كشفت مصادر مطلعة أن
جماعة الحوثي
في اليمن تواصل جهودها لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة ضمن حملة واسعة تستهدف تحويل الجهاز الإداري اليمني إلى كيان تابع للجماعة.
وبدأت هذه التحركات بعد إعلان الحوثيين تشكيل حكومة غير معترف بها دوليًا قبل شهرين، حيث توالت القرارات التي تهدف إلى "حوثنة" الوظائف الحكومية من خلال دمج وتقليص المؤسسات تحت مسمى "التحديث الإداري"، ما وصفه خبراء قانونيون بأنه محاولة لتقليص الاستقلال الإداري وتحويل الدولة إلى أداة بيد الجماعة.
وأصدر "
المجلس السياسي الأعلى
" الحوثي قرارًا بإنشاء آلية تحت مسمى "استكمال تنفيذ عملية الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة"، ويشمل هذا القرار دمج مصلحتَي الضرائب والجمارك في كيان واحد، وكذلك المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات.
وشمل القرار أيضًا تحويل مراكز الأبحاث والتطوير إلى كيانات جديدة تحت مسميات مختلفة مثل "الهيئة العامة للعلوم والبحوث والابتكار".
وأكدت مصادر قانونية بحسب تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" أن الحوثيين يسعون من خلال هذه القرارات إلى تقليص حجم الجهاز الإداري وترسيخ ولاء مؤسسات الدولة للجماعة عبر تعيين أتباعهم في المناصب العامة.
كما كشفت المصادر عن نوايا محتملة لإلغاء المعاشات التقاعدية بعد دمج المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مع الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، حيث أفادت المصادر بأن الجماعة استولت على موارد المؤسستين، مما قد يُفلسهما ويؤدي إلى حرمان المستفيدين من حقوقهم المالية، مع إضافة قتلى الجماعة إلى قوائم المستفيدين من هذه الصناديق.
وتعمل جماعة الحوثي، حسب مصادر في صنعاء، على تقليص صلاحيات الوزراء في حكومة الانقلاب من الإشراف على المؤسسات الإيرادية، ما يعزز سيطرتها المباشرة على القطاعات التي تمثل مصادر دخل كبيرة، إذ مُنع وزراء مثل وزير الشباب والرياضة ووزير النقل من الإشراف على الهيئات التابعة لوزاراتهم، وحصرت صلاحياتهم بأعمال إدارية، فيما يُعيّن الحوثيون مسؤولين حوثيين للسيطرة على إيرادات هذه القطاعات.
وذكر الخبير القانوني اليمني محمد حيدر أن هذه الإجراءات تفتقر إلى الشرعية، إذ إنها صادرة عن حكومة لا تعترف بها أي جهة دولية، وتتنافى مع متطلبات التطور الإداري والقانوني للدولة، حيث يُفترض أن تؤدي الزيادة السكانية والتنمية إلى توسيع هيكل الدولة وتعدد المؤسسات الحكومية.
وأضاف حيدر أن هذه القرارات تعكس سلوكًا رجعيًا، يتجلى في إلغاء وزارة الشؤون القانونية واستبدالها بمكتب تابع للجماعة، ما يعيد النظام الإداري إلى أساليب بدائية تقوض دور الدولة في خدمة المواطنين.
وتسعى الجماعة منذ نحو عامين لفرض "مدونة السلوك الوظيفي"، التي تجبر الموظفين العموميين على التوقيع على التزام بالولاء للجماعة، ما يجعل من القرارات الإدارية الأخيرة جزءًا من خطوات تهدف لتشديد القبضة على جميع العاملين في مؤسسات الدولة وإجبارهم على الخضوع للأيديولوجية الحوثية.
كما كشفت مصادر عن تحركات حوثية لتعديل قانون السلطة القضائية، بهدف إحكام السيطرة على القضاء، مع تعيين قضاة موالين واستبعاد آخرين في إطار ما يسمى "الإصلاحات القضائية".
وأوضح حيدر، وهو قيادي سابق في وزارة الشؤون القانونية، أن هذه التعديلات تأتي في سياق توسع الجماعة في نهب الموارد العامة عبر فرض الجبايات ورفع أسعار الخدمات الأساسية، ما يفاقم الوضع المعيشي للسكان ويزيد من دائرة الفساد.
وعبّر أكاديميون وباحثون في مركز الدراسات والبحوث اليمني عن استيائهم من قرار دمج المركز مع هيئة تابعة لوزارة التربية والتعليم، معتبرين أن هذا القرار ينتقص من دور المركز ويُهمّش دوره البحثي العريق الذي يمتد لأكثر من خمسين عامًا.
وأفاد عدد من الباحثين أن هذه الخطوات تُظهر عدم اكتراث الجماعة بالعلم أو البحث العلمي، وتهدف إلى تهميش المؤسسات العلمية المستقلة.
وتشير التوقعات إلى أن عمليات الدمج ستتبعها حملات إقصاء تستهدف مئات الموظفين الذين يرفضون إظهار الولاء للجماعة أو المشاركة في فعالياتها، حيث يُرجّح أن تستغل الجماعة هذه القرارات لإعادة هيكلة المؤسسات بما يتماشى مع توجهاتها.
ومن المرجح أن تشمل هذه الهيكلة فصل جميع الموظفين الذين رفضوا حضور الدورات الثقافية التي تنظمها الجماعة لنشر أيديولوجيتها.
وتُمثل هذه الإجراءات الحوثية تهديدًا لاستقلالية مؤسسات الدولة في اليمن وتوجهًا واضحًا لتحويلها إلى أدوات سياسية وأيديولوجية تخدم أجندات الجماعة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news