبناء الجنوب.

نعم لقد تغيرت الأحوال في عدن وعموم محافظات الجنوب لكنه تغيرٌ إلى الأسوأ وهذا ما يقر به الجميع من محبي الجنوب وحتى من خصوم قضيته العادلة، بيد إن هذا لا يعني أن من كانوا قائمين على حكم الجنوب من أنصار المرحلة العفاشية كانوا مخلصين أو نزيهين أو عادلين، ولكن لأن من جاء بعدهم أثبتوا أنهم أسوأ منهم بكثير، وبمعنى آخر أن أحوال الجنوب والجنوبيين لم تتغير إلا من السيء إلى الأسوأ وهو ما لم يكن بحسبان أي من المواطنين الجنوبيين وحتى من الطبقة السياسية الجنوبية.

من المؤسف أن أي انفراج في أحوال الناس لا يلوح في الأفق وأن القادم قد يغدو أسوأ من الأسوأ الراهن، ومن المؤسف أيضاً أن الشراكة الجنوبية مع منظومة الشرعيين الهاربين، تمنح هؤلاء فرصةً لمواصلة تكريس الأوضاع الموجعة، ونقل جزء من تحمل المسؤولية عن تدهور الأوضاع وتنامي معانات الناس إلى الشريك الجنوبي الذي لم يستفد من هذه الشراكة ولم يسخرها لخدمة مصالح الشعب الذي منحه التفويض ذات يوم.

كنت وفي عدة منشورات سابقة قد تقدمت بنصيحة للزملاء في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي (وأنا لست من الميالين لتقديم النصائح)، لكنني لا أجد بداً من تكرار هذه النصيحة.

إن المجلس الانتقالي أمام ثلاثة خيارات هي:

1. إما تقديم مصفوفة من الإجراءات العملية الهادفة إلى تخفيف معانات الناس واستعادتهم حقوقهم في توفير خدمات الماء والكهرباء والتطبيب والتعليم وخدمات البلدية وتسليم الناس مرتباتهم الشهرية بانتظام ومعالجة أزمة انهيار العملة وغيرها من الواجبات الحكومية التي ينص عليها الدستور والقانون في أي بلد من البلدان؛

2. وإما إعلان الانسحاب من هذه الشراكة الأكثر من بائسة، والتي نقلت المجلس الانتقالي الجنوبي من قائد للجنوبيين ومعبر عن تطلعاتهم وإصرارهم على استعادة دولتهم إلى شريك، أو على الأقل متفرج على عذاباتهم ومعاناتهم التي تدفعهم يوماً بعد يوم إلى الهاوية المحدقة كلما تطاول عمر هذه الشراكة.

3. البقاء في هذه الشراكة كما هو الحال عليه حتى اللحظة، وبالتالي الكف عن الحديث عن التفويض وعن احتكار تمثيل الجنوبيين وسلق الوعود للجنوبيين بما يدغدغ مشاعرهم دون تحقيق شيءٍ من هذه الوعود، وبالتاي فحينما تنفض القاعدة الجماهيرية من حول المجلس وهي حاضنته الاجتماعية الحقيقية، فإن الساحة الجنوبية مرشحة لاحتمالات عديدة قد لا تكون جميعها حميدة وذات ثمار إيجابية.

إن عامة الناس، بما في ذلك أنصار أي كيان سياسي، لا تتمسك بهذا الكيان لمجرد الحب والتعاطف معه والانبهار بخطابات قادته وتصريحاتهم ومقابلاتهم المتلفزة، بل إنها تتمسك بالمشروع الذي يعلنه هذا الكيان، وهذا المشروع تختبره الجماهير بوعيها وذكائها الفطري من خلال ما تلمسه من تغير في حياتها، وهي مستعدة أن تضحي بطليعتها السياسية إذا ما خذلتها دون أن تضحي بتطلعاتها وأحلامها التي نذرت في سبيلها أنهاراً من الدماء وقوافلَ طويلةً من الشهداء من خيرة أبنائها.

﴿ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا﴾


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أبرز ماجاء في اجتماع هام لمجلس القيادة الرئاسي اليمني بالرياض قبل قليل (صورة)

مراقبون برس | 1045 قراءة 

شاهد بالاسم والصورة رئيس الوزراء اليمني الجديد الذي تم التوافق عليه (الاسم والصورة)

المشهد الدولي | 944 قراءة 

الإعلام الامريكي يفجر فضيحة كبرى ويكشف من من الذي يزود البنتاجون الامريكي بالاهداف التي يقصفها في اليمن

اليمن السعيد | 796 قراءة 

عاجل.. مجلس القيادة يطيح برئيس الحكومة ويعين سالم بن بريك رئيساً للوزراء

عدن توداي | 550 قراءة 

صنعاء تحت القصف: سلاح الجو البريطاني يكشف عن نوع القنابل المستخدمة!

المرصد برس | 442 قراءة 

الشرعية على المحك: بن مبارك يشترط إسقاط العليمي والسفيرة البريطانية تقتحم المشهد بقوة..

الأمناء نت | 421 قراءة 

شاهد اول صورة للطالبة اليمنية "هنادي" التي توفت إثر حادث الاسانسير.. واسرتها تكشف ما حدث لأول مرة وكيف "قُتلت مرتين"؟

اليمن السعيد | 340 قراءة 

تصفية قائد عسكري يمني في مصر (صور)

العربي نيوز | 328 قراءة 

جريمة وحشية تهز العاصمة المؤقتة عدن

يني يمن | 317 قراءة 

نحو استعادة الشرعية: ميلاد تكتل سياسي جديد يعيد بناء الدولة

نيوز لاين | 306 قراءة