كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 151 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

قبل 2 دقيقة

إن مهمة السفير جد صعبة، وليست كما يتصور البعض أنها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات أو حضور مناسبات والتمتع بمزايا وتسهيلات عدة. السفارة من أعقد وأصعب الوظائف؛ لأنها ترتبط بمهمة الدبلوماسية، التمثيل، والتفاوض نيابة عن البلد

.

كان لي صديقًا سفيرًا مميزًا ومؤهلًا تأهيلًا علميًا عاليًا، فهو تحصَّل على الماجستير من جامعة هرفارد والدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة كامبردج، وامتلك رصيدًا من الخبرة والممارسة، ليس اقلها أنه اُعتمد سفيرًا لبلده في كندا. ومع ذلك فشل في مهمته، وعندما سالته يومًا عن السبب، أجابني: "لقد كنت سفيرًا ناجحا وخذلني الصبر".

نعم، مع توفر متطلبات التأهيل واللغة الأجنبية والممارسة، على السفير أن يتحلى بالصبر ورباطة الجأش في المواقف المختلفة. يذكر أحد سفراء السودان الذي ذهب لتقديم أوراق اعتماده إلى امبراطور اثيوبيا هيلا سيلاسي في القصر الامبراطوري، واستقبلني مدير التشريفات وأجلسني في بهو الانتظار ثم انسحب، وفي هذه الأثناء كنت وحيدًا، وإذ بدخول أسد كبير الحجم إلى البهو، وأخذ يقترب مني شيئا ثم شيئا، وانا تسمرت في مقعدي، ونشف دمي، وبدات بقراءة الشهادة، فماذا عساني أن افعل في هذا الموقف المفاجئ؟، هل أصرخ وعلى بعد أمتار ينتظرني الامبراطور؟. حين عاد مدير التشريفات ونهر الأسد المدرب يبدو جيدًا، وخرج فطلبت قدحًا من الماء ثم أُدخلت على الامبراطور لتسليم أوراق اعتمادي، وكان مبتسمًا، ويبدو أنها كانت لعبته المفضلة، ويرى المشهد عبر زجاج مظلل، فهمس لي:"كنت شجاعًا وصبورًا سعادة السفير".

يقول الراحل الشيخ جميل الحجيلان السفير السعودي السابق لدى فرنسا: "إذا اتقنت فن الحوار فأنت اجتزت ثلثي النجاح في السفارة". مؤكد أن فن الحوار ومتى تتكلم، ومتى تنصت مهارة أيضًا.. 

ويقول استاذنا في جامعة بنسلفانيا برفسور تيري رامسي: "على الدبلوماسي الناجح ان يتكلم كثيرًا ولا يقول إلا القليل"..

صحيح هذا؛ لأن كلمات السفير تسمع وتدقق وتحلل من طرف مسؤولي الدولة المستضيفة، 

والسفير لأنه يمثل رئيس الدولة بصفته فإنه على تماس مباشر مع وزارة خارجيته يتلقى منها التعليمات وأحيانًا تاتيه تعليمات مباشرة وفورية من الملك أججطو الرئيس، خصوصًا في تطورات عاجلة وطارئة.

ذكر لي السفير العراقي السابق لدى تركيا طه الجبوري بأنه خلال الحرب العراقية الايرانية وبينما كان رئيس وزراء تركيا آنذاك توركوت اوزال يقوم بزيارة إلى طهران وهو موقف استفز العراق ولكن بعيد منتصف الليل رن هاتف منزلي طويلًا فاستيقظت لعله أمرًا هامًا، واذ بوكيل الخارجية التركية يقول لي بحزم: "سعادة السفير ارتدِ ملابسك فورًا، وتعال للخارجية الآن، السيد الوزير هنا ينتظرك لأمر خطير"..

ذهبت، واذ بالوزير يخاطبني بتوتر: "سعادة السفير، إن السيد رئيس الوزراء توركوت اوزال حياته في خطر داهم لأن الصواريخ العراقية تنهال على طهران وبالقرب من فندق اوزال حتى تهشم زجاج غرفة نومه" ،

يرجوني باسم الحكومة التركية والصداقة أن اتصل الآن بالرئيس صدام حسين هاتفي.ًا وإبلاغه الطلب..

يضيف الجبوري، إنها ليست مسألة سهلة في توقيت غير مناسب، وأين أجد الرئيس صدام؟، فتناولت الهاتف واتصلت على القصر الجمهوري لأخبر المرافق الخافر بالأمر، والالحاح عليه أن يصلني بالسيد الرئيس، أو ينقل له الطلب المستعجل. وبعد ربع ساعة جاء الاتصال من بغداد وافق الرئيس على وقف إطلاق الصواريخ لمدة ثلاث ساعات لكي يغادر اوزال طهران.  حمدت الله وشكرته على تجاوز ذلك الموقف الصعب.

عادة تختار الدول سفراءها وفقًا لتقاليد معينة، مدى قرب السفير المرشح من ثقافة البلد المبعوث إليه من ناحية التاريخ والثقافة والاهتمام، وليس له أشكال أو موقف سلبي من ذلك البلد.

ولكن الطريف في اختيار السفراء ما كان يطلبه العقيد الليبي الراحل معمر القذافي من مواصفات، حيث ذكر عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي الأسبق أن العقيد طلب مني ترشيح سفير إلى السودان يكون اسمه عمر البشير لعل الاسم يلامس وترًا عاطفيًا لدى الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير. 

وكذلك طلب مني ترشيح سفيرًا إلى موريتانيا يكون اسمه  معاوية يشبه اسم رئيس موريتانيا الاسبق معاوية ولد الطايع، ويضيف شلقم، إن مثل اسم معاوية نادر في ليبيا إلى أن وجدنا أحدا يحمل الاسم في جنوب ليبيا يعمل مدرس ثانوية وارسلناه سفيرا الى نواكشوط، ولكن للاسف، الأول فشل في مهمته ولم يقابل البشير الا مرة واحدة عند تقديم اوراق اعتماده، اما الثاني فترك نواكشوط بعد عام واستقال.

السفير وظيفة غاية في التعقيد والمهام؛ لأن أي تقصير أو خطأ يحسب على دولته وليس شخصه رغم كل المزايا والحصانات والظروف.

الاختيار الناجح هو الوسيلة الأسلم لنجاح السفير في تحقيق هدف التكليف له. الكفاءة والتأهيل والممارسة والمهارات كلها عتاصر النجاح.

* كاتب واكاديمي من العراق


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تفاصيل مثيرة: كيف تم اختراق هاتف “أبو حيدر” ومن يقف وراء العملية؟

المرصد برس | 541 قراءة 

فزعة سودانية.. قصة الممرضة السودانية رانيا في تبوك تثير التضامن وتجمع 802 ألف ريال في نصف يوم

تهامة برس | 373 قراءة 

استعدادا لحرب شاملة مع الحوثيين.. مناورات إسرائيلية واسعة في البحر الاحمر ومصر تستنفر قواتها البحرية

العين الثالثة | 352 قراءة 

شاب يمني يسقط في أوكرانيا... في صفوف الجيش الروسي!الاسم والصورة

نيوز لاين | 317 قراءة 

تفاصيل جريمة مروعة.. داعية وعلامة يمني يُقتل على يد نجله في صنعاء

المشهد اليمني | 277 قراءة 

تحذير عاجل: صنعاء تدخل مرحلة الطوارئ القصوى وسط تطورات مقلقة

المرصد برس | 264 قراءة 

(نقطة اللاعودة).. تحذير صادم من خبير اقتصادي: الأيام القادمة ستحسم مصير الصرافين!

موقع الأول | 227 قراءة 

مصدر موثوق ينبه المواطنين: تجنبوا التعامل مع هذه البنوك

المرصد برس | 226 قراءة 

”ضيافة” تتحول إلى اعتقال .. قصة احتجاز وجاهة قبلية كبيرة في صعدة

المشهد اليمني | 225 قراءة 

لأول مرة .. إنخفاض تاريخي في سعر هذه الفاكهة

كريتر سكاي | 222 قراءة