كتب/ بشرى العامري:
لم يتوقف كفاح الشعب اليمني يوماً في مواجهة الاستعمار البريطاني وتواجده في أجزاء من اليمن العظيم. غير أن اللحظة الحاسمة التي مهدت لإنهاء هذا الاحتلال كانت الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر 1963، التي انطلقت من جبال ردفان معلنة بداية النهاية لحقبة الاستعمار.
ردّاً على هذه الثورة، شنت السلطات الاستعمارية البريطانية حملات عسكرية غاشمة استمرت لستة أشهر، استهدفت خلالها القرى الآمنة والسكان المدنيين بمختلف أنواع الأسلحة، مما أدى إلى تشريد الآلاف من العزّل وإحداث دمار واسع النطاق.
اعتمدت القوات البريطانية سياسة الأرض المحروقة في هجماتها على ردفان، مُخلّفة وراءها كارثة إنسانية مروعة، ورغم قسوة هذه الظروف، كانت تلك الهجمات بداية لقصة شموخ جديدة للشعب اليمني، ومرحلة حاسمة في طريق المجد والتحرر.
ما يميز ثورة 14 أكتوبر المجيدة التي نحتفل اليوم بالذكرى الـ 61 لانطلاقتها، هو أنها لم تكن مجرد مواجهة ضد استعمار أجنبي، بل كانت انتفاضة في وجه بريطانيا، التي كانت آنذاك إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس. الثورة لم تكتفِ بطرد الاحتلال، بل حققت إنجازات عظيمة، من أبرزها توحيد الوطن وإلغاء حالة التشظي التي خلفها الاستعمار البريطاني، الذي قسّم الجنوب إلى أكثر من 18 سلطنة ومشيخة صورية تحت الحماية البريطانية.
مهدت ثورة أكتوبر بتلاحمها مع ثورة 26 سبتمبر 1962الطريق لوحدة اليمن العظيم في العام 1990، كما ساهمت ثورة أكتوبر في تحرير الوطن سياسياً واقتصادياً، وإلغاء الفوارق الطبقية، وتكريس حقوق المرأة، وفتح أبواب الحرية والمشاركة أمامها.
عرف اليمن مع هذه الثورة العظيمة معنى استعادة السيادة لابناء الشعب، ومعنى الحرية الحقيقية التي تمكن الأمة من اتخاذ قراراتها باستقلالية.
حاول الاستعمار البريطاني أن يسلب الشعب اليمني ليس فقط أرضه وحقوقه، بل حتى كرامته وإرادته في صنع مستقبله، إلا أن ثوار اليمن من جباله وسهوله، أعلنوا نهاية هذا الوهم، وقالوا للإمبراطورية العظمى التي كانت تتفاخر بانها لاتغيب عنها الشمس، إن شمس اليمن أشرقت على أبنائها وهم بكامل إرادتهم، وإن غروب الاستعمار قد بدأ مع شروق شمس ثورة أكتوبر المجيدة في جبال ردفان.
ذلك اليوم من الدهر لم تصنع اشعته شمس الضحى، بل صنعناه بأيدينا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news