سبتمبر نت/ تقرير – منصور أحمد
هناك مثال عربي يقول”الكتاب باين من عنوانه”،ويمنيا” المكتوب- الجواب أو الرد- باين من عنوانه”.. هكذا هي حقيقة حرب الوعيد والرعيد والتهديدات المتبادلة بين تحالف الشر- إيران وإسرائيل- في نشوب حرب بينهما، فرغم تحالفهما التقليدي، إلا أنهما لنحو نصف قرن وهذا الضجيج الاعلامي والتهديد المتبادل بتفجير الحرب بينهما حرب كلامية ليس إلا.. غايته إبقاء المنطقة العربية في حالة اضطراب طوال هذه السنوات العجاف، وفي حالة ترقب ينتابها مخاوف من نشوبها فعلا. بينما في الأساس قد اشعلت فعلا ضد الدول والمجتمعات العربية- داخل سبع دول عربية صارت محتلة من قبل هذا التحالف الشرير.
أكثر من أربعة عقود مضت والرأي العام والمواطن العربي يسمع ضجيج طاحونة العداء الإسرائيلي الإيراني ولا يرى طحينا بينهما، بل ما يراه فقط طحينا وقتلا في الشعوب والمجتمعات والدولة الوطنية العربية.
دائما ما يطلق قطبا هذا التحالف التهديدات بإشعال الحرب بينهما، لكنهما يشعلونها ضد الدول العربية والمواطن العربي السني. بينما الحرب بينهما تظل عند مستوى الحرب الكلامية للاستهلاك السياسي فقط، لتضليل الرأي العربي والشارع العربي والاسلامي. أما بينهما لا أثر لها على أرض الواقع، والشواهد والوثائق السرية، أثبتت ذلك، بوجود تحالف تقليدي قديم جديد، تراعاه أمريكا وبريطانيا وتحكمها قواعد وآلية ومصالح مشتركة بين إيران ومحورها الشيعي وبين الكيان الصهيوني ومحوره الصهيوني.
للتحالف الاسرائيلي الايراني، استراتيجية ضد الانظمة والشعوب العربية، يتم تنفيذها عبر مراحل.. مكنت طرفيه من التوغل في الدول العربية-إيران- واحتلال دول عربية كانت تشكل مراكز قوة العرب المأمولة، يتم تنفيذ هذه الاستراتيجية عبر مراحل ثلاث حتى الآن.
في السابق كانت الحرب بينهما تتوقف عند لغة وشعار العداء، ويقوم عليه قواعد الاشتباك الاعلامي التعبوي، لخداع الشارعين العربي والاسلامي لصالح إيران وأذرعها في المنطقة- ما يسمى بمحور المقاومة- الهدف منه اقناع الشارع العربي بحقيقة هذا العداء أن ايران مدافع على القضايا العربية وحامية للمقدسات، بينما في الواقع تتعاون هي وإسرائيل في توسيع محورها وتتوغل في المنطقة العربية وتقوم بمساعدة إسرائيل في قتل عامة المسلمين السنة، والسنة في الوطن العربي على وجه الخصوص، باعتبارهم بنظر هؤلاء يشكلون الخطر الحقيقي على بقاء دولة الاحتلال الاسرائيلي واستقرارها، والمصالح الغربية- على عكس نظرته للمحور الشيعي باعتباره حليفا استراتيجيا موثوقا ويجمعهم أهداف ومصالح مشتركة، تأتي على رأسها منع الاقطار العربية من النهوض واستثمار ثرواته وموقعه الجيوسياسي، لكي يظل تحت هيمنة واحتلال هذا التحالف، وقضم طبوغرافيته، وتمزيق انظمة الدول العربية على شكل كنتونات وجزر متناثرة لإضعاف الانظمة الدول العربية والحيلولة دون اجتماعها واتحادها على كلمة واحدة وموقف موحد. حتى لا تظهر كقوة تتصدى لمخططات هذا التحالف الشرير، وتكون على استغلال قدراتها البشرية ومقوماتها الجيوسياسية وثرواتها الطبيعية، وأخيرا منع استمرار عملية النهب لثروات الوطن العربي، ومستقبل اجياله!
وركز هذا التحالف في المرحلة الأولى من استراتيجيته على إبراز علاقتهما في ظاهرها العداء إعلاميا، وباطنها الود والتعاون، وامتدت فترتها لأكثر من ثلاثين عاما- حيث بدأت اوائل سبعينيات القرن الماضي حتى فترة غزو واحتلال العراق عام ٢٠٠٣- وإدخال هنا مصطلحي (غزو واحتلال)، كمصطلحين إسلاميين بمفهومهما الاصطلاحي والشرعي، استحضرتهما إيران بعد إسقاط النظام العراقي مباشرة لتبرير مشاركتها في احتلال لأهم بلد عربي، بينما المصطلح الغربي الذي رافق الحرب مصطلح (اجتياح).
واهتم طرفا التحالف والرعاة، في هذه المرحلة على مسألة إقناع الشارع والمواطن العربي بوجود عداوة حقيقية بين إيران واسرائيل، باستخدامهم العداء للاستهلاك السياسي، والترويج الاعلامي لوجود هذه العداوة التاريخية بينهما عبر خطاب تعبوي وخطاب اعلامي شعبوي موجه للشعب والشارع العربي، وذلك خدمة لطرفيه، بينما في باطنه التعاون والتنسيق لضرب مراكز السنة الذين هم قوة العرب والمسلمين، عبر طرق عديدة تارة قتلهم بإلصاق لهم تهمة الإرهاب وضربها بشن الحروب تحت مسمى محاربة الارهاب، وتارة بإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية، وكذا الحروب الاهلية بين المجتمع العربي، وتارة بتأجيج الخلافات والانشقاقات واشعال الحروب البينية العربية العربية، بين الشعوب ودول القطر العربي الواحد.. الخ.
وفي المرحلة الثانية من استراتيجية تحالف الشر الإيراني الإسرائيلي، إظهار العداء بينهما كما هو بالخطاب الاعلامي التعبوي الشعبوي، وخوض قواعد الاشتباك عبر العملاء والوكلاء والادوات المحلية في الدول العربية، وامتدت فترة هذه المرحلة من عام 2004 وحتى السابع من أكتوبر العام الماضي 2023، والتي كانت فعلا بعد أشهر قليلة من اندلاعها، وارتكاب اسرائيل مجازر بحق الشعب الفلسطيني، تحركت المظاهرة والرأي العالمي في مختلف مدن وعواصم دول العالم، المنددة بمجازر الكيان الصهيوني، استطاعت أن تشكل رأيا عاما مناهضا لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، ومارست ضغوطات على حكومات بلدانهم باتخاذ مواقف حازمة وصارمة ضد إسرائيل، بينها قطع العلاقات مع اسرائيل، ووقف دعمها وإمدادها بالسلاح من قبل الدول والشركات الغربية المصنعة الموجودة في تلك الدول وإن كانت معظمها مملوكة لرجال اعمال يهود، وهو التوجه الذي بدأت كثير من تلك الدول السير فيه واتخاذ مواقف ضد اسرائيل إلى أنها صارت في شبه عزلة تامة.. لكن سرعان ما ظهر الحليف المنقذ إيران وعبر ادواتها فقط- محور المقاومة حد زعمها- تلك الادوات الرخيصة كمليشيا الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق وحزب اللات في لبنان، التي لم تتوقف خدماتها لطرفي التحالف الاسرائيلي الإيراني عند الخطاب الاعلامي وإظهار العداء لإسرائيل. وإنما تجاوزته إلى تبني استهداف تل أبيب بضربات شأنها شأن الفقاعات والالعاب النارية، لكنها أنقذت إسرائيل من عزلتها، فأعادت لها الدعم الرسمي والشعبي، واختفت المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية والاعتصامات من ساحات وشوارع المدن والجامعات، لأن تلك الفقاعات أظهرت إسرائيل بالمظلومة، وتخوض بمفردها حربا شاملة مع العالم العربي والاسلامي، وهذا مخالف لبروتكول مؤتمر كامبل-رئيس وزراء بريطانيا- المنعقد في لندن عام 1907، القاضي بنوده بحماية الجسم الذي أقر استحداثه في جسم الوطن العربي بفلسطين- إسرائيل- لزعزعة استقرار المنطقة.
وشكل زعم إيران وأدواتها بشهادة وتأكيد إسرائيل نفسها بأنها تعرضت لهجوم جوي قادم من اليمن، كان بمثابة رد الجميل الذي قدمته امريكا وبريطانيا.. اللتان أوعزتا لمليشيا الحوثي، أن تتخذ من اسطوانتها المشروخة باستغلالها الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، لتدعي أن استهدافها لسفن التجارة العالمية في البحرين الاحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب إنما هو انتقام لحرب الابادة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة-حينها أمريكا وبريطانيا نفذت غارات جوية استمرت أكثر من شهرين، قالت إنها استهدفت مواقع للحوثيين، بذريعة تأمين خطوط الملاحة الدولية وإنهاء التهديد الامني الذي تشكله مليشيا الحوثي وأداة إيران في اليمن. الامر الذي رفع من شعبية هذه المليشيا في الشارعين العربي والاسلامي، وزاد من ذلك أكثر بالغارات الاسرائيلية التي استهدفت خزانات النفط والبنية التحتية في موانئ الحديدة.
وكانت الدولتان قد منعتا قوات الحكومة اليمنية من تحرير اليمن ومحافظة الحديدة على وجه اخص وموانئها في منتصف عام 2018.
المهم عقب السابع من أكتوبر العام الماضي، انتقل التحالف إلى المرحلة الثالثة من استراتيجيته مع بقاء الاهداف واجراء تغيير نسبي في قواعد الاشتباك بين قطبي التحالف تقوم على أساس المواجهة المباشرة بينهما، وإن كانت ضجيجها اكبر من أثرها على أرض الواقع مع الاحتفاظ بمبادئ وأساس التحالف بحيث لا يمكن لهذه المواجهات المباشرة أن تلغيه وتقطع العلاقة بين قطبيه نهائيا.
لكنها ظلت عند مستوى الضجيج والتباري الاعلامي، وتدور كلها حول التهديدات المتبادلة الجارية منذ قرابة العام، فإسرائيل تهدد حليفتها إيران بضربات مباشرة وموجعة في عمقها الجغرافي، والتهديد نفسه يأتي من إيران ومحورها، فالكل يتوعد بالرد المباشر على أية ضربة إسرائيلية أو أمريكية تتعرض لها الاراضي الايرانية. أما أراضي الوكلاء فلا ضيم في ذلك!
وحينما انتقل الكيان الصهيوني إلى مرحلة التنفيذ لوعوده، قام باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، على الاراضي الايرانية عندما كان في زيارة رسمية لطهران، بل ان الاغتيال تمت في مقر ضيافته في أهم الاماكن المحصنة أمنيا وعسكريا-في مقر سكن المحاربين القدامى التابعين لقيادة الحرس الثوري الإيراني، وبعد مضي أكثر من شهر على اغتيال هنية، واستعداد اسرائيل لشن حرب شاملة على لبنان وتصفية قيادة الصف الاول والثاني والثالث لحزب الله اللبناني- أهم ادوات إيران في المنطقة وأقواها- في مقدمة تلك القيادات أمينان عامان، وإيران لا تزال تتشاور مع حليفتها إسرائيل، والراعين لهذا التحالف-أمريكا وبريطانيا- بضرورة الرد الإيراني للحفاظ على ماء وجهها أمام ادواتها في المنطقة، وهو ما اجمع عليه جميع اعضاء التحالف أن الرد لا بد منه لبقاء هذا التحالف، ليتم بعد ذلك الانتقال إلى المشاورات والتفاهمات حول طريقة هذا الرد الإيراني ووسائله وسلاحه وزمنه واهدافه وحدوده وفاعليته أو آثاره.. إلخ، فكان لها ذلك أن سلمت لها آلية متكاملة بهذه المواضيع على أن يكون بنك الاهداف الخلاء والارض الفارغة، فقصفت إيران الأراضي المحتلة، في الاول من أكتوبر الجاري- قالت حينها إنها نفذت الهجوم الجوي بأكثر من ٢٥٠ ما بين صاروخ وطيران مسير، وأنها اصابت اهدافها بدقة وأنها احدثت دمارا وخسائر مادية وبشرية كبيرة.. إلى آخر المسرحية. بينما الحقيقة غير ذلك تماما، فأدى الهجوم الإيراني إلى مقتل اسرائيلي واحد.
وفي مطلع شهر اكتوبر الحالي، اعلنت إيران وأدواتها في المنطقة عن تنفيذها لهجوم على إسرائيل لم يصفه أحد غير إيران نفسها بالهجوم المدمر، إلا أنه في الواقع لم يكن له أي أثر على أرض الواقع، أسفر عن مقتل شخص واحد في مدينة حيفا المحتلة. بينما مواطن فلسطيني في نفس اليوم هاجم مجندة اسرائيلية في تل أبيب وطعنها بالسكين وأخذ سلاحها الآلي (الكلاشنكوف)، فاستخدمه في قتل وإصابة ١٣إسرائيلي.. بسبب أن بنك الاهداف التي سمح لإيران قصفها متفق عليها ومحددة سلفا..
وقالت إيران لحظة اطلاقها الصواريخ والمسيرات صواريخها بأنها تنفذ هجوما كبيرا على اهداف إسرائيلية في الاراضي المحتلة، وان تلك الصواريخ تصل إلى اهدافها داخل الكيان الصهيوني بعد ساعتين- حد قولها. في المقابل ظهر المتحدث باسم مجلس الحرب الاسرائيلي، وهو يتلو بيان صحفي، يحث فيه الاسرائيليين على مغادرة مخابئهم ،وإخبارهم بزوال خطر الهجوم الايراني، وانه استمر ٢٠دقيقة فقط.. ولذلك استغرب متابعو البث الحي للقنوات الفضائية، ولأول مرة والاسرائيليون لا يهرعون إلى المخابئ والملاجئ المخصصة عند سماعهم صفارة الانذار، وشوهدوا لأول مرة وهم يقفون متجمهرين في الشوارع والباحات القريبة من أماكن سقوط تلك الصواريخ -يبدو أنه حدده لها سلفا- ويلتقطون صور وسلفيات أثناء سقوطها في أماكن خالية من أي مواقع عسكرية أو مدن آهلة بالسكان عدا هواة الالعاب البهلوانية والكرنفالية، فكانت تلك الصواريخ تسقط وكأنه خشب مسندة، تحدث حفرة عميقة في الارضية التابعة لمواطن فلسطيني اغتصبها الاحتلال الاسرائيلي، لكنها لا تنفجر، وأظهرتها الصورة الملتقطة لها وكأنها فارغة من كل مواد التفجير عدا الصواعق التي اوصلتها إلى الاراضي المحتلة إن لم تكن اسرائيل نفسها تكفلت بإحضارها كجزء من التعاون والتنسيق الذي تقره مبادئ التحالف القائم بينهما!
وعلى الرغم من إعلان إسرائيل بعدم وجود خسائر بشرية ولا مادية، إلا إنها ظلت من لحظتها تتوعد وترعد بالتهديدات بالرد القاسي المؤلم.. الخ، وعلى مدى شهر كامل والمفاوضات بين إسرائيل وامريكا وبريطانيا من جهة وبين إيران وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى تجري على قدم وساق، وفي النهاية توصلت المفاوضات بين قطبي تحالف الشر والرعاة الامريكيين والبريطانيين على ضرورة إنفاذ الرد الاسرائيلي حفاظا لماء الوجه أيضا وهيبتها في المنطقة على أنها قوة ردع وحيدة، ولهذا الرد الإسرائيلي المباشر ضروري ضد اهداف في العمق الإيراني ولو حتى يستهدف حظائر الحمير الإيرانيين!
الشيء نفسه تكرر مطلع الاسبوع الماضي، عندما قالت إسرائيل أنها نفذت فجر السبت في الـ26من أكتوبر، هجوما جويا كبيرا على 20 هدفا حيويا وموقعا عسكريا إيرانيا داخل الاراضي الايرانية عبر مائة طائرة. بينما إيران قللت من أثر الهجوم، وقبل الاعلان عن الهجوم بساعات قالت إنها لن ترد على الهجوم الإسرائيلي إن كان محدود الأثر، وزادت على ذلك الاعلان عن مقتل جنديين ايرانيين خلال تصديهما للهجوم الاسرائيلي، وما أكده وزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، في تصريح الأحد- في اليوم التالي للهجوم، بأن بلاده تلقت “إشارات” قبل الهجوم الذي شنته إسرائيل على مواقع عسكرية إيرانية، برغم نفي مكتب بنيامين نتانياهو، أن تكون إسرائيل حذرت إيران من خلال طرف ثالث، ولكنها أكدت أن إسرائيل أعطت إشارة عامة لما ستستهدفه وما لم تستهدفه.
ويكشف هذا عن واقع حال يقول: الحال من بعضه، ولا أحد منكما يزايد على أحد، ويؤكد على أن هناك اتفاق على كل تفاصيل الرد الإسرائيلي على إيران، سواء من حيث تحديد بنك الاهداف أو السلاح المستخدم، وحدوده وقوته وآثاره..إلى آخر المسرحية المألوفة والتي تأتي كلها ضمن استراتيجية تحالفهما التقليدي والراعية الأمريكية.
وكان الجيش الإسرائيلي، قال: إن ثلاث موجات من الهجمات باستخدام طائرات حربية ضربت مصانع صواريخ ومواقع أخرى قرب طهران وفي غرب إيران في وقت مبكر من صباح السبت. بينما قال الجيش الإيراني إن الطائرات الحربية الإسرائيلية استخدمت “رؤوسا حربية خفيفة للغاية” لضرب أنظمة رادار حدودية في إقليمي عيلام وخوزستان وفي محيط طهران.
إلا أن وكالة رويترز، نقلت عن باحثين أمريكيين في تقييمين منفصلين، بناء على ما كشفته صور الأقمار الاصطناعية التي نشرها الجيش الإسرائيلي- أي أنه حتى الاهداف المحددة للاستهداف سلمت صورها لإسرائيل- التي أظهرت بعد تنفيذ الضربات الإسرائيلية على إيران: أن الضربات الإسرائيلية طالت منشأة كانت جزءا من برنامج إيران السابق لتطوير أسلحة نووية، وأيضا منشآت تستخدم لخلط وقود الصواريخ الصلب.
وتوصلا الباحثان، ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق في الأمم المتحدة والذي يرأس معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مجموعة بحثية، وديكر إيفليث، محلل أبحاث مشارك في سي.إن.إيه، وهي مؤسسة أبحاث في واشنطن، من خلال هذه الصور عبر الاقمار الصناعية التي نشرها الجيش الاسرائيلي. كما أفاد باحث آخر بأن الهجوم أدى أيضا إلى تدمير مبان لخلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية ما سيصعب حسبه على أي هجوم صاروخي إيراني لاحق اختراق الدفاعات الصاروخية للدولة العبرية.
وقال أولبرايت، في منشورات على منصة إكس: إن صورا من أقمار اصطناعية تجارية أظهرت أن تل أبيب ضربت منشأة في بارشين تسمى “طالقان 2” كانت تستخدم في اختبار الأنشطة خلال العمل على “خطة آماد” وهي برنامج تطوير أسلحة نووية تخلت عنه إيران.. مشيرا إلى انه تمكن من الاطلاع على ملفات ذلك البرنامج السابق وقت عمله على كتاب بعد أن تمكن جهاز الموساد الإسرائيلي من سرقتها من طهران في 2018. مشيرا إلى ان الملفات الأرشيفية أظهرت أن إيران أبقت على معدات اختبار مهمة في منشأة “طالقان 2″. مضيفا ان إيران ربما نقلت مواد مهمة قبل الضربة الجوية”.
وأضاف أنه راجع صور الأقمار الاصطناعية التجارية لموقع “بارشين” والتي يبدو أنها أظهرت أن ضربة إسرائيلية ألحقت أضرارا بثلاثة مبان، على بعد نحو 320 مترا من “طالقان 2″، اثنان منها استخدما لخلط الوقود الصلب فيها للصواريخ الباليستية. ولم يحدد الشركة التجارية التي حصل منها على الصور.
من جهته، قال إيفليث: إن صورة لمجمع بارشين العسكري من شركة “بلانيت لابس”، وهي شركة أقمار اصطناعية تجارية، أظهرت أن إسرائيل دمرت ثلاثة مبان لخلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية ومستودعا. وأضاف أن الصور أظهرت أيضا أن ضربة إسرائيلية دمرت مبنيين في خجير كانا يستخدمان لخلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية.. مضيفا إن إسرائيل قصفت أيضا موقع “خجير”، وهو موقع ضخم لإنتاج الصواريخ قرب العاصمة الإيرانية، مضيفا بأن ضرباتها ربما “أعاقت بشكل كبير قدرة إيران على إنتاج الصواريخ بكميات كبيرة”.
كل هذه الشواهد، تقول إذ أن الاتفاق على الرد قد استثنى المنشآت النووية والمنشآت النفطية ومعسكرات الحرس الثوري، الذي يعد الجهاز الفاعل في الإرهاب الإيراني العابر للحدود، ولو كانت اسرائيل وامريكا تنظر إليه على انه منظمة إرهابية لكان ضمن بنك الاهداف المحددة لقصفها في هذا الرد الاسرائيلي، بل أن أمريكا وبريطانيا شددتا على إسرائيل بأن تكون ضرباتها محدودة الأثر ومحددة الزمن سلفا ولحظتها، بحيث يتم إفراغ المواقع سيتم استهدافها..
من جهتها، قالت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مصادر، إن مسؤولين إسرائيليين قالوا في أحاديث خاصة إن الهجوم كان “يهدف إلى الردع وتوفير مخرج لإيران من صراع أوسع نطاقا”. فيما قال شخص مطلع على خطط إسرائيل: “أردنا أن نمنح الإيرانيين فرصة لعدم التصعيد أكثر من ذلك”.
وبالفعل استهدف الهجوم منشآت إنتاج صواريخ وأنظمة للدفاع الجوي، لكنه لم يشمل منشآت أخرى ذات طبيعة حساسة، مثل المنشآت النووية أو النفطية، وهو “ما خفف من المخاوف بشأن صراع أوسع”، وفق الصحيفة.
ونقلت قناة الحرة، تصريحات لمسؤولين أمريكيين، أكدوا فيها تعرض إسرائيل لضغوط منذ أسابيع من حليفتها، الولايات المتحدة، ودول الخليج، بهدف عدم توجيه ضربة تعرض المنطقة لحرب شاملة، وأن البنتاغون تحرك بسرعة بعد الهجوم الأخير ليقول إن الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل مسبقًا، ولكن لم تشارك في الهجوم.
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، لإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي: إن نطاق وحجم الهجوم الإسرائيلي كانا محدودين، “وهذا يعني توفير مخرج للجانبين للابتعاد عن حافة الهاوية”.
من جهته قال، مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة الاستشارات الدولية “لو بيك” ومقرها البحرين، للإذاعة الأميركية إن “الضغوط الأميركية كانت لها تأثيراتها وربما فضلت إسرائيل تجنب توريط واشنطن في تصعيد لا تريده، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news