كتب / شهيرة خالد :
لم تكن ثورة أكتوبر وليدة اللحظة، بل سبقها العديد من الانتفاضات الشعبية في عدد من القرى الجنوبية. حيث شهدت أكثر من 30 محمية 50 حادثًا، معظمها إطلاق النار على المراكز البريطانية والمسؤولين المحليين فيها. وشهدت عدن أكثر من 130 إضرابًا عماليًا.
كل هذا يؤكد تشكيل وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ونيل الاستقلال. سبق ثورة أكتوبر 1963 عقد مؤتمر القوى الوطنية اليمنية في فبراير بدار السعادة بصنعاء، وحضور أكثر من 1000 شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، وتوصل المجتمعون إلى اتفاق توحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن مكتسبات ثورة سبتمبر وتحرير الجنوب من الاستعمار.
وتم الاتفاق على اسم “الجبهة القومية لتحرير الجنوب”. وكان شعار الجبهة “التحرير والوحدة والعدالة الاجتماعية”. تكونت الجبهة القومية من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح. هنا كانت المرأة حاضرة، حيث انضم عدد من المناضلات إلى تنظيم الجبهة القومية مثل: نجوى مكاوي، عائدة يافعي، فوزية جعفر، أنيسة الصائغ، ثريا منقوش، فتحية باسنيد، زهرة هبة الله، وغيرهن من خلايا تنظيم الجبهة القومية السري. الذين انضموا إلى جمعية المرأة العربية أيضًا برئاسة رضية إحسان الله، ليلى حبلي، صافيناز خليفة، ونورا خليفة للعمل في الجمعية التي تنادي بحرية المرأة وحق المرأة بالعمل والمشاركة الفاعلة في النقابات العمالية وحث النساء على العمل والمشاركة في المرافق الحكومية. كان للمرأة دور بارز في النضال السلمي بالمدينة أو الانتفاضات والمواجهات بالقرى.
انطلقت شرارة ثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان الأبية بقيادة راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد قبل غروب شمس يوم الثورة بعد عودته من شمال الوطن من جبال المحابشة ومشاركته في ثورة 26 سبتمبر. اجتمع بدار السعادة بصنعاء بالرئيس السلال للحصول على السلاح، ثم عاد ورفاقه إلى ردفان، ومن هناك انتقلت الثورة إلى مرحلة الكفاح المسلح.
شنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة عقب انطلاق شرارة 14 أكتوبر استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، وتشرد على إثرها آلاف اليمنيين العزل. استمرت الغارات في هجماتها على مناطق ردفان متبعة سياسة الأرض المحروقة، مما خلف كارثة إنسانية فظيعة. ولولا صمود وصلابة إرادة الثوار، لما انتصرت ثورة 14 أكتوبر 1963.
انتقلت مرحلة الكفاح المسلح من الريف إلى المدينة، حين ألقى عدد من الفدائيين قنبلة في مطار عدن استهدفت المندوب السامي وأصابته بجروح، وقتلت نائب القائد، وأصابت عددًا من المسؤولين البريطانيين والوزراء في حكومة اتحاد الجنوب العربي الذين كانوا ذاهبين إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري. جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المستعمر وحقه في تقرير مصيره ليعجل بالاستقلال.
وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية الكفاح المسلح الجنوبي طبقًا لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كانت للمرأة مشاركة فاعلة في ثورة أكتوبر، تعرضت من خلالها للاعتقال وهي توزع المنشورات، والسجن، وكان لها شرف الاستشهاد. مثل خديجة الحوشبية ولطيفة شوذري التي سقطت شهيدة في مظاهرة. في ذكرى 14 أكتوبر يحيي اليمنيون من كل عام اليوم الذي اندلعت فيه شرارة الثورة واشتعلت بقدسية النضال من أجل التحرر من الاستعمار البريطاني والسيادة على أرض الوطن.
نستلهم من رموز الثورة دروسًا وعبرًا في حب الوطن والانتماء بفخر للوطن والاصطفاف الوطني خلف قيادة واحدة. نقف اليوم إجلالًا واحترامًا للمناضلين والمناضلات ولأرواحهم الطاهرة ونحن نقرأ تاريخهم المشرف والمشرق من أجل نيل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية. نعاهد أنفسنا على مواصلة المسيرة، فلا يزال الوطن بحاجة ماسة لتكاتف أبنائه ووحدة صفهم للوقوف أمام المخاطر حفاظًا على وحدة الوطن وأمنه واستقراره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news