عالم الموت الملون!

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 181 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عالم الموت الملون!

عزالدين سعيد الأصبحى: 

أتذكر قول باولو كويلو: «إذا تشابهت الأيام، فذلك يعنى أنَّ الناس قد توقّفوا عن إدراك الأشياء الجميلة!».

والحقيقة أننا فى بلدان الحروب والنزاعات، ننسخ الأيام نسخا وليس مجرد تشابه، فهذا الموت اليومى لا يتكرر فقط ولكنه يصبح الحياة ذاتها. أى توحش هذا الذى يسير عليه عالم اليوم؟ عالم مضطرب عجيب بمفارقاته، تراكمت فيه معرفة التكنولوجيا والاختراعات الحديثة بشكل لم يشهد مثله العالم من قبل، ولكن أيضا تراكم الموت فى زواياه أكثر.

كأن العلم بدلا من أن يكون نافذة استقرار كونى، صار وبالا على البشرية تلاحقه عقدة ذنب منذ الفريد نوبل الذى اخترع البارود والجائزة الشهيرة وأضر العالم بهما أكثر مما نفع فى الغالب، كما يسخر الناس على ذلك بقولهم إن نوبل أضر الكوكب بباروده وجائزته، حيث مُنحت لأشخاص جعلت الناس تقول هذا.

وصرنا نقول ماذا لو عاد العالم ليراكم إنجازه من الفنون؟ لربما عاد جزء من إنسانيتنا التى نفقدها كل يوم مع سياسة تفتقد الأخلاق!. انظر لسماء الحروب المكفهرة لتعرف حجم جنايتنا على الأشياء الجميلة، ولنعرف حجم جريمة العالم.

مثلاً بحق الطفولة، انظروا لطيران الأطفال الذى كان فى البدء طيارات من ورق ملون، تجرى مع (عدو طفلين معاً فسبقنا ظلنا)، حسب قصيدة إبراهيم ناجى فى اطلاله مع أم كلثوم والسنباطي. ذاك الطيران المبهج فى لعب الأطفال تحول من لعبة معدن صغيرة وورق ملون، إلى لعبة موت أسود وحديد يطير بقنابل مدمرة.

تحول من تحليق كان بهجة للطفولة إلى تحليق يقتل الصغار وأمهاتهم، ويدمر مدارسهم ويحرق كراسات رسوماتهم. كانت فيروز تغنى (طيرى ياطيارة من ورق وخيطان) الآن صار اسمها طيران (الدرونز) يافيروز، وتحولت من لعبة للأطفال إلى قاتل لهم. وكل ما كان لعبة تحول إلى سلاح، ولم يعد بالضرورة يقود هجمات الحرب جنرال مفتول العضلات، بل شابٌ صغير نحيلٌ بنظارة طبية، يقتحم أسرار التكنولوجيا، ويجعل برامج جهاز التليفون المحمول سماعة تجسس أو عبوة تنفجر بكبسة زر من مكان خفي.

مشهد يومى يدمى القلب يتكرر بألوان مختلفة وموت واحد. وحده قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة بنيامين نيتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، غير فى تركيبة أخبار الصباح الدامي. هو خبر لحدث أكثر من مجرد خطوة فى طريق العدالة وانصاف الضحايا، حيث هو قرار نقول عنه محاولة لإنقاذ منظومة القيم الإنسانية التى دمرها واقع الحرب الحالية. هذه الحرب لم تدمر غزة وتقصف بيروت فقط، لكنها ضربت منظومة القيم الكونية لحقوق الإنسان فى الصميم، وهى أكبر هزيمة قيمية للبشرية. فهذا الجيل الذى يتباهى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بأنه جيل حقوق الإنسان، أضحى يعيش نكبة قيم مفجعة من هول ما يجري. وفقدان المرء الإيمان واحترامه لذاته هو أكبر كارثة، لهذا يكتسب هذا القرار أهميته.

لن تنفذ الدول القرار ولن نجد مجرمى الحرب فى قفص الاتهام حتما، بل سنجد الحملة تشتد على المحكمة ومصدرى القرار بحيث ربما نجدهم فى قفص الاتهام قبل المجرمين المطلوبين للعدالة، فهذا عالم مختل، تقوده قوة مختلة، لكن لابد من محاولة لإنقاذ جزء من إنسانية العالم.

وبالعودة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، فعلى الأقل هناك ملاحقة قانونية تعيد للحق بعض الاعتبار، والأهم تعيد للذات بعض الاعتبار. ولعل ذلك هو الحدث الفارق فى سيرة أيام للموت بألوان شتى يتكرر مشهدها المؤلم، وكأننا فى حالة مسلسل من القتل والتوحش اليومى يكرر نفسه.

والفارق الجديد منذ يومين هو فى الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان، وتلك قصة لم تكتمل فصولها بعد، فهل هى نهاية لحرب أم بداية مشهد خراب آخر. هل يؤمن الاتفاق عودة المهجرين؟ أم عودة حرب أخرى بعيدة عن إسرائيل؟. الأسئلة مشروعة ومفتوحة، ولكن على الأقل المشهد يخرجنا قليلا من منظر القصف اليومى المدمر وذاك هو الإنجاز، وهو إنقاذ لآدميتنا قليلا.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : أمن صنعاء يتحرك لإزالة هذه الصور من الشوارع

جهينة يمن | 463 قراءة 

مسؤول سياسي يزف أخبارًا واعدة.. انفراجة مرتقبة في المشهد اليمني

نيوز لاين | 441 قراءة 

حين يصبح نائب الشعب ضد الشعب.. تهافت دفاع شوقي القاضي عن علي عبدالله صالح

بيس هورايزونس | 378 قراءة 

تعطل سيارة لمواطن شمالي بعدن وهذا ما قام به جنود الحزام الأمني !

جهينة يمن | 378 قراءة 

مسؤول سياسي يزف أخبارًا واعدة.. انفراجة مرتقبة في المشهد اليمني

المرصد برس | 330 قراءة 

تدخل تركي عاجل في اليمن (تفاصيل)

جهينة يمن | 297 قراءة 

الفريق علي محسن الأحمر يظهر رسميًا في حدث تاريخي برئاسة ولي العهد السعودي

المرصد برس | 278 قراءة 

العثور على طفل حديث الولادة مرمي مدخل إحدى العمارات في صنعاء "صورة"

جهينة يمن | 269 قراءة 

فضيحة تهريب الغاز: مسؤول متورط في استنزاف حصة عدن ونقلها للخارج!

المرصد برس | 252 قراءة 

القضاء الأمريكي يُدين طرفًا جديدًا في شبكة دعم الحوثي

المشهد اليمني | 248 قراءة