الاقتصاد اليمني يترنح تحت وطأة حرب مدمرة، مستمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، تاركة وراءها ندوبا عميقة يصعب التئامها، فما بدأ بانقلاب سياسي وعسكري، لميليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية عام 2014، تحول إلى صراع معقد متعدد الأطراف أفرز واقعا مزريا على كافة الأصعدة لا سيما الاقتصادية والإنسانية.
شكلت الحرب العامل الأبرز في تدمير الاقتصاد اليمني فلم تقتصر خسائرها على البنية التحتية المدمرة، بل امتدت لتشمل قطاعات حيوية كقطاع النفط الذي كان يشكل عصب اقتصاد البلاد.
وفي ظل هذه التحديات الكبيرة تجري الجهود لتدارك الوضع الاقتصادي فهل تفلح في إنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار؟ وما هي التحديات التي تواجه عملية الإصلاح الاقتصادي؟
تحديات مضاعفة
يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، إن التحديات الاقتصادية في البلد تضاعفت بشكل كبير جدا، خلال الوقت الراهن، وذلك نتيجة العديد من العوامل والمتغيرات التي طرأت على المشهد الاقتصادي والمشهد العام في البلد بشكل عام.
وأضاف: خلال السنوات الفائضة عوضا عن أن تبذل الحكومة جهدا مضاعفا يفوق الجهد الذي تبذله أي حكومة بالعالم بالظروف الطبيعية، عملت على العكس من ذلك، من خلال ترحيل الأزمات المتعلقة بالملف الاقتصادي والملف المعيشي وبالتالي انفجرت الآن هذه الأزمات على شكل انهيار متسارع لقيمة الريال اليمني.
وتابع: هناك ارتفاع في مستوى التضخم بشكل يفوق القدرة الشرائية للمواطنين وعجز كبير في المالية العامة للدولة، وشحه شديدة من النقد الأجنبي في الأسواق وكلها نتيجة للتقاعس الذي عملته الحكومة خلال السنوات الماضية.
وأردف: الحكومة لم تبادر بشكل كبير جدا على حل كل أزمة طرأت خلال الوقت السابق، ابتدأت أزمة الانقسام النقدي ولم تعمل الحكومة حيال ذلك الأمر شيء، ونهبت ميليشيا الحوثي الاحتياطي النقدي للعملة الصعبة المقدر بـ 5 مليارات دولار ولم تعمل الحكومة شيء، حتى عندما تم نقل البنك المركزي إلى عدن لم يكن نقلا مكتملا، وكان يفترض أن يتم بموجب هذا القرار نقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية إلى عدن في ذلك الوقت، من أجل استكمال السيطرة على السياسة النقدية.
وزاد: عندما هاجمت ميليشيا الحوثي منشآت تصدير النفط الخام في محافظتي حضرموت وشبوة، الحكومة وقفت موقف المتفرج وبالتالي كانت أكبر ضربة تعرض لها الاقتصاد الوطني وتعرضت لها الحكومة في المالية العامة للدولة بسبب أنها خسرت أكبر مورد للنقد الأجنبي.
وقال: الحكومة خسرت خلال العامين الماضيين أكثر من 6 مليارات دولار بسبب توقف تصدير النفط وبسبب تراجع الايرادات العامة للحكومة بحسب التصريحات الأخيرة لمحافظ البنك؛ أحمد غالب المعبقي، وكلها هذه متعلقة بإجراءات ما يدور تحت الطاولة بين التحالف وبين ميليشيا الحوثي.
وأضاف: الحكومة دفعت الثمن باهظا من مواردها ودفع المواطن اليمني الثمن باهظا أيضا بسبب أن ذلك أثر على مستواه المعيشي، ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية لديه، وانهارت القيمة الشرائية للعملة، وارتفع مستوى التضخم، وأثر ذلك على مختلف مناحي الحياة في البلاد.
عدم جدية الحكومة
يقول الخبير الاقتصادي؛ رشيد الآنسي، إن الحكومة تأخرت ولم تأخذ موضوع الإصلاحات الاقتصادية على محمل الجد منذ الانقلاب الحوثي وحتى اليوم.
وأضاف: نلاحظ الآن أن الحكومة لا تتحرك على نحو الملف الاقتصادي الا عندما تنهار العملة، وعندما تبدأ بالانهيار تتقافز المؤسسات الحكومية والتصاريح من هنا واجتماعات من هناك وأول ما يستقر سعر الصرف ينتهي كل ذلك إلى إن يأتي تدهور آخر.
وتابع: منذ أيام حكومة معين عبد الملك وحتى الحكومة الحالية، وحتى رئيس مجلس القيادة، جميعهم وعدوا بإنزال خطة إصلاح اقتصادي مكتملة، فأين هي هذه الخطة؟
وأردف: ليس هناك أي خطة من الحكومة، وهي أبسط وأهم ما يمكن أن تقوم به أي حكومة في العالم ان تضع لها اهداف وأن تضع خطة لهذه الأهداف لتحققها.
وزاد: إذا استقر سعر الصرف يومين او ثلاثة أيام فلن نسمع احدا من الحكومة يتحدث عن الوضع الاقتصادي وعن غلاء المعيشة وعن الناس الذين لا يجدون ما يأكلون وعن صرف رواتب إلى أن يظهر انهيار آخر للعملة.
إعادة تصدير النفط هو الحل
يقول أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت؛ الدكتور محمد الكسادي، إن الإجراءات والحلول الحكومية حتى الآن هي ضئيلة، حتى اللجوء لصندوق النقد الولي، ليس حلا كافيا لأن صندوق النقد الدولي، لن يقرضهم شيء، لأنهم قد استكملوا حقوق السحب الخاصة، ولذلك على ما اعتقد هذه كلها اجتماعات غير مجدية.
وأضاف: إعادة تصدير النفط هو الحل الجذري، أما هذه المعونات التي يجري البحث عنها ليست حلا جذريا للقضية
وتابع: قبل ثلاث سنوات كان سعر صرف الدولار في حدود ال 500 أو 600 أو 700، مع وجود تصدير النفط، أما الآن سعر الصرف يتجاوز 2044 ريال للدولار الواحد، وهذا يعني انهيار فضيع.
وأردف: الحكومة بدون موارد لا تقدر على تغطية فاتورة الواردات، بالإضافة إلى أن السوق يشهد مضاربة عالية بالعملة خاصة في مناطق سيطرة الشرعية
لا يتوقف الريال اليمني عند عتبة محددة، ويفقد قيمته بصورة يومية، مسجلا في آخر التداولات بمناطق نفوذ الحكومة الشرعية 2050 ريالا للدولار الواحد، فيما يصل سعر الريال السعودي الواحد إلى 535 ريالا.
أبرز التحديات التي تواجه عملية وقف انهيار العملة في اليمن(فيديو)
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news