شهد تنظيم القاعدة في اليمن تراجعًا كبيرًا ونكسات داخلية عندما كان يعمل بمفرده، مع معاناته من انقسامات داخلية و ضعف كبير في قدراته. إلا أن الأوضاع تغيرت منذ بداية العام الحالي بعد تحالفه التكتيكي مع ميليشيا الحوثي، مما أدى إلى تعزيز قوته العسكرية والدعائية.
اتخذ فرع القاعدة في اليمن مسارًا خاصًا به بعيدًا عن التوجهات العالمية للتنظيم الأم، حيث تجاهل النقاشات الدائرة حول العلاقة مع إيران وميليشياتها، وركز بدلاً من ذلك على تعزيز وجوده وقدراته داخل اليمن، الذي يتسم بتعقيدات تتطلب تحالفات محلية فريدة.
أكد فريق خبراء مجلس الأمن الدولي في تقريره الأخير عن اليمن أن هناك تعاونًا وثيقًا بين الحوثيين والقاعدة، حيث قام الحوثيون بنقل طائرات مسيرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة للقاعدة، مع توفير التدريب وملاذات آمنة لعناصر الطرفين. وقد أدى هذا التحالف إلى تعزيز قدرات القاعدة بشكل ملحوظ، حيث ظهرت الطائرات المسيرة بأيدي التنظيم في معاركه مع القوات الحكومية اليمنية.
كشفت الهجمات الأخيرة أن التنظيم تمكن من تطوير تقنيات كان يفتقدها سابقًا، بما في ذلك الطائرات المسيرة والتفخيخ، مدعومًا بالدعم المالي والتسليحي من الحوثيين، ما منحه مرونة أكبر للانتشار في المناطق الوعرة بين محافظتي أبين والبيضاء، مما يساعده في استعادة بعض معاقله التاريخية.
تعاون القاعدة مع الحوثيين مكّن التنظيم من تجاوز الانقسامات المذهبية، مستفيدًا من قدرات الحوثيين العسكرية والبشرية التي تُقدّر بنحو 150 ألف مقاتل. ويبرر التنظيم هذا التحالف بكون الحوثيين أصبحوا لاعبًا إقليميًا، مع شنهم هجمات على الملاحة البحرية وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، مما يشكل إطارًا لتحالف جديد لخدمة مصالح مشتركة.
تواجه القوات الحكومية ضغوطًا مضاعفة مع تحالف القاعدة مع الحوثيين، خاصةً بعد أن رفعت ميليشيا الحوثي من قدرات التنظيم لمواجهة القوات الجنوبية. ويأتي هذا التصعيد ضمن استراتيجية قائد التنظيم، سيف العدل، التي تهدف إلى إشغال القوات الجنوبية في صراعات داخلية لمنعها من ممارسة ضغوط ميدانية على الحوثيين.
الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بالتعاون مع القاعدة لإثارة الفوضى بالمناطق المحررة، ضمن مشروع إيراني يسعى لإضعاف الحكومة الشرعية. ووفقًا لمراقبين، فإن هذا التحالف أصبح جزءًا من استراتيجية إيرانية بديلة لتعويض خسائرها في لبنان عبر تعزيز أدوار الحلفاء في اليمن.
أدى التحالف بين الحوثيين وتنظيم القاعدة إلى تعزيز دورهما في الصراع الإقليمي، حيث أصبحا أدوات رئيسية تخدم المشروع الإيراني. ومع تزايد الضغوط على حزب الله، تركز إيران على دعم حلفائها في اليمن لتعويض الفراغ.
يشكل هذا التحول نقطة فارقة في مسار القاعدة في اليمن، حيث بات التنظيم جزءًا من محور إقليمي تقوده إيران، وتحوّل من تنظيم مشتت إلى قوة تمتلك تقنيات متقدمة في مجال التفجيرات والطائرات المسيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news