سبتمبر نت/ تقرير- عبدالقادر المشهوري – ياسر النبهي
تواصل مليشيا الحوثي استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر بهجمات متكررة، رغم أساطيل التحالف الدولي بقيادة الولايات الامريكية المتواجدة على طول البحر الاحمر، ما يزيد من تفاقم التوترات في المنطقة والإقليم، هذه العمليات لا تؤثر فقط على الأمن البحري، بل تمتد لتشمل جوانب متعددة من الاقتصاد اليمني، بما في ذلك الأمن الغذائي وزيادة معدلات الفقر.
خلفية الهجمات
سبقت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر كجزء من استراتيجية ايران العسكرية في المنطقة حرب غزة ولبنان مع العدو الصهيوني حيث جعلت ايران من اذرعها في المنطقة وخصوصا مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن القريبة من البحر الاحمر اداة لتنفيذ هذه الاستراتيجية، جزء منها لزعزعة امن المنطقة، والجزء الاخر توسيع للحرب في اليمن، وإنقاذ مليشياتها من التزامات السلام ومبادرة خريطة السلام التي كانت تعمل عليها عددا من الدول إلى جانب الأمم المتحدة.
وتمثل هذه الهجمات محاولة لإظهار القوة والقدرة على التأثير في حركة التجارة العالمية من قبل ايران وذراعها الحوثي في اليمن، كون البحر الأحمر يشكل ممراً حيوياً للملاحة والتجارة العالمية، حيث يمر من خلاله حوالي 12% من حركة التجارة العالمية، مما يجعل هذه الهجمات لها تأثيرات واسعة على المستوى الإقليمي والدولي.
الأثر على الاقتصاد
تعتمد اليمن بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والوقود، واستهداف مليشيا الحوثي للسفن يزيد من تكاليف النقل ويعرض الشحنات للتأخير، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق المحلية، ومع تدهور الوضع الاقتصادي، أصبح العديد من اليمنيين غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية.
حيث حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من استمرار مليشيا الحوثي في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية، وشددوا على أن هذه الهجمات ضاعفت من معاناة اليمنيين الذين يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. فاحتياج أكثر من 18 مليون يمني إلى المساعدات بحسب الأمم المتحدة وشركائها الذين حذروا من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، خاصة في ظل توقف برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الدولية تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني إثر المضايقات والاعتقالات لموظفي الأمم المتحدة ونهب مكاتبها من قبل مليشيا الحوثي، ومنعت مليشيا الحوثي منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من ممارسة نشاطها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقديم مساعداتها وخدماتها لليمنيين مما أدى ذلك إلى تفشي الأمراض المزمنة نتيجة عدم توافر مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي والخدمات الطبية، وتدهور نظام الأمن الغذائي مع انخفاض المساعدات الغذائية بسبب الهجمات الحوثية.
واعتبر المحلل الاقتصادي سالم الحيدري، أن الممارسات الحوثية لها تداعيات خطيرة على المستوى اليومي لحياة اليمنيين، وأن عسكرة البحر الأحمر ومضيق باب المندب ترفع من تكاليف الحياة العامة وارتفاع أسعار السلع التي تضررت سلاسل توريدها بسبب المخاطر على النقل البحري وارتفاع كلفة النقل والتأمين.
وأوضح الحيدري أن الكثير من شركات النقل عزفت عن الدخول إلى المياه الإقليمية وهو ما يعني البحث عن بدائل لوصول السلع وهذا يضيف تكاليف تؤثر على الأسعار ويشكل ضربة لاقتصادات وتكاليف المعيشة للشعب اليمني وعجزه عن توفير المتطلبات الضرورية للحياة.
من جانبه، قال الناشط السياسي محمود علي إن جماعة الحوثي لا يعنيها معاناة اليمنيين، وكيف سيكون الوضع الإنساني، لكنها فقط تنفذ أجندة محددة لقوى خارجية بهدف السيطرة على المنطقة، وتلك الممارسات تزيد من معاناة اليمنيين نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفقر والمعاناة من خلال عدم توفر الوقود والغذاء.
المحلل الاقتصادي أ. ناصر الجبري يوكد ان الأمن الغذائي في اليمن في وضع هش، وأي تعطيل في إمدادات المواد الغذائية يمكن أن يؤدي إلى كارثة إنسانية. الهجمات مليشيا الحوثي الإرهابية تعكس استراتيجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار، تضرب العمود الفقري للاقتصاد اليمني، لذا يجب على المجتمع الدولي التحرك لوقف هذه الهجمات من خلال إجراءات دبلوماسية فعالة.
من ناحيته أ. فهد السعدي يرى ان الهجمات الحوثية لا تضر فقط بالاقتصاد، بل تعزز من عدم الاستقرار الاجتماعي. عندما ترتفع الأسعار، ينشأ الإحباط بين المواطنين، مما قد يؤدي إلى احتجاجات أو حتى تفاقم النزاعات المحلية. هناك حاجة ملحة لمعالجة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بشكل متوازن.
أما د. سامي النعماني يعتبر التجارة البحرية حيوية لاقتصاديات المنطقة، والهجمات على السفن تؤثر على جميع الدول التي تعتمد على البحر الأحمر كممر تجاري. يمكن أن تؤدي هذه الهجمات إلى انزلاق اليمن إلى أزمات اقتصادية أعمق، مما يستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عاجلة لحماية الملاحة وضمان الأمن الغذائي.
غذاء منعدم وزيادة فقر
مع تصاعد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، زادت معدلات الفقر بشكل كبير. فالعديد من الأسر فقدت مصادر دخلها بسبب الحرب المستمرة منذ عشر سنوات نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي مما فاقم أزمات متتالية اهمها ارتفاع الأسعار ونقص الإعمال وانهيار العملة مما عمق من مستوى الفقر وتفشي المعاناة الانسانية.
فتقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن ملايين اليمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن استمرار هجمات الحوثيين قد يؤدي إلى تفاقم الوضع أكثر. وحذرت منظمات إغاثية عاملة في اليمن من أن ارتفاع تكاليف الشحن وتأخر عمليات التسليم جراء التصعيد في البحر الأحمر، يهدد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من نصف سكان البلاد إلى المساعدات.
وتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يتدهور وضع الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة، وأن اليمن الذي يعاني من تبعات الحرب، يعتمد على الواردات في 90% من احتياجاته الغذائية.
فبحسب عادل، تاجر مواد غذائية الذي قال ان الهجمات على السفن التجارية تسببت في ارتفاع الأسعار بشكل كبير وأصبح من الصعب تأمين المواد الأساسية، مما يؤثر على قدرتنا في تلبية احتياجات الأسر، هذا الوضع ينذر بالخطر، خصوصًا مع انعدام الأمن الغذائي.
ليلى، ربة منزل: تقول أعيش مع عائلتي في حالة من القلق. أسعار الطعام ترتفع يوميًا، وأحيانًا نضطر للعيش على الخبز فقط. لا أستطيع تحمل المزيد من الزيادات في الأسعار، فنحن نحتاج إلى الدعم.
من جهته سامي، موظف حكومي: الاقتصاد اليمني في وضع سيء. الحرب تسببت في فقدان الكثير من فرص العمل، والآن مع استهداف السفن، يبدو أن الأمل في تحسين الوضع قد تلاشى. الفقر يزداد يومًا بعد يوم.
هدى طالبة جامعية: عبرت بقولها : إن هذه الهجمات تؤثر على كل جوانب حياتنا. لقد تأثرت عائلتي بشكل مباشر، إذ فقد والدي عمله بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. نحتاج إلى استقرار للوصول إلى التعليم وخلق مستقبل أفضل.
عبد الله، صياد: الصيد هو مصدر رزقنا، لكنني أشعر بالقلق من الوضع البحري. الهجمات تزيد من المخاطر، وقد نواجه صعوبة في الحصول على الغذاء أيضًا. الفقر يزداد، ونحتاج إلى حلول سريعة.
تداعيات أمنية واجتماعية
تشكل هجمات الحوثيين تهديداً للأمن الإقليمي، حيث تؤدي إلى تصعيد التوترات مع الدول المجاورة وخصوصا السعودية ومصر، كون الاخيرة اثرت الهجمات البحرية على اهم مواردها القومية ـ قناة السويس ـ فاخر تصريحات مصرية تقول ان مصر خسرت قرابة ال6 مليار دولار خلال عام من ايرادات قناة السويس بسبب عزوف السفن الابحار عبر البحر الاحمر .
هذا التصعيد قد يقود إلى تدخلات عسكرية أو تحالفات جديدة، مما يعقد الأزمة او يزيد من الضغوط على الشعب اليمني.
اجتماعياً، تؤدي هذه الهجمات إلى زيادة الاستياء في صفوف السكان الذين يعانون من تداعيات النزاع المستمر. فارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية يساهمان في زيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يؤدي إلى تفشي الإحباط وفقدان الأمل في المستقبل.
الأونكتاد تحذر
حذرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقرير حديث من أن الاضطرابات في البحر الأحمر، الناتجة عن هجمات الحوثيين، ستؤثر سلبًا على الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي في الدول النامية.
وأوضح التقرير أن الاضطرابات في طرق الشحن الرئيسية، بما في ذلك قناة السويس، أدت إلى ارتفاع كبير في تكاليف الشحن، مما خلق “عاصفة مثالية” من الضغوط الاقتصادية؛ وتزايدت أسعار الشحن العالمية في النصف الأول من عام 2024، مما أثر على التجارة الدولية.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع تكاليف الشحن ساهم في زيادة الأسعار العالمية، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك بنسبة 0.6% بحلول عام 2025؛ ومن المتوقع أن تتعرض الدول الجزرية الصغيرة النامية لزيادة أكبر تصل إلى 0.9%.
وحذر التقرير أيضًا من أن ارتفاع أسعار الشحن سيؤثر بشكل خاص على أسعار الأغذية المصنعة، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والأمن الغذائي في هذه الدول؛ وقد شهدت الدول الجزرية الصغيرة انخفاضًا في الاتصال البحري بنسبة 9% على مدى العقد الماضي.
ودعت الأونكتاد إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لهذه التحديات، بما في ذلك مراقبة اتجاهات سوق الشحن وتقديم الدعم للاقتصادات الضعيفة؛ كما اقترحت تعزيز التعاون الدولي لتقليل الاضطرابات في نقاط الاختناق.
في الوقت نفسه، تسعى المنظمة إلى دعم حلول الشحن والموانئ منخفضة الكربون، مما يساعد على تحسين الكفاءة وتقليل الآثار البيئية.
خاتمة
تعد هجمات المليشيا الحوثية على السفن جريمة حرب، تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن خصوصا، فمن واجب المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حازمة لوقف هذه الهجمات، وتقديم الدعم اللازم للشعب اليمني والجيش الوطني وتقديم الدعم الكامل للحكومة الشرعية في اليمن، وتمكينها من استعادة الأمن والاستقرار في كامل التراب اليمني والتغلب على هذا السرطان الايراني الحوثي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news