بقلم | صدام اللحجي :
منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، تثار العديد من التساؤلات حول سياساته واختياراته للأشخاص الذين يقودون المرحلة الحالية في الجنوب، ولا سيما في لحج. إحدى هذه التساؤلات المهمة التي تتردد كثيرًا في الشارع الجنوبي هي: لماذا تم تهميش العديد من الكوادر الثورية الذين قدموا تضحيات جسيمة على مدى سنوات من النضال في سبيل القضية الجنوبية، وتم استبدالهم بأشخاص لا يمتلكون نفس الإرث النضالي أو الخبرة الثورية، بل لم يعرف عنهم المشاركة في الساحات أو المعارك؟
لحج، التي كانت واحدة من بؤر المقاومة الجنوبية التاريخية، أنجبت أجيالًا من المناضلين الذين وقفوا في وجه الاستعمار والمظالم لعقود طويلة. هؤلاء الأبطال الثوريون كانوا دائمًا في الصفوف الأمامية، يحملون راية التحرر، ويخاطرون بحياتهم في سبيل تحقيق حلم الجنوبيين بدولة مستقلة. ومع تأسيس المجلس الانتقالي، كان من المتوقع أن تلعب هذه الكوادر دورًا محوريًا في قيادة المرحلة الجديدة، نظرًا لتجاربهم وتضحياتهم الطويلة. ولكن ما حدث هو العكس تمامًا.
منذ البداية، ظهرت شكاوى من تهميش العديد من هذه الشخصيات التاريخية، وإقصائهم من مواقع صنع القرار. المجلس الانتقالي اتجه إلى تقديم أسماء جديدة، بعضها غير معروف ولم يكن له دور ملحوظ في نضال الجنوب. هذا التوجه أثار استياءًا واسعًا بين الأوساط الشعبية والسياسية في لحج، حيث بات يُنظر إلى هذا الأمر على أنه تجاهل لجهود المناضلين الحقيقيين، وتفريط في حقهم بالاعتراف والتمثيل في المرحلة الجديدة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تم استبعاد هؤلاء المناضلين، الذين عرفوا السجون والمواجهات في الشوارع؟ وهل يملك المجلس الانتقالي تفسيرًا واضحًا لهذا التهميش؟ البعض يعتقد أن هذه الخطوة قد تكون نتيجة لمواقف سياسية أو انتماءات حزبية، بينما يرى آخرون أنها تأتي في إطار محاولات لإحداث تغييرات جديدة بعيدة عن "الحرس القديم".
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الأثر السلبي لهذا التوجه على الوحدة الجنوبية. فبدلاً من تعزيز الصفوف بمشاركة كل الأطياف والقوى التي قاتلت تحت راية الجنوب، نجد أن هناك حالة من الاستياء والانقسام بدأت تظهر بين القيادات القاعدية وبين قيادة المجلس الانتقالي. المناضلون الذين عاشوا كل مراحل الثورة الجنوبية يشعرون اليوم بأن تضحياتهم قد تم التغاضي عنها، وبأنهم أصبحوا مجرد ذكريات، بينما جاء آخرون لم يكن لهم أي دور ملموس.
على المجلس الانتقالي أن يعيد النظر في هذه السياسات، وأن يعمل على احتواء كل الكوادر الثورية، الذين ساهموا بجهودهم ونضالهم في تحقيق التقدم الذي يشهده الجنوب اليوم. استبعادهم ليس فقط ظلمًا لهم، بل هو إضعاف للقضية الجنوبية، لأن الشرعية الشعبية والاعتراف بالتضحيات هما أساس أي مشروع وطني ناجح.
لدي أمل بإن يتم تصحيح هذه الأوضاع، وأن يعاد الاعتبار للمناضلين الحقيقيين الذين صالوا وجالوا في ساحات الجنوب، فهم من يستحقون أن يكونوا في المقدمة، يقودون الجنوب نحو مستقبل أفضل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news