كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 141 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

كنت سفيرًا ناجحًا وخذلني الصبر

قبل 2 دقيقة

إن مهمة السفير جد صعبة، وليست كما يتصور البعض أنها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات أو حضور مناسبات والتمتع بمزايا وتسهيلات عدة. السفارة من أعقد وأصعب الوظائف؛ لأنها ترتبط بمهمة الدبلوماسية، التمثيل، والتفاوض نيابة عن البلد

.

كان لي صديقًا سفيرًا مميزًا ومؤهلًا تأهيلًا علميًا عاليًا، فهو تحصَّل على الماجستير من جامعة هرفارد والدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة كامبردج، وامتلك رصيدًا من الخبرة والممارسة، ليس اقلها أنه اُعتمد سفيرًا لبلده في كندا. ومع ذلك فشل في مهمته، وعندما سالته يومًا عن السبب، أجابني: "لقد كنت سفيرًا ناجحا وخذلني الصبر".

نعم، مع توفر متطلبات التأهيل واللغة الأجنبية والممارسة، على السفير أن يتحلى بالصبر ورباطة الجأش في المواقف المختلفة. يذكر أحد سفراء السودان الذي ذهب لتقديم أوراق اعتماده إلى امبراطور اثيوبيا هيلا سيلاسي في القصر الامبراطوري، واستقبلني مدير التشريفات وأجلسني في بهو الانتظار ثم انسحب، وفي هذه الأثناء كنت وحيدًا، وإذ بدخول أسد كبير الحجم إلى البهو، وأخذ يقترب مني شيئا ثم شيئا، وانا تسمرت في مقعدي، ونشف دمي، وبدات بقراءة الشهادة، فماذا عساني أن افعل في هذا الموقف المفاجئ؟، هل أصرخ وعلى بعد أمتار ينتظرني الامبراطور؟. حين عاد مدير التشريفات ونهر الأسد المدرب يبدو جيدًا، وخرج فطلبت قدحًا من الماء ثم أُدخلت على الامبراطور لتسليم أوراق اعتمادي، وكان مبتسمًا، ويبدو أنها كانت لعبته المفضلة، ويرى المشهد عبر زجاج مظلل، فهمس لي:"كنت شجاعًا وصبورًا سعادة السفير".

يقول الراحل الشيخ جميل الحجيلان السفير السعودي السابق لدى فرنسا: "إذا اتقنت فن الحوار فأنت اجتزت ثلثي النجاح في السفارة". مؤكد أن فن الحوار ومتى تتكلم، ومتى تنصت مهارة أيضًا.. 

ويقول استاذنا في جامعة بنسلفانيا برفسور تيري رامسي: "على الدبلوماسي الناجح ان يتكلم كثيرًا ولا يقول إلا القليل"..

صحيح هذا؛ لأن كلمات السفير تسمع وتدقق وتحلل من طرف مسؤولي الدولة المستضيفة، 

والسفير لأنه يمثل رئيس الدولة بصفته فإنه على تماس مباشر مع وزارة خارجيته يتلقى منها التعليمات وأحيانًا تاتيه تعليمات مباشرة وفورية من الملك أججطو الرئيس، خصوصًا في تطورات عاجلة وطارئة.

ذكر لي السفير العراقي السابق لدى تركيا طه الجبوري بأنه خلال الحرب العراقية الايرانية وبينما كان رئيس وزراء تركيا آنذاك توركوت اوزال يقوم بزيارة إلى طهران وهو موقف استفز العراق ولكن بعيد منتصف الليل رن هاتف منزلي طويلًا فاستيقظت لعله أمرًا هامًا، واذ بوكيل الخارجية التركية يقول لي بحزم: "سعادة السفير ارتدِ ملابسك فورًا، وتعال للخارجية الآن، السيد الوزير هنا ينتظرك لأمر خطير"..

ذهبت، واذ بالوزير يخاطبني بتوتر: "سعادة السفير، إن السيد رئيس الوزراء توركوت اوزال حياته في خطر داهم لأن الصواريخ العراقية تنهال على طهران وبالقرب من فندق اوزال حتى تهشم زجاج غرفة نومه" ،

يرجوني باسم الحكومة التركية والصداقة أن اتصل الآن بالرئيس صدام حسين هاتفي.ًا وإبلاغه الطلب..

يضيف الجبوري، إنها ليست مسألة سهلة في توقيت غير مناسب، وأين أجد الرئيس صدام؟، فتناولت الهاتف واتصلت على القصر الجمهوري لأخبر المرافق الخافر بالأمر، والالحاح عليه أن يصلني بالسيد الرئيس، أو ينقل له الطلب المستعجل. وبعد ربع ساعة جاء الاتصال من بغداد وافق الرئيس على وقف إطلاق الصواريخ لمدة ثلاث ساعات لكي يغادر اوزال طهران.  حمدت الله وشكرته على تجاوز ذلك الموقف الصعب.

عادة تختار الدول سفراءها وفقًا لتقاليد معينة، مدى قرب السفير المرشح من ثقافة البلد المبعوث إليه من ناحية التاريخ والثقافة والاهتمام، وليس له أشكال أو موقف سلبي من ذلك البلد.

ولكن الطريف في اختيار السفراء ما كان يطلبه العقيد الليبي الراحل معمر القذافي من مواصفات، حيث ذكر عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي الأسبق أن العقيد طلب مني ترشيح سفير إلى السودان يكون اسمه عمر البشير لعل الاسم يلامس وترًا عاطفيًا لدى الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير. 

وكذلك طلب مني ترشيح سفيرًا إلى موريتانيا يكون اسمه  معاوية يشبه اسم رئيس موريتانيا الاسبق معاوية ولد الطايع، ويضيف شلقم، إن مثل اسم معاوية نادر في ليبيا إلى أن وجدنا أحدا يحمل الاسم في جنوب ليبيا يعمل مدرس ثانوية وارسلناه سفيرا الى نواكشوط، ولكن للاسف، الأول فشل في مهمته ولم يقابل البشير الا مرة واحدة عند تقديم اوراق اعتماده، اما الثاني فترك نواكشوط بعد عام واستقال.

السفير وظيفة غاية في التعقيد والمهام؛ لأن أي تقصير أو خطأ يحسب على دولته وليس شخصه رغم كل المزايا والحصانات والظروف.

الاختيار الناجح هو الوسيلة الأسلم لنجاح السفير في تحقيق هدف التكليف له. الكفاءة والتأهيل والممارسة والمهارات كلها عتاصر النجاح.

* كاتب واكاديمي من العراق


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تحولات مرتقبة في الملف اليمني ومفاجآت..

جهينة يمن | 835 قراءة 

الريال اليمني يتجه للهاوية صباح البوم 21 يونيو 2025

عدن تايم | 345 قراءة 

شاهد قيادي حوثي يظهر مع جاسوسة إسرائيلية في طهران”الباقي مشفّر”

جهينة يمن | 309 قراءة 

تقديم دعم مالي كبير لليمن من هذه الجهة

كريتر سكاي | 266 قراءة 

اثار استغراب المواطنين.. دجاج بلون أسود بأحدى المحلات التجارية في عدن

يمن فويس | 253 قراءة 

صيد حوثي ثمين في قبضة قوات الشرعية بمارب

المشهد اليمني | 247 قراءة 

مفاجأة غير متوقعة من أمريكا وتصريح لوزير سعودي يشعل المواقع

نيوز لاين | 246 قراءة 

الولايات المتحدة تستهدف الحوثيين بأكبر حزمة عقوبات طالت 15 شركة وكياناً وقيادياً ورجل أعمال (أسماء)

جهينة يمن | 245 قراءة 

سقوط "جلاد أبو هاشم".. أمن مأرب يعتقل عنصراً حوثياً بارزاً متورطاً في انتهاكات بحق المسافرين

يني يمن | 212 قراءة 

الريال اليمني ينهار أمام العملات الأجنبية ويصل إلى هذا الحد

المشهد اليمني | 200 قراءة