‏مَعَ المُناضِلِ

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 115 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
‏مَعَ المُناضِلِ

‏رأيته أول مرة في بيت الزعيم صالح، يرحمه الله. كان اللقاء مثقلًا بجدلٍ صامت حول هوية حفّاري النفق الذي امتد تحت منزله، ذلك النفق الذي صار حديث المجلس. سألت الزعيم يومها بجرأةٍ تفوق صمتي المعتاد: “من حفر النفق؟”

‏نظر إليّ صالح مليًا، نظرةً ليست كالنظرات. كأن عينيه تحملان العتاب والدهشة معًا، عتابٌ على السؤال، ودهشةٌ من جرأته. كانت لحظات ثقيلة، والصمت يزحف على المجلس، لم يكسرها سوى صوت نافورةٍ يتسرب من النافذة الزجاجية الواسعة. خلف النافذة كانت هناك حديقة بسيطة، كأنها جزءٌ من عالمٍ ماضٍ، صممها مهندس يجهل لغة التفاصيل.

‏في تلك اللحظة، كان “صغير بن عزيز” يجلس في مواجهة الزعيم، ظهره للنوافذ والنافورة، بثوبه القبلي الذي بدا وكأنه قطعةٌ من المكان نفسه. جامدٌ في حضوره، لكنه متوثب في كل ما يمس قضيته، خاصةً إذا كان الحديث عن الميليشيا الخوثية، التي خاض ضدها معارك لا تعرف الهدنة. كان صغيرٌ يشبه رجالاتٍ من زمنٍ قديم، رجالات الحزم الذين لا يعرفون التصالح مع الخيانة، ولا الانحناء للخصم.

‏عدت بنظري إلى الزعيم، كان بيننا ثلاثة متكئاتٍ وثلاثة وجوه: حسن اللوزي، أنا، وعلي حسن الشاطر. ثم جاء صوت صغير، كسر الصمت الطويل. أشار بيده اليمنى نحو الزعيم، جسده انحنى للأمام قليلًا، كأن الحركة نفسها تحمل ثقلًا من الإصرار، وقال بصوتٍ حازم: “إنهم الحوثيون.”

‏كررها مرتين أو ثلاثًا، ثم ختمها بقوله: “وهو يعلم ذلك.”

‏حينها، رأيت شيئًا أشبه بابتسامة ترتسم على شفتي الزعيم. لم تكن ابتسامةً كاملة، لكنها كادت تكون ضحكة. اهتزت كتفاه قليلًا، ويده تمسك عصا خيزران يحبها. وكأن تلك العصا تحمل أسرارًا لا يفشيها إلا في حضرةٍ كهذه.

‏من الجانب الأيمن، انفجر صوتٌ غاضب. الشيخ الجديد أمين عاطف تفوّه بشتيمة قاسية ضد الخوثيين، فاهتزّ لها المجلس. كان الزعيم، بأدبه المعتاد، يتأسف لهذه الألفاظ، يحاول أن يُخفّف من وطأتها دون أن يهين قائلها. غير أن أمين عاطف، بعد هذا الموقف، تراجع إلى زاوية المجلس كطفلٍ خجل من نظرات المعاتبين.

‏بعد ساعتين، عندما هبطنا إلى مقيل السليمانية، كان أمين يحاول التقرب من الزعيم. اقترب منه ومدّ يده قائلاً: “إدي لي قات.” أعطاه الزعيم بيدٍ ودودة، وفي عينيه نظرة محبةٍ تحمل شيئًا من السخرية الخفية. بدا وكأنه يستلطف جرأة هذا الشيخ العنيف، رغم فوضويتها.

‏تذكرت هذا المشهد وأنا أقلب صور هاتفي بمناسبة اقتراب ذكرى انتفاضة ديسمبر. وجدت صورةً تجمعني باللواء صغير بن عزيز، قبل أن يصبح فريقًا، ومعنا الشهم المهذب د. عبداللطيف هرمس، ، أحسست وكأنها صورة تعيدني إلى تلك اللحظات، حيث كان صغير بن عزيز صديقًا للجميع، قبل أن يبدأ في الإجابة عن سؤال النفق فيقود إلى قصصٍ لم تنتهِ، كأنما اختفى في “صحن الجن” وتركنا نبحث عنه في سراديب الذكريات.

‏وللحديث بقيّة.

‏⁧‫#سام الغباري

تعليقات الفيس بوك


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الحكومة تدعو كافة اليمنيين في الداخل والخارج لهذا الامر الليلة

كريتر سكاي | 881 قراءة 

فضيحة جديدة.. الأمم المتحدة تكافئ الحوثيين بإجلاء جرحاهم للعلاج في الخارج

تهامة 24 | 771 قراءة 

اعتراف خطير.. قيادي حوثي يكشف تسليم بيانات اليمنيين لإيران تحت غطاء "إحصاء شامل"

حشد نت | 686 قراءة 

بنك الكريمي يتحدى قرار البنك المركزي ويستأنف المضاربة بالعملة الوطنية.. صورة

نافذة اليمن | 679 قراءة 

أول كذبة في أول ظهور له.. رئيس وزراء الحوثيين الجديد يثير موجة سخرية بعد زعمه أنه نجا من الغارة الإسرائيلية التي قتلت سلفه

يني يمن | 667 قراءة 

انخفاض غير مسبوق في سعر الريال السعودي مقابل اليمني.. هل بدأ التعافي

المرصد برس | 638 قراءة 

تغيب باتصال وظهر متباهياً: ”الوزراء أخبروني برضاهم قبل موتهم”.. السلالي الحوثي ”مفتاح” يروي طريقة نجاته العجيبة!

المشهد اليمني | 593 قراءة 

الريال اليمني يعود إلى الوراء.. مؤشرات على غياب الرؤية في إدارة الملف النقدي

بيس هورايزونس | 578 قراءة 

عقب التحسن المفاجئ.. إليكم أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الإثنين

المشهد اليمني | 576 قراءة 

الكشف رسميًا عن هوية قتلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت حكومة صنعاء.. 12 مسؤولاً بينهم 9 وزراء (الأسماء)

مأرب برس | 574 قراءة