مشاهدات
في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي أحد التجمعات الانتخابية بولاية بنسلفانيا الأميركية، ضم المسرح رجلين لم يكن من المتوقع أن يظهرا بصحبة بعضهما بعضا بكل هذا الحماس. دونالد ترامب، الرئيس المنتخب العائد إلى البيت الأبيض مجددا مطلع العام المقبل، وإيلون ماسك إمبراطور التكنولوجيا وأغنى رجل في العالم.
ارتدى ماسك في ذلك اليوم قميصا يحمل شعار "احتلوا المريخ"، مع قبعة سوداء تحمل شعار "ماغا" (MAGA)، وهو اختصار لعبارة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، الترنيمة الأيقونية لحملة ترامب الانتخابية.
وأمام الجماهير، هتف إيلون ماسك على طريقة الأبطال الخارقين قائلا: "أنا لست (ماغا).. أنا ماغا الظلام" مقتبسا أحد "الميمات" الأيقونية لأنصار ترامب من أقصى اليمين. لسنوات، أحب إيلون ماسك أن يرى نفسه بطلا خارقا قادما من عوالم مارفل السينمائية، يشبه الرجل الحديدي (Iron Man) توني ستارك، الذي سينقذ البشرية من أعظم التهديدات التي تواجهها.
لعله لذلك ارتدى ملابس الأبطال الخارقين في عيد الهالوين، كما أنه شبه نفسه ذات مرة بالرجل الوطواط (Batman) في تغريدة على تويتر. وقد أطلق عليه الإعلام مرارا لقب "الرجل الحديدي الحقيقي" بعد ظهوره في فيلم "الرجل الحديدي 2″، مستمتعا بإسهامه في صناعة بطل خارق.
لكن إيلون ماسك ليس البطل الحقيقي في قصة اليوم، وهو في أفضل الأحوال أحد الرجال الذين يقفون خلف بطل بمواصفات لم تنسجم أبدا مع طموحات الرجل الحديدي. فحتى وقت قريب، لم يكن ماسك والرئيس المنتخب ترامب مغرمين ببعضهما بعضا، إذ سبق أن هاجم أغنى رجل في العالم ترامب في يوليو/تموز 2022 من خلال حسابه على منصة تويتر -التي استحوذ عليها لاحقا وغير اسمها إلى إكس- قائلا: "لا أكره الرجل، لكن حان الوقت لترامب لكي يرتدي قبعته ويبحر مع شمس الغروب"، وقال أيضا إنه ينبغي للمنتمين للحزب الديمقراطي التوقف عن الهجوم على ترامب، لأن هجومهم عليه وجعله مثيرا للجدل ووضعه في محور النقاش العام هو ما يجعله يستعيد القدرة على البقاء في دائرة الضوء.
جاء هجوم ماسك على ترامب ردا على تعليقات أدلى بها الرئيس المنتخب آنذاك خلال تجمع في ولاية ألاسكا اتهم خلالها رجل الأعمال البارز "بإثارة الفوضى"، وشكك في نيته شراء تويتر، وهي الصفقة التي كانت محل جدل وتجاذب واسعين آنذاك. من جانبه، لم يتردد ماسك في التعريض بترامب الذي رأى أنه أكبر سنّا من أن يصلح ليكون رئيسا لمجلس إدارة أي شركة، فضلا عن أن يكون رئيسا للولايات المتحدة.
ووسط تبادل اللكمات الخطابية المحتدمة بين الرجلين، لم يكن لأحد أن يتوقع أنه بعد مرور أقل من عامين، سوف يتحول إيلون ماسك إلى واحد من أشرس مؤيدي ترامب، فضلا عن أن يصل هذا التأييد إلى مرحلة لم يصل إليها من قبل أي رئيس لشركة تكنولوجيا في دعمه العلني لمرشح سياسي بعينه.
فقد أصبح أغنى رجل في العالم جزءا أساسيّا من الحملة الانتخابية لترامب، ووصل به الأمر إلى حد الإعلان يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي التبرع بمبلغ مليون دولار يوميا من خلال مخطط "يانصيب"، حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لأي ناخب مسجل في الولايات المتأرجحة يوقع على عريضة تدعم التعديلين الأول والثاني للدستور اللذين ينصان على حرية التعبير وحق حمل الأسلحة (وهي الحقوق التي يشدد عليها الجمهوريون وأنصار ترامب).
وذلك بغرض حشد المؤيدين خلف الرئيس المنتخب وحسم التنافس في الولايات المتأرجحة، وهو ما أثار كثيرا من الانتقادات لماسك باعتبار أنه يقدم رشاوى مقنعة للناخبين، لدرجة أن المدعي العام لمنطقة فيلادلفيا حرك دعوة قضائية ضده بسبب هذا السلوك.
هذا التحول الكبير في موقف الرجل الأغنى في العالم، والذي لا يقل إثارة للجدل عن المرشح الذي يدعمه، يثير عديدا من التساؤلات حول الأسباب التي دفعته إلى سلوك هذا الاتجاه.
ونحن لا نتحدث هنا عن مجرد رجل أعمال قرر تغيير موقفه أو دعم مرشح بعينه، فلطالما دعم رجال المال مرشحيهم الرئاسيين المفضلين، ودائما ما يتركون بابا مفتوحا مع المنافسين تحسبا لظروف السياسة وتقلباتها، لكن ماسك رمى بيضه كله في سلة واحدة، حتى إنه أجاب مازحا عن سؤال حول عدد السنوات التي سيقضيها في السجن إذا ما فازت كامالا هاريس، بأنه "سينتهي أمره" أو "سيكون في ورطة"، بعدما أحرق كل السفن ولم يترك طريقا للعودة إذا ما فاز الحزب الديمقراطي.
المفاجأة أن ماسك لم يكن في أي يوم داعما للجمهوريين، فقد اعتاد أن يصوّت بشكل حصري للديمقراطيين منذ أن أصبح مواطنا أميركيّا عام 2002 إلى حد أنه كان مقربا من الرئيس الأسبق باراك أوباما والتقى به مرات عدة، ثم في عام 2023 أعلن أنه لن يصوت لجو بايدن مرة أخرى، لكنه تحفظ على التصويت لترامب، واعتبر ذلك خيارا "صعبا جدا"، كما أنه دعم رون ديسانتيس المنافس الرئيسي للرئيس المنتخب ترامب في أثناء المنافسة على الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي 2024.
كل هذا قبل أن يتحول فجأة إلى داعم أسطوري لترامب، منفقا أكثر من 130 مليون دولار لدعمه وفق تقديرات "سي إن إن"، ومشكلا لجنة عمل سياسي باسم "America PAC" وظيفتها حشد التأييد لترامب، ودعوة الناخبين للتصويت له، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب هذا الدعم الكبير، وما الذي سيجنيه إيلون ماسك في المقابل.
أسباب اقتصادية؟ ربما..
عندما نتحدث عن إيلون ماسك، فنحن نتحدث عن رجل أعمال متمرس يعاير خطواته لخدمة مصالحه، وليس ناخبا عاديا تحركه الوعود الانتخابية أو الخطابات المشحونة بالعواطف. ربما يفسر ذلك جزئيا سر انحياز إيلون ماسك تاريخيا للديمقراطيين بوصفه مؤسسا ومديرا تنفيذيا لعملاق صناعة السيارات الكهربائية تِسلا.
فالديمقراطيون، المهتمون تقليديا بقضايا البيئة والمناخ، يأتون في طليعة المهتمين بشراء السيارات الكهربائية بفارق شاسع عن نظرائهم الجمهوريين. فبحسب استطلاع أجرته مؤسسة غالوب عام 2023، فإن حوالي 71% من الجمهوريين أكدوا أنهم لا يفكرون في شراء سيارة كهربائية، مقابل 17% فقط من الديمقراطيين.
وأكثر من ذلك، فإن ترامب نفسه كان حتى وقت قريب يُعد من أشد مناهضي السيارات الكهربائية، وأكد في السابق أنه سيتراجع عن أي سياسات داعمة للصناعة مثل برنامج الائتمان الضريبي لشراء السيارات الكهربائية، وهو ما ينطبق -بمستويات مختلفة- على معظم سياسيي الحزب الجمهوري البارزين. وفي الواقع، لم يبدأ ترامب في تغيير لهجته المضادة للسيارات الكهربائية إلا في الأسابيع الأخيرة، مصرحا بأن دعم إيلون ماسك له هو السبب الأساسي لهذا التغيير.
لكن بعيدا عن المنافع المباشرة المتعلقة بدعم السيارات الكهربائية، يبدو أن إيلون ماسك وغيره من عمالقة وادي السيليكون أصبحوا يميلون نحو اليمين شيئا فشيئا، نفورا من السياسات الاقتصادية التي يتبناها الحزب الديمقراطي مثل قوانين مكافحة الاحتكار وضريبة "المليارديرات" التي اقترح جو بايدن تحصيلها من الأثرياء، وهو ما يضعهم على مسار مشترك مع السياسيين الجمهوريين.
إضافة لذلك، بدأ هؤلاء الأثرياء يطورون نزعات "معادية للديمقراطية" التي لم يعودوا يرون أنها صديقة لأعمالهم، لذا فقد باتوا يشعرون بوفاق أكبر مع نزعات ترامب السلطوية وميله لامتداح الحكام الدكتاتوريين في العالم.
من هؤلاء مثلا الملياردير من أقصى اليمين بيتر ثيل، المؤسس المشارك في شركة "بالانتير" الذي كتب عام 2009 أنه لم يعد يعتقد أن "الحرية والديمقراطية متوافقتان"، وشريكه جو لونسديل، إضافة إلى أسماء مثل مارك أندريسن وبن هورويتز الشريكين المؤسسين لشركة رأس المال المغامر "أندريسن-هورويتز" التي تدير أصولا بقيمة 42 مليار دولار، رغم أن هورويتز حوّل دعمه أخيرا إلى المرشحة الديمقراطية الخاسرة كامالا هاريس دون التخلّي عن انتقادات لإدارة بايدن التي يعتبرها مدمرة بشكل استثنائي في ما يتعلق بسياسات التكنولوجيا.
بالعودة إلى إيلون ماسك، أشعلت تدخلات الهيئات التنظيمية ومراقبتها الدقيقة لأعماله غضب أغنى رجل في العالم ضد إدارة جو بايدن، إذ خضعت شركاته للتحقيق والغرامات من قبل الوكالات الحكومية المختلفة، مثل لجنة الأوراق المالية والبورصات وإدارة السلامة والصحة المهنية وحتى وزارة النقل. وشأنه شأن كثير من رواد الأعمال، يرغب ماسك في تخفيف سيطرة الدولة وتدخلاتها في مجال الأعمال، إذ يرى أنها غالبا ما تكون خرقاء وبيروقراطية وتعطل عجلة الإنتاج.
تعد مسألة "تحرير الحكومة" إذن من الأسباب المهمة التي دفعت إيلون ماسك إلى أحضان ترامب، وفي هذه النقطة تحديدا يبدو أن عين إيلون ماسك منصبة على مجال استكشاف الفضاء الذي ينوي الاستثمار فيه بقوة خلال المرحلة المقابلة، فماسك هو المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "سبيس إكس" لتصنيع المركبات الفضائية وإطلاق البعثات إلى الفضاء، وهو يرغب في تخفيف يد الحكومة عن التدخل في هذا المجال، لأنه يراها "تعوق الابتكار".
لا عجب إذن أن أطلق ماسك شعاره أن "التصويت لترامب هو التصويت للمريخ"، معربا عن قناعته أن البيروقراطية الحكومية التي تدعمها الإدارات الديمقراطية سوف تعطل حلمه بالتحول إلى حضارة "متعددة الكواكب".
فرغم أن شركة سبيس إكس فازت في عهد بايدن بعقود بمليارات الدولارات، فإن مشاجراتها مع السلطات الفدرالية لم تتوقف أبدا، ومن ضمنها جهات حماية العمال والثروة السمكية والحياة البرية الأميركية التي أشارت إلى انتهاكات ماسك في مجالات العمال والبيئة بما يشمل التخلص غير الآمن من مياه الصرف الصحي. هذا بالإضافة إلى اشتباك ماسك مع لجنة الاتصالات الفدرالية بسبب إلغاء صفقة ستارلينك للإنترنت الفضائي التي تبلغ قيمتها 900 مليون دولار عام 2022 بسبب التشكيك في وعوده بشأن السرعة والموثوقية.
يأمل إيلون ماسك أن يذلل فوز ترامب كثيرا من تلك العقبات التي تواجه أعماله، خاصة إذا استجاب ترامب لاقتراحه بتشكيل لجنة كفاءة للحكومة لقطع أيادي التدخلات التي لا طائل منها في عالم الأعمال، وقد وعد ترامب إيلون ماسك بأن يرأس هو تلك اللجنة. وبحسب الموقع الإخباري الأميركي "فوكس" (Vox)، فإن الظاهر هو أن مثل تلك اللجنة ستعمل على خفض ميزانية عديد من الهيئات التنظيمية لعالم الأعمال بهدف رفع كفاءة الحكومة، لكن الواقع أن هذه وسيلة لماسك للتخلص من الهيئات التي كانت تلاحق شركته، في ما يبدو أنه تحالف بين ترامب والأباطرة والشركات ضد مصالح العمال والمستهلكين.
وحسب نيوزويك، فإن هذا التنظيم الجديد ربما يعود على إيلون ماسك في النهاية بعشرات المليارات من الدولارات من الإعفاءات الضريبية التي تتسق مع سياسات ترامب لتقليص الضرائب على الأثرياء والشركات. والأهم من ذلك أن منصبه المنتظر في "لجنة كفاءة الحكومة" سوف يمكنه من قلب الطاولة على الوكالات التي كانت تراقبه وتقيده وتشرف عليه، ليتحول هو إلى مشرف عليها ومتحكم في ميزانياتها، وهي مسألة من المرجح أن تكون مشوبة بكثير من شبهات تضارب المصالح بحكم أن الهيئات التنظيمية التي سيشرف عليها إيلون ماسك سوف تكون معنية بالإشراف على شركاته.
وذلك فضلا عن العلاقة المعقدة لهذه الشركات مع الوكالات الفدرالية، مثل وكالة ناسا ووزارة الدفاع وغيرها من الجهات الحكومية التي تدفع مليارات الدولارات سنويا إلى شركات إيلون ماسك، وعلى رأسها تسلا وسبيس إكس اللتان تمتلكان ما لا يقل عن 15.4 مليار دولار من العقود الحكومية.
لكن هذه الأسباب الاقتصادية على أهميتها ووجاهتها ربما لا تكون كافية لتفسير التحول الكبير في موقف إيلون ماسك الذي اعتاد ممارسة أعماله في مختلف الظروف وتحت مختلف الإدارات، وطالما استفاد من البيروقراطية الأميركية على كل حال. وحتى إن استطاع الاقتصاد تفسير ميل ماسك إلى ترامب، فإنه لا يفسر قراره بحرق أشرعته مع الديمقراطيين، وذلك يوحي أن هناك أبعادا أخرى لقرارات رجل الأعمال المثير للجدل.
السبب ثقافي؟ غالبا..
بحسب سفير الولايات المتحدة السابق في النمسا تريفور تراينا، وهو مؤيد لدونالد ترامب، فإن تفسير تأييد ماسك لترامب من منظور المصالح التجارية ليس صائبا، فماسك هو أغنى رجل في العالم، ومن ثم هو لا يحتاج لأي شيء مادي، مرجحا أن تكون الأسباب ثقافية وشخصية أكثر من أي شيء آخر.
حتى عام 2018 كان إيلون ماسك واحدا من الأشخاص الذين ربما سيميل اليمينيون التقليديون في الولايات المتحدة لانتقاده، فقد كانت شركاته تروّج لرموز المثلية الجنسية وأعلامها، لكن تدريجيّا بدأ ماسك خلال الفترة الأخيرة يتحول إلى صفوف اليمين المحافظ أكثر وأكثر، ويعتقد أن هناك حادثة في حياته الشخصية مثلت اللحظة الفارقة في رؤيته للأمور.
الحادثة الأولى وقعت خلال أزمة الوباء، حين أغلقت الإدارة الديمقراطية في ولاية كاليفورنيا مصنع شركة تسلا في فيرمونت. وفي تحد لقراراتها، أعاد ماسك فتح المصنع وغرد قائلا: "إذا أرادوا القبض على شخص، فمن المفترض أن يكون أنا فقط". كان إيلون ماسك يعلم أن أحدا لن يلقي بأغنى رجل في العالم في السجن، لذا فإنه قرر استخدام نفوذه لمواجهة مسؤولي الولاية الذين كانوا يملون عليه ما يمكنه أو لا يمكنه فعله بمصانعه، وهو ما اعتبره إهانة لاستقلاليته وبقاء أعماله.
كانت تلك غالبا هي اللحظة التي بدأ عندها إيلون ماسك في نبذ "الأفكار اليسارية" التي رأى أنها تعطل أعماله، وتعوق طموحاته. لاحقا، جاءت اللحظة المفصلية الثانية والأهم، وهي تقدم "ابنته" المتحولة جنسيّا من ذكر إلى أنثى بطلب رسمي لتحويل جنسها وتغيير كنيتها من ماسك إلى ويلسون، لتقطع أي رابط مع والدها، معلنة أنها لم تعد تسكن معه ولا ترغب في الارتباط باسمه على أي نحو.
وقبل شهور قليلة وفي لقاء مصور مع عالم النفس الكندي المحافظ جوردان بيترسون، عبّر إيلون ماسك نفسه عن الأمر أكثر إذ أوضح أن ناشري الأفكار اليسارية والتقدمية قد قضوا على "ابنه" بعدما خدعوه وأقنعوه بتغيير جنسه وتحويله إلى أنثى مشوهة عقيمة من دون أن يشرح الأطباء ما الذي سينتج عن الهرمونات التي سيعطونها "لابنه"، على حد تعبيره، وحكى ماسك بتأثر أن الأطباء الذين يشجعون على تغيير جنس الأطفال "أشرار" وينشرون الجهل ويستغلون خوف الآباء من انتحار أبنائهم.
وبنظر ماسك، فإن الأفكار التي يدعمها الديمقراطيون هي التي أهلكت "ابنه" وفرقت بينهما، لذا فإنه بات يرى هذه الأفكار "فيروسا يتغلغل في العقل البشري ويدمره في النهاية تماما، كما حدث من وجهة نظره مع ابنه الذي يعتقد أنه فقده". ومن ثم، فإن دونالد ترامب، والجمهوريين بشكل عام، صاروا يمثلون له الحصن ضد انتشار هذه الأفكار التي تهدد المجتمع، خاصة أن ترامب له تصريحات ومواقف عديدة معارضة بشدة للتحول الجنسي ولأفكار الهويات الجنسية.
فقد كان الرئيس المنتخب قد تعهد بأنه سيلغي التوسعات التي قامت بها إدارة بايدن في ما يتعلق بإعطاء الطلاب المتحولين جنسيّا الحق في استخدام حمامات وغرف تبديل الملابس التي تتوافق مع الهوية الجنسية التي يريدونها لأنفسهم، كما أنه تعهد بفرض حظر على التدخل الطبي المؤدلج على القاصرين الساعي لتغيير هويتهم الجنسية.
وفي المجمل، يبدو أن مزيجا من العوامل الاقتصادية والثقافية والشخصية تضافرت لجعل ترامب "مخلّصا" يستحق كل هذا الدعم المتحمس من وجهة نظر ماسك. وبنظر أغنى رجل في العالم، فإن الأمر يستحق المخاطرة حتى إن خسر ترامب وفازت هاريس. ولكن بعد أن أظهرت النتائج الأولية فوز ترامب، يتطلع أغنى رجل في العالم لحصد ثمار مغامراته الرابحة على المستوى الاقتصادي، بينما يستمتع بثأره الشخصي من "التقدميين" الذي لم يكتفوا بتعطيل أعماله، ولكنهم دمروا أسرته وحياته الشخصية أيضا.
*عن الجزيرة نت
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news