شنت الولايات المتّحدة ليل الأربعاء غارات جوية بواسطة قاذفات إستراتيجية خفيّة من طراز بي 2 على منشآت لتخزين السلاح في مناطق يسيطر عليها الحوثيون، في رسالة أميركية مفادها أن واشنطن ستكون حاسمة وسترد بأكثر حزما وقوة على الجماعة المرتبطة بإيران، وهو ما يفسر اعتمادها على قنابل كبيرة وخارقة للتحصينات العميقة في قصفها.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في بيان إنّ “القوات الأميركية استهدفت منشآت تحت الأرض تابعة للحوثيين وتضمّ مكوّنات أسلحة مختلفة من الأنواع نفسها التي استخدمها الحوثيون في استهداف سفن مدنية وعسكرية في سائر أنحاء المنطقة”.
وأضاف أنّ “القوات الأميركية، بما في ذلك قاذفات قنابل من طراز بي 2 تابعة للقوات الجوية الأميركية، شنّت اليوم ضربات دقيقة ضدّ خمسة مواقع محصّنة لتخزين الأسلحة تحت الأرض”.
ويعتقد مراقبون أن واشنطن أرادت أن توجه إلى الحوثيين تنبيها شديد اللهجة من خلال استعمال القاذفات بي 2، وأنها ستنتقل من مرحلة الاشتباك المدروس والمحدود إلى إلحاق أضرار جسيمة بقدرات الحوثيين.
وقال الخبير اليمني المقيم في الولايات المتحدة محمد الباشا إن “هذه العملية تشير إلى تغيير في السياسة الأميركية، ما يدل على موقف أكثر صرامة تجاه سلوك الجماعة المزعزع للاستقرار”.
وتتخذ إدارة الرئيس جو بايدن تدابير معظمها دفاعي في مواجهة ضربات الحوثيين في البحر الأحمر، وعادة ما يتمثل ذلك في اعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ التي تهاجم السفن التجارية وسفنا حربية أميركية.
كما استهدفت منشآت بنية تحتية عسكرية للحوثيين لكنها تجنبت أهدافا أوسع في اليمن.
وأعلنت قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين فجر الخميس عن ستّ ضربات استهدفت مناطق شمال العاصمة صنعاء وجنوبها، إضافة إلى تسع غارات على محافظة صعدة (شمال غرب). وبعد ساعات هدّد المتمرّدون بأن الضربات الأميركية “لن تمرّ دون ردّ”.
وجاء في بيان صادر عن المكتب السياسي لحركة أنصارالله (الحوثيين) “نؤكد أن العدوان الأميركي لن يمر دون ردّ”. وأضاف “الغارات العدوانية الأميركية لن تثني اليمن عن مواصلة دعمه ومساندته لغزة ولبنان في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية المدعومة أميركيّا”.
ومنذ نوفمبر الماضي يشنّ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقا من المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتهم، في ما يعتبرونه “دعما” لفلسطينيي قطاع غزة.
ولردعهم تشن قوات أميركية وحدها أو بالاشتراك مع قوات بريطانية ضربات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن منذ 12 يناير الماضي.
ونفذ الحوثيون ما يقرب من 100 هجوم على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر ويقولون إن عملياتهم تهدف إلى دعم الفلسطينيين وإسنادهم في الحرب المستمرة مع إسرائيل منذ عام في قطاع غزة. وأسفرت الهجمات حتى الآن عن غرق سفينتين والاستيلاء على أخرى ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة.
وقال أوستن إنّه “أذن بشنّ هذه الضربات الدقيقة بناء على توجيهات من الرئيس (جو) بايدن بهدف إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة سلوكهم المزعزع للاستقرار ولحماية القوات والأفراد الأميركيين والدفاع عنهم في أحد أهم الممرات المائية في العالم”.
وفي تصريحات يمكن تفسيرها أيضا على أنها إشارة إلى إيران، قال وزير الدفاع الأميركي إن الضربة دليل ساطع على قدرة وزارة الدفاع على ضرب منشآت يصعب الوصول إليها، “بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو صلابتها أو تحصينها”.
وشدّد أوستن في بيانه على أنّ “استخدام قاذفات قنابل خفيّة وبعيدة المدى من طراز بي 2 سبيريت (…) يُظهر قدرات الضرب العالمية التي تتمتّع بها الولايات المتّحدة لاتخاذ إجراءات ضدّ هذه الأهداف عند الضرورة، في أيّ وقت وفي أيّ مكان”.
وهذه المرة الأولى التي تستخدم فيها القوات الأميركية هذا النوع من قاذفات القنابل، منذ بدء ضرباتها التي تستهدف الحوثيين.
وأصدرت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، المسؤولة عن القوات الأميركية العاملة في منطقة الشرق الأوسط، بيانا أكّدت فيه أنّ لا مؤشرات أولية على أن غاراتها التي استهدفت مواقع الحوثيين الأربعاء أوقعت إصابات في صفوف المدنيين.
وأفادت شبكة “سي أن أن” بأن قاذفات بي 2 تتفوق بشكل كبير على الطائرات المقاتلة التي استخدمت سابقا في استهداف منشآت الجماعة اليمنية وأسلحتها، موضحة أن هذه القاذفات تتميز بقدرتها على حمل كميات هائلة من الذخائر، وهو ما يمنحها قوة تدميرية فائقة مقارنة بالطائرات الأخرى.
وتبرز طائرة بي 2 كواحدة من أكثر القاذفات تقدما وفاعلية في الترسانة الأميركية، حيث تعتبر طفرة تكنولوجية هائلة، وتجسد قفزة نوعية في برنامج تحديث القاذفات الأميركية.
وتعد بي 2 بتصميمها الفريد، الذي يشبه جناحي خفاش، قاذفة قنابل متعددة الأدوار وقادرة على إيصال الذخائر التقليدية والنووية، فضلا عن توجيه قوة نارية هائلة، في وقت قصير إلى أي مكان في العالم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news