‏مَعَ المُناضِلِ

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 112 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
‏مَعَ المُناضِلِ

‏رأيته أول مرة في بيت الزعيم صالح، يرحمه الله. كان اللقاء مثقلًا بجدلٍ صامت حول هوية حفّاري النفق الذي امتد تحت منزله، ذلك النفق الذي صار حديث المجلس. سألت الزعيم يومها بجرأةٍ تفوق صمتي المعتاد: “من حفر النفق؟”

‏نظر إليّ صالح مليًا، نظرةً ليست كالنظرات. كأن عينيه تحملان العتاب والدهشة معًا، عتابٌ على السؤال، ودهشةٌ من جرأته. كانت لحظات ثقيلة، والصمت يزحف على المجلس، لم يكسرها سوى صوت نافورةٍ يتسرب من النافذة الزجاجية الواسعة. خلف النافذة كانت هناك حديقة بسيطة، كأنها جزءٌ من عالمٍ ماضٍ، صممها مهندس يجهل لغة التفاصيل.

‏في تلك اللحظة، كان “صغير بن عزيز” يجلس في مواجهة الزعيم، ظهره للنوافذ والنافورة، بثوبه القبلي الذي بدا وكأنه قطعةٌ من المكان نفسه. جامدٌ في حضوره، لكنه متوثب في كل ما يمس قضيته، خاصةً إذا كان الحديث عن الميليشيا الخوثية، التي خاض ضدها معارك لا تعرف الهدنة. كان صغيرٌ يشبه رجالاتٍ من زمنٍ قديم، رجالات الحزم الذين لا يعرفون التصالح مع الخيانة، ولا الانحناء للخصم.

‏عدت بنظري إلى الزعيم، كان بيننا ثلاثة متكئاتٍ وثلاثة وجوه: حسن اللوزي، أنا، وعلي حسن الشاطر. ثم جاء صوت صغير، كسر الصمت الطويل. أشار بيده اليمنى نحو الزعيم، جسده انحنى للأمام قليلًا، كأن الحركة نفسها تحمل ثقلًا من الإصرار، وقال بصوتٍ حازم: “إنهم الحوثيون.”

‏كررها مرتين أو ثلاثًا، ثم ختمها بقوله: “وهو يعلم ذلك.”

‏حينها، رأيت شيئًا أشبه بابتسامة ترتسم على شفتي الزعيم. لم تكن ابتسامةً كاملة، لكنها كادت تكون ضحكة. اهتزت كتفاه قليلًا، ويده تمسك عصا خيزران يحبها. وكأن تلك العصا تحمل أسرارًا لا يفشيها إلا في حضرةٍ كهذه.

‏من الجانب الأيمن، انفجر صوتٌ غاضب. الشيخ الجديد أمين عاطف تفوّه بشتيمة قاسية ضد الخوثيين، فاهتزّ لها المجلس. كان الزعيم، بأدبه المعتاد، يتأسف لهذه الألفاظ، يحاول أن يُخفّف من وطأتها دون أن يهين قائلها. غير أن أمين عاطف، بعد هذا الموقف، تراجع إلى زاوية المجلس كطفلٍ خجل من نظرات المعاتبين.

‏بعد ساعتين، عندما هبطنا إلى مقيل السليمانية، كان أمين يحاول التقرب من الزعيم. اقترب منه ومدّ يده قائلاً: “إدي لي قات.” أعطاه الزعيم بيدٍ ودودة، وفي عينيه نظرة محبةٍ تحمل شيئًا من السخرية الخفية. بدا وكأنه يستلطف جرأة هذا الشيخ العنيف، رغم فوضويتها.

‏تذكرت هذا المشهد وأنا أقلب صور هاتفي بمناسبة اقتراب ذكرى انتفاضة ديسمبر. وجدت صورةً تجمعني باللواء صغير بن عزيز، قبل أن يصبح فريقًا، ومعنا الشهم المهذب د. عبداللطيف هرمس، ، أحسست وكأنها صورة تعيدني إلى تلك اللحظات، حيث كان صغير بن عزيز صديقًا للجميع، قبل أن يبدأ في الإجابة عن سؤال النفق فيقود إلى قصصٍ لم تنتهِ، كأنما اختفى في “صحن الجن” وتركنا نبحث عنه في سراديب الذكريات.

‏وللحديث بقيّة.

‏⁧‫#سام الغباري

تعليقات الفيس بوك


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

السفير الأمريكي يزف بشرى سارة افرحت ملايين اليمنيين

نيوز لاين | 706 قراءة 

ظهور أخطر قائد عسكري جنوبي في المكلا

صوت العاصمة | 502 قراءة 

انتكاسة تلوح في الأفق: خبير يحذر من تداعيات وديعة المركزي

نيوز لاين | 443 قراءة 

تصعيد حوثي يستهدف آخر الحلفاء.. تحركات للتخلص من أبو رأس والسامعي في صنعاء

يني يمن | 419 قراءة 

انهيار عصبي يدخل قيادي حوثي في غيبوبة بعد انكشاف ثروته العقارية الفاخرة بصنعاء

يني يمن | 326 قراءة 

وزير سابق يتوعد بكشف ملفات فساد تطال قيادات عسكرية ووزراء وصرافين

نيوز لاين | 298 قراءة 

انهيار غير مسبوق للعملات الأجنبية أمام الريال اليمني اليوم السبت

مأرب برس | 275 قراءة 

خبير عسكري يدق ناقوس الخطر: صنعاء تواجه "سقوطًا أخلاقيًا" مروعًا!

نيوز لاين | 261 قراءة 

أسعار صرف العملات قبل قليل

كريتر سكاي | 235 قراءة 

قرار رسمي حاسم: إغلاق 13 منشأة بينها شركات صرافة كبرى

المرصد برس | 232 قراءة