عالم الموت الملون!

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 121 مشاهده       تفاصيل الخبر
عالم الموت الملون!

عزالدين سعيد الأصبحى: 

أتذكر قول باولو كويلو: «إذا تشابهت الأيام، فذلك يعنى أنَّ الناس قد توقّفوا عن إدراك الأشياء الجميلة!».

والحقيقة أننا فى بلدان الحروب والنزاعات، ننسخ الأيام نسخا وليس مجرد تشابه، فهذا الموت اليومى لا يتكرر فقط ولكنه يصبح الحياة ذاتها. أى توحش هذا الذى يسير عليه عالم اليوم؟ عالم مضطرب عجيب بمفارقاته، تراكمت فيه معرفة التكنولوجيا والاختراعات الحديثة بشكل لم يشهد مثله العالم من قبل، ولكن أيضا تراكم الموت فى زواياه أكثر.

كأن العلم بدلا من أن يكون نافذة استقرار كونى، صار وبالا على البشرية تلاحقه عقدة ذنب منذ الفريد نوبل الذى اخترع البارود والجائزة الشهيرة وأضر العالم بهما أكثر مما نفع فى الغالب، كما يسخر الناس على ذلك بقولهم إن نوبل أضر الكوكب بباروده وجائزته، حيث مُنحت لأشخاص جعلت الناس تقول هذا.

وصرنا نقول ماذا لو عاد العالم ليراكم إنجازه من الفنون؟ لربما عاد جزء من إنسانيتنا التى نفقدها كل يوم مع سياسة تفتقد الأخلاق!. انظر لسماء الحروب المكفهرة لتعرف حجم جنايتنا على الأشياء الجميلة، ولنعرف حجم جريمة العالم.

مثلاً بحق الطفولة، انظروا لطيران الأطفال الذى كان فى البدء طيارات من ورق ملون، تجرى مع (عدو طفلين معاً فسبقنا ظلنا)، حسب قصيدة إبراهيم ناجى فى اطلاله مع أم كلثوم والسنباطي. ذاك الطيران المبهج فى لعب الأطفال تحول من لعبة معدن صغيرة وورق ملون، إلى لعبة موت أسود وحديد يطير بقنابل مدمرة.

تحول من تحليق كان بهجة للطفولة إلى تحليق يقتل الصغار وأمهاتهم، ويدمر مدارسهم ويحرق كراسات رسوماتهم. كانت فيروز تغنى (طيرى ياطيارة من ورق وخيطان) الآن صار اسمها طيران (الدرونز) يافيروز، وتحولت من لعبة للأطفال إلى قاتل لهم. وكل ما كان لعبة تحول إلى سلاح، ولم يعد بالضرورة يقود هجمات الحرب جنرال مفتول العضلات، بل شابٌ صغير نحيلٌ بنظارة طبية، يقتحم أسرار التكنولوجيا، ويجعل برامج جهاز التليفون المحمول سماعة تجسس أو عبوة تنفجر بكبسة زر من مكان خفي.

مشهد يومى يدمى القلب يتكرر بألوان مختلفة وموت واحد. وحده قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة بنيامين نيتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، غير فى تركيبة أخبار الصباح الدامي. هو خبر لحدث أكثر من مجرد خطوة فى طريق العدالة وانصاف الضحايا، حيث هو قرار نقول عنه محاولة لإنقاذ منظومة القيم الإنسانية التى دمرها واقع الحرب الحالية. هذه الحرب لم تدمر غزة وتقصف بيروت فقط، لكنها ضربت منظومة القيم الكونية لحقوق الإنسان فى الصميم، وهى أكبر هزيمة قيمية للبشرية. فهذا الجيل الذى يتباهى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بأنه جيل حقوق الإنسان، أضحى يعيش نكبة قيم مفجعة من هول ما يجري. وفقدان المرء الإيمان واحترامه لذاته هو أكبر كارثة، لهذا يكتسب هذا القرار أهميته.

لن تنفذ الدول القرار ولن نجد مجرمى الحرب فى قفص الاتهام حتما، بل سنجد الحملة تشتد على المحكمة ومصدرى القرار بحيث ربما نجدهم فى قفص الاتهام قبل المجرمين المطلوبين للعدالة، فهذا عالم مختل، تقوده قوة مختلة، لكن لابد من محاولة لإنقاذ جزء من إنسانية العالم.

وبالعودة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، فعلى الأقل هناك ملاحقة قانونية تعيد للحق بعض الاعتبار، والأهم تعيد للذات بعض الاعتبار. ولعل ذلك هو الحدث الفارق فى سيرة أيام للموت بألوان شتى يتكرر مشهدها المؤلم، وكأننا فى حالة مسلسل من القتل والتوحش اليومى يكرر نفسه.

والفارق الجديد منذ يومين هو فى الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان، وتلك قصة لم تكتمل فصولها بعد، فهل هى نهاية لحرب أم بداية مشهد خراب آخر. هل يؤمن الاتفاق عودة المهجرين؟ أم عودة حرب أخرى بعيدة عن إسرائيل؟. الأسئلة مشروعة ومفتوحة، ولكن على الأقل المشهد يخرجنا قليلا من منظر القصف اليومى المدمر وذاك هو الإنجاز، وهو إنقاذ لآدميتنا قليلا.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الكشف عن الجهة التي قامت بتمويل الحوثيين لعملية صرف المرتبات ..."وثائق"

اليمن السعيد | 5890 قراءة 

بشرى سارة ...قطر تقدم عرض خاص لليمنيين فقط

اليمن السعيد | 3229 قراءة 

في تطورات مفاجئة ...قيادي حوثي كبير يصل الرياض للتفاوض على هذا الشيء

اليمن السعيد | 3151 قراءة 

عاجل : لأول مرة ...السعودية تقدم طائرات حربية للجيش الوطني ...ومصادر تتحدث عن معركة مشابهة لمايحدث في سوريا

اليمن السعيد | 2320 قراءة 

وثائق مسربة تكشف عن الجهة التي قامت بتمويل الحوثيين لعملية صرف المرتبات ...

وطن الغد | 2157 قراءة 

شاهد....جمارك منفذ شحن الحدودي يوقف شاحنة على متنها جذع شجرة عملاقة...وبعد التدقيق فيها عثروا على مفاجأة صادمة

اليمن السعيد | 2156 قراءة 

الحكومة اليمنية توجه نداء عاجل ‏إلى أبناء اليمن الأحرار في الداخل والخارج وإلى كل أحرار العالم وهذا نص النداء

المشهد الدولي | 2076 قراءة 

مليشيا الحوثي تعد بصرف نصف راتب لا يشمل كافة الموظفين (وثيقة) 

العاصمة أونلاين | 1780 قراءة 

دراسة تحذر: ممارسة هذه العادة السيئة في الحمام قد تسبب لك النوبة القلبية..تعرف عليها

وطن الغد | 1717 قراءة 

رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك يصدر قرارا خارج نطاق صلاحياته ومكتبه يصدر توجيهات بالتنفيذ والرئاسة تلغي القرار

المشهد الدولي | 1713 قراءة