وضعت التطورات المتسارعة في محافظة حضرموت شرقي اليمن، الثروة النفطية للمحافظة في قلب الصراعات متعدّدة الأطراف الدائرة هناك والمرشّحة لأن تتصاعد حدّتها ويطول مداها وأن تلقي بظلالها على الوضع العام في البلاد وقد يمتدّ تأثيرها إلى جهود السلام الرامية إلى إنهاء الحرب اليمنية سلميا.
واتّضحت خلال الفترة الأخيرة ملامح ما يشبه السباق المتّجه رأسا نحو السيطرة على منابع النفط في حضرموت والتحكّم بموارده. وفي نطاق السباق ذاته حذّر مؤتمر حضرموت الجامع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا من مغبة السير في توقيع أو تنفيذ عقود بيع احتياطيات النفط والغاز بالمحافظة لصالح شركات أجنبية.
والمجلس المذكور هو أحد الكيانات المحلية التي تحوّل تشكيلها إلى ظاهرة في المحافظة تعدّدت اتجاهاتها واشتركت في رفع شعار تمثيل أبناء حضرموت وحماية مصالحهم حتى من السلطة الشرعية ذاتها.
وخلال الصيف الماضي هدّد حلف قبائل حضرموت المنتقد بشدّة للسلطة الشرعية بقيادة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بسبب ما يعتبره إهمالا لشؤون أبناء المحافظة وتقصيرا في الاعتناء بأوضاعهم الاجتماعية وتحسين مستوى الخدمات المقدّمة إليهم، باللجوء إلى السلاح للسيطرة على منابع النفط وتوجيه موردها نحو الاستخدام محليا.
ويكتسي نفط حضرموت أهمية قصوى للسلطة الشرعية ويُعتبر موردا رئيسيا لاقتصادها، وهو ما يفسّر تمسكّها بالمحافظة التي يعتبرها، من جهة مقابلة، المجلس الانتقالي الجنوبي جزءا أساسيا لا تنازل عنه من دولة الجنوب المستقلة التي يعمل على استعادتها.
ويمثّل نفط المحافظة من هذه الزاوية هدفا مستقبليا للانتقالي يضمن له تأسيس دولة متماسكة وقادرة على العيش والاستمرار بمواردها الذاتية.
ويسيطر المجلس ميدانيا من خلال القوات التابعة له على ساحل حضرموت ومركزه مدينة المكلا، وتضم منطقة نفوذه في المحافظة ميناء الضبة أحد المنافذ الرئيسية لتصدير الخام والذي أدّى استهداف جماعة الحوثي له إلى جانب ميناء النشيمة في شبوة إلى توقّف التصدير ما أوقع السلطة الشرعية اليمنية في أزمة اقتصادية ومالية حادّة.
أما القوّات التابعة للشرعية فتسيطر على منطقة الوادي والصحراء الأغنى بالنفط، وهي قوات يعتبرها الانتقالي شمالية محتلّة لحضرموت وتابعة صوريا للشرعية بينما تبعيّتها الحقيقية في نظره هي لحزب التجمّع اليمني للإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
ويطالب المجلس الانتقالي بإخراج تلك القوات، وقام قبل أيام بتنظيم تظاهرة شعبية في سيئون مركز منطقة الوادي تحت مسمّى مليونية الهوية في تعبير على أنّ حضرموت بمختلف مناطقها تابعة للجنوب وجزء من دولته المنشودة.
ولا تغيب المملكة العربية السعودية عن خلفية الصراع على حضرموت بثروتها النفطية وموقعها الإستراتيجي المفتوح على بحر العرب والمحيط الهندي، وقد عملت الرياض على إسناد الشرعية وتقوية موقفها الأمني والعسكري في المحافظة بمساعدتها على إنشاء قوات درع الوطن الخاضعة مباشرة لإمرة الرئيس العليمي.
نفط المحافظة يمثّل هدفا مستقبليا للانتقالي يضمن له تأسيس دولة متماسكة وقادرة على العيش والاستمرار بمواردها الذاتية
كما عملت على إسناد موقفها السياسي بتأسيس مجلس حضرموت الوطني لينافس حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع في تمثيل المحافظة والتحدّث باسم أبنائها.
وهدّد مؤتمر حضرموت في بيان صادر عن الاجتماع الاستثنائي للهيئات القيادة المختلفة، بـ”التصعيد حتى يتم تنفيذ مطالب الحلف القبلي الذي يتزعم المطالب الحقوقية والخدمية في المحافظة الغنية بالنفط”.
وعبّر عن رفضه القاطع لأيّ تصرف بمقدرات وثروات حضرموت في هذا الظرف الاستثنائي، محذرا الشركات والحكومة ومؤسسات الدولة من أيّ أعمال بيع أو تنازل أو تحويل ملكية تمت أو تتم أو سوف تتم خلال فترة الحرب سواء للكميات النفطية الموجودة في خزانات الضبة والمسيلة، أو لأيّ من قطاعات النفط والغاز أو الكميات الموجودة من النفط والغاز سواء كانت تلك المستخرجة أو التي لا تزال في باطن الأرض.
وتوجد في حضرموت ثمانية قطاعات إنتاجية للنفط من أهمها المسيلة وشرق شبوة وحواريم وشرق سار وشرق الحجر وجنوب حواريم.
وأكد البيان أن أيّ “فعل من هذا القبيل جريمة واعتداء على مقدرات حضرموت وثروات أجيالها”، داعيا مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية ودول التحالف لمنع هذه الإجراءات وإلزام الجهات المتنفذة للتوقف عن النهب المنظم للثروات النفطية والغازية والمعدنية والعبث بمقدرات حضرموت.
وهدد ذات البيان بتطبيق مطالب المؤتمر وتحذيراته ومعه حلف قبائل حضرموت من خلال فرض الإرادة الشعبية على ثروات ومقدرات حضرموت على امتداد الأرض الحضرمية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news