‏مَعَ المُناضِلِ

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 106 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
‏مَعَ المُناضِلِ

‏رأيته أول مرة في بيت الزعيم صالح، يرحمه الله. كان اللقاء مثقلًا بجدلٍ صامت حول هوية حفّاري النفق الذي امتد تحت منزله، ذلك النفق الذي صار حديث المجلس. سألت الزعيم يومها بجرأةٍ تفوق صمتي المعتاد: “من حفر النفق؟”

‏نظر إليّ صالح مليًا، نظرةً ليست كالنظرات. كأن عينيه تحملان العتاب والدهشة معًا، عتابٌ على السؤال، ودهشةٌ من جرأته. كانت لحظات ثقيلة، والصمت يزحف على المجلس، لم يكسرها سوى صوت نافورةٍ يتسرب من النافذة الزجاجية الواسعة. خلف النافذة كانت هناك حديقة بسيطة، كأنها جزءٌ من عالمٍ ماضٍ، صممها مهندس يجهل لغة التفاصيل.

‏في تلك اللحظة، كان “صغير بن عزيز” يجلس في مواجهة الزعيم، ظهره للنوافذ والنافورة، بثوبه القبلي الذي بدا وكأنه قطعةٌ من المكان نفسه. جامدٌ في حضوره، لكنه متوثب في كل ما يمس قضيته، خاصةً إذا كان الحديث عن الميليشيا الخوثية، التي خاض ضدها معارك لا تعرف الهدنة. كان صغيرٌ يشبه رجالاتٍ من زمنٍ قديم، رجالات الحزم الذين لا يعرفون التصالح مع الخيانة، ولا الانحناء للخصم.

‏عدت بنظري إلى الزعيم، كان بيننا ثلاثة متكئاتٍ وثلاثة وجوه: حسن اللوزي، أنا، وعلي حسن الشاطر. ثم جاء صوت صغير، كسر الصمت الطويل. أشار بيده اليمنى نحو الزعيم، جسده انحنى للأمام قليلًا، كأن الحركة نفسها تحمل ثقلًا من الإصرار، وقال بصوتٍ حازم: “إنهم الحوثيون.”

‏كررها مرتين أو ثلاثًا، ثم ختمها بقوله: “وهو يعلم ذلك.”

‏حينها، رأيت شيئًا أشبه بابتسامة ترتسم على شفتي الزعيم. لم تكن ابتسامةً كاملة، لكنها كادت تكون ضحكة. اهتزت كتفاه قليلًا، ويده تمسك عصا خيزران يحبها. وكأن تلك العصا تحمل أسرارًا لا يفشيها إلا في حضرةٍ كهذه.

‏من الجانب الأيمن، انفجر صوتٌ غاضب. الشيخ الجديد أمين عاطف تفوّه بشتيمة قاسية ضد الخوثيين، فاهتزّ لها المجلس. كان الزعيم، بأدبه المعتاد، يتأسف لهذه الألفاظ، يحاول أن يُخفّف من وطأتها دون أن يهين قائلها. غير أن أمين عاطف، بعد هذا الموقف، تراجع إلى زاوية المجلس كطفلٍ خجل من نظرات المعاتبين.

‏بعد ساعتين، عندما هبطنا إلى مقيل السليمانية، كان أمين يحاول التقرب من الزعيم. اقترب منه ومدّ يده قائلاً: “إدي لي قات.” أعطاه الزعيم بيدٍ ودودة، وفي عينيه نظرة محبةٍ تحمل شيئًا من السخرية الخفية. بدا وكأنه يستلطف جرأة هذا الشيخ العنيف، رغم فوضويتها.

‏تذكرت هذا المشهد وأنا أقلب صور هاتفي بمناسبة اقتراب ذكرى انتفاضة ديسمبر. وجدت صورةً تجمعني باللواء صغير بن عزيز، قبل أن يصبح فريقًا، ومعنا الشهم المهذب د. عبداللطيف هرمس، ، أحسست وكأنها صورة تعيدني إلى تلك اللحظات، حيث كان صغير بن عزيز صديقًا للجميع، قبل أن يبدأ في الإجابة عن سؤال النفق فيقود إلى قصصٍ لم تنتهِ، كأنما اختفى في “صحن الجن” وتركنا نبحث عنه في سراديب الذكريات.

‏وللحديث بقيّة.

‏⁧‫#سام الغباري

تعليقات الفيس بوك


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل.. غارات إسرائيلية عنيفة على الحديدة

بوابتي | 845 قراءة 

رئيس مجلس القيادة الرئاسي يصدر قرارًا جديدًا يمس هيكلة الحكومة اليمنية

تهامة برس | 796 قراءة 

40 مليون يمني يقبلون رأس هذه السيدة الكويتية الشجاعة

المشهد اليمني | 714 قراءة 

غارات إسرائيلية عنيفة على منشآت حيوية في الحديدة بإستدعاء عبدالملك الحوثي

المنارة نت | 628 قراءة 

عاجل:تعرف على المناطق التي استهدفها الطيران قبل قليل

كريتر سكاي | 526 قراءة 

صدور قرار تعيين قيادي امني بمنصب هام

كريتر سكاي | 397 قراءة 

تصفيات داخلية تهز الجماعة: مصرع قائد الأمن المركزي الحوثي وسط اشتباكات قبلية دامية

نافذة اليمن | 382 قراءة 

بأوامر من عبدالملك الحوثي.. تفاصيل جديدة عن اغتيال معلم القرآن الشيخ صالح حنتوس داخل منزله

المشهد اليمني | 337 قراءة 

البنك المركزي بصنعاء يثبت أسعار الصرف عند هذه الحدود

يمن إيكو | 308 قراءة 

عاجل:اول صورة للقصف الذي حول ليل الحديدة الى نهار(مرعب)

كريتر سكاي | 307 قراءة